لأنه ليس من بين سكانها مسئولون كبار، فقد امتدت يد الإهمال إلى جميع مرافقها وبنيتها الأساسية من كهرباء ومياه وصرف صحى وتعليم وافتقاد الأمن وانتشار للأمراض. "كفر منسابة" من القرى الصغيرة التى تتبع مركز الفشن محافظة بنى سويف، يعمل سكانها بالزراعة، يتجاهلها المسئولون بالوحدة المحلية، وكذلك المجلس المحلى بالمركز، فلم يزرها أى مسئول من قبل للوقوف على مشاكلها وحلها اللهم إلا مرشحى مجلسى الشعب والشورى قبيل الانتخابات لإعطاء الوعود للأهالى، لكن الوعود سريعا ما تختفى حتى قبل خروجهم من القرية. فمياه الشرب بالقرية لا تصلح للاستخدام الآدمى ولا حتى الحيوانى لاختلاطها بمياه الصرف الصحى رغم المغالاة الشديدة فى فواتير مياه الشرب التى لم يسبق لها مثيل، وكثيرا ما تحدث به انفجارات وكسور من الجرارات الزراعية فتخلط أيضا مياه الشرب نتيجة ذلك بمياه المصارف مما ينتج عنه انتشار الأمراض بين الأهالى حتى أصبح الفشل الكلوى والكبد ينهش أجساد أهلها الذين لا حول لهم ولا قوة. وتفتقد القرية لمشروع الصرف الصحى رغم تحصيل الوحدة المحلية رسوم نظافة إجبارية على المواطنين، كما ينقطع التيار الكهربائى عن القرية بشكل مستمر، وعندما تسأل عن السبب يكون المتهم الدائم والجاهز التحميل الزائد على الشبكات، وكأنه من المفترض أن يعيش الأهالى على لمبات الجاز حتى لا يقومون بالتحميل الزائد على الشبكات. وكذلك فلا يوجد فى القرية مستشفى ولا وحدة صحية ويضطر أهالى الكفر بالذهاب إلى مستشفى المركز، مما يؤرقهم ماليا ويزيد من أعبائهم وفقرهم ولا يوجد إلا مدرسة واحدة مكتظة بالطلاب تعمل صباحا المرحلة الابتدائية ومساء المرحلة الإعدادية، مما يؤدى إلى زيادة عدد الطلاب فى الفصول وتقصير اليوم الدراسى للمرحلة، وهذا ينعكس بالسلب عن المادة العلمية للطلاب، بالرغم أنه يوجد مبنى آخر للمدرسة أخذ قرار إزالة منذ ثلاث سنوات وإلى الآن لم تنفذ الإزالة. وتعانى القرية وأبناؤها من الهجرة لأنها المصدر الأساسى للرزق بعد الزراعة وللفئة قبل الزراعة فيقعون فى شبح الغربة، ويتركون نساءهم وأبناءهم يتلطمون فى الظلمات وفى الحقول الزراعية وزرابى المواشى. واعتقدوا أن مشروع النهضة هو المنقذ لهم من بحر الظلمات فأخذوا العهد على أنفسهم أن يتبنوه، فصوتوا بنسبة 99% لحزب الحرية والعدالة فى الانتخابات البرلمانية السابقة وللدكتور مرسى فى جولتى الانتخابات الرئاسية والاستفتاء على الدستور. الحياة غير الآدمية التى يعيشها أهل الريف فى القرى والنجوع، هى حياة بطعم الموت، رغم أنهم الأغلبية، لكنهم مهمشون فى وطنهم.. يعيشون بلا مرافق ولا خدمات ولا أى شىء يشعرهم بأنهم أحياء فى وطن يحترم أبناءه ، ورغم كل هذه المآسى والظروف الحياتية القاسية، فإنهم أكثر وطنية من المتلاعبين والمتاجرين بمستقبل مصر.