سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
محللون غربيون: المصريون يحرجون واشنطن للمرة الثانية.. الولايات المتحدة تتعامل مع مرسى بسياساتها مع مبارك.. الموقف الأمريكى المتخبط من الإعلان الدستورى يهدر فرصة لتصحيح العلاقة مع مصر
للمرة الثانية يضع الشعب المصرى إدارة الرئيس باراك أوباما فى موقف حرج، فيبدو أن الإدارة الأمريكية اعتادت التردد فى مواقفها من الرفض الشعبى لحلفائها فى مصر. فبعد ترددها إزاء مطالبة حليفها السابق حسنى مبارك بالرحيل قبل أقل من عامين أمام طوفان شعبى هائل، تكرر واشنطن موقفها من الإعلان الدستورى الديكتاتورى، الذى أصدره الرئيس محمد مرسى قبل أسبوع، مفجرا ثورة ثانية من الغضب. ويقول محللون أمريكيون، وفق صحيفة واشنطن تايمز، إن قيام مرسى بالاستيلاء على سلطات واسعة فى البلاد، يمثل فرصة فريدة لإدارة أوباما لاتخاذ موقف حازم يوضح ما يمكن أن تتسامح معه الولاياتالمتحدة فى ظل حكومات ما بعد الربيع العربى. وأكد روبرت دانين، الزميل البارز بمركز دراسات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التابع لمجلس العلاقات الخارجية، "إن ما يحدث فى مصر يمثل اختبارا حاسما لكيفية تعامل الأحزاب الإسلامية مع السلطة". ويقول سامر شحاتة، أستاذ السياسات العربية بجامعة جورج تاون، إنه لا ينبغى على الولاياتالمتحدة أن تصمت إزاء تحركات تهدد الانتقال نحو الديمقراطية، وأضاف أنها أيضا تحتاج ألا تظهر كفتوة. وفيما أدان الاتحاد الأوروبى صراحة الإعلان، مطالبا مرسى بالالتزام بالمسار الديمقراطى، وهدد بالتراجع عن حزمة المساعدات المالية المقررة لمصر، واكتفت الخارجية الأمريكية بالإعراب عن مخاوفها من القرارات الأخيرة، كما خرجت قبل ساعات فيكتوريا نولاند، المتحدثة باسم الوزارة لتقول إن الأوضاع غير واضحة، وإن واشنطن بحاجة إلى مزيد من المعلومات بشأن الوضع فى مصر. ووسط سيل من الإدانات الشعبية وإدانات منظمات حقوق الإنسان المحلية والعالمية، رفضت وزيرة الخارجية هيلارى كلينتون وصف تحركات مرسى بغير الديمقراطية، أو التلميح بأنها قد تكلف مصر المساعدات المالية الأمريكية. وقد حذر الكاتب الأمريكى البارز توماس فريدمان، الرئيس أوباما من التخلى عن تحقيق الديمقراطية فى مصر لمصلحة التهدئة بين إسرائيل وحماس، والتى يلعب فيها مرسى دورا حاسما. وأكد الكاتب فى مقالة بصحيفة نيويورك تايمز، أن أوباما يحتاج إلى أن يكون حذرا وألا يتخلى عن تحقيق الديمقراطية للشعب المصرى، فى سبيل التهدئة بين إسرائيل ومصر وحماس، مضيفا لقد حاولنا ذلك فى ظل حكم مبارك، ولم ينته الأمر نهاية جيدة". وتشير واشنطن تايمز، إلى أن طبيعة موقف الإدارة الأمريكية الحذر، أصاب محللى السياسة الأمريكية بالحرج، إذ أشاروا إلى أن كلينتون ربما شجعت عن غير قصد تحركات مرسى، من خلالها ثناءها وشكرها لدوره فى أزمة غزة. ويقول مايكل روبين، الباحث بمعهد إنتربرايز، يبدو عن قصد أم لا، أن الرسالة التى فهمها مرسى من كلينتون أن الاستقرار ينتج ديمقراطية، وأضاف أن ما فعله مرسى يظهر الألوان الحقيقة للإخوان المسلمين. وفيما يطغى الدور الإقليمى لمصر دائما على الإصلاحات الداخلية لدى واشنطن، تقول وكالة الأسوشيتدبرس إن الولاياتالمتحدة وقفت فى هذا الموقف نفسه من قبل، إذ أشادت بالرئيس السابق لدوره البطولى فى جهود السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، بينما تعرب عن قلقها إزاء التزامه بالديمقراطية فى الداخل، ولكن فى ظل محدودية الخيارات، فإن إدارة أوباما وضعت ثقتها فى مرسى. وتضيف أن توقيت الإعلان الدستورى وضع البيت الأبيض فى موقف حرج، فإنه أتى بعد ساعات من إشادة مساعدو أوباما لمرسى وشكر الرئيس الأمريكى ووزيرة خارجيته للرئيس المصرى عن دوره كصانع للسلام. وحتى الآن، تبدو الولاياتالمتحدة أنها تسير على نهجها القديم مع مبارك، فإنها ترغب فى فصل المناورات السياسية الداخلية لمرسى عن دوره كوسيط فى الشرق الأوسط، وقد قال كاى جارنى، المتحدث باسم البيت الأبيض، نحن نعتقد اعتقادا راسخا بأن هذه القضايا يجب أن تحل داخليا كجزء من الانتقال إلى الديمقراطية. وهذا الموقف المتخبط فى السياسة الأمريكية يمثل مخاطرة بإهدار فرصة نادرة، لإعادة تعريف العلاقة بين واشنطن والقاهرة، التى كانت مشوهة ومضللة خلال عهد الرئيس مبارك، ويشير دانين إلى أن الحقبة الاستبدادية فى مصر تميزت باتفاق غير معلن بين قادة الولاياتالمتحدة، لتجاهل ممارسات مبارك مقابل أن يعمل نظامه على تسهيل أهداف السياسة الخارجية لأمريكا فى المنطقة. وفيما كانت الإطاحة بمبارك فرصة لأمريكا لتطوير وتحديد علاقة جديدة بعيدا عن الصفقات السرية، يحذر المحللون أن طريقة رد واشنطن وتعاملها مع استيلاء مرسى على السلطة سيكون له تداعيات على مستوى المنطقة.