وزير الزراعة: نمو الحاصلات الزراعية 20% ونستهدف 12 مليار دولار بالصادرات    وزير العدل الفلسطيني: اعترافات دولية متزايدة تعزز الأساس القانوني لدولتنا(فيديو)    مصادر ل "القاهرة الإخبارية": بدء لقاء ترامب مع قادة دولة عربية وإسلامية لبحث الأزمة في غزة    من قلب جدة.. بيراميدز يفوز على الأهلي بثلاثية في كأس الإنتركونتيننتال    التعليم توضح: اللغة الأجنبية الثانية مادة نجاح ورسوب تُدرج في الامتحانات ولا تُضاف للمجموع    مصطفى قمر يشوق جمهوره ببوستر ألبومه "قمر 25" ويكشف عن تفاصيله    تشكيل فريق عمل مشترك بين وزارة الأوقاف وجمعية نهضة العلماء الإندونيسية لتعزيز التعاون    الداخلية تُساهم بالعديد من المبادرات لمشاركة الإحتفال باليوم العالمى للصم    جامعة المنيا تراجع الاستعدادات النهائية بمباني الإسكان الفندقي المتميز بالمدن الجامعية    تعليق غريب من مسلم بعد انفصاله عن زوجته يارا تامر    شفيق التلولي ل"كلمة أخيرة": الدعم الدبلوماسي غير المسبوق للاعتراف بدولة فلسطين لحظة تاريخية    نشأت الديهي: هجوم لاذع على إسرائيل من أمير قطر وأردوغان فى الأمم المتحدة    قرارات عاجلة من «صحة المنوفية» بشأن مستشفى السادات المركزي بالمنوفية    الصحة: إنقاذ شاب من إصابة مميتة بالقلب في مستشفى المنصورة الدولي    سوريا.. المواجهات في السويداء تتسبب في نزوح 200 ألف مدني    حزب الإصلاح والنهضة: معايير دقيقة لاختيار المرشحين واهتمام كبير بتمكين الشباب والمرأة    «بتعرف تعمل اللي عاوزاه».. أبراج مكارة ولئيمة    متحدث الأوقاف: انطلاق 945 قافلة دعوية غدا ضمن مبادرة "صحح مفاهيمك"    نابولي يجدد تعاقده مع بوليتانو ل 3 مواسم رسميا    «حصدت 164 ميدالية».. جامعة الإسكندرية تتصدر بطولة الجامعات المصرية للعام ال12 على التوالى    8 أخطاء شائعة تمنع نزول الوزن وتقف في طريق رشاقتك    متحدث الصحة: نتعاون مع التعليم ومؤسسة الأزهر لضمان عام دراسى آمن صحيا للطلاب    رونالدو وماني خارج تشكيل النصر ضد جدة في كأس خادم الحرمين    حملة موسعة لرفع الإشغالات بشارع الوحدة في إمبابة    مصرع شخص متأثرا بإصابته في حادث انقلاب سيارة ملاكى بطهطا في سوهاج    أمين الفتوى يوضح كيفية الصلاة على متن الطائرة ووسائل المواصلات.. فيديو    ما حكم الاستثمار فى صناديق الذهب؟ أمين الفتوى يجيب    ما حكم الحصول على مال مقابل "لايكات" على فيديوهات المنصات؟ أمين الفتوى يجيب    داعية إسلامية: الصبر والحمد وقود النجاة من الابتلاءات    مشهد بديع التقطته الكاميرات.. سقوط أمطار على المسجد الحرام (صور)    جولة رئيس جهاز حماية المستهلك تتصدى لمخالفات البيع بأزيد من السعر المعلن    تقرير - من الحداثة إلى الظلام.. هل انتهت ثورة جوارديولا الفنية مع مانشستر سيتي؟    ليفربول ضد ساوثهامبتون.. إيزاك يقود هجوم الريدز فى غياب محمد صلاح    الرئيس التنفيذي ل "صندوق الإسكان الاجتماعي" تعرض التجربة المصرية الرائدة لتوفير السكن الملائم للمواطنين    معهد تيودور بلهارس للأبحاث ينظم ورشة عمل "جراحات المناظير المتقدمة"    الواسطى وناصر ببنى سويف يستعدان لفصل الشتاء بهذة الإجراءات (تفاصيل)    اليوم العالمي للغة الإشارة.. 4 خطوات أساسية لتعلمها وإتقانها    محافظ أسوان يتابع حملة رفع أكثر من 400 حالة إشغال بالسوق السياحي القديم    المستشار محمود فوزي يبحث مع وزير الشباب مبادرات مشتركة تستهدف توعية وتأهيل النشء    حيلة من مدرب الأهلي السعودي قبل مباراة بيراميدز.. ما القصة؟    دول غربية تعرض المساعدة في علاج مرضى من غزة في الضفة الغربية    وزيرة التنمية المحلية توجه بدعم السياحة البيئية بالمنطقة    الرئيس يرد قانون الإجراءات الجنائية ويصدر قراراً بالعفو: رسائل عدالة وإنسانية    إيران: اليورانيوم المخصب بنسبة 60% ما زال تحت الأنقاض    بالمستند.. «التعليم» تصدر تعليمات بشأن دراسة مادة اللغة الأجنبية الثانية    المرأة العربية تطلق ورشة حول الدليل التدريبي لمنهجية إعداد التقارير للقضاء على التمييز    دعاء استقبال شهر ربيع الآخر 1447.. ردده الآن    مواصلة الجهود الأمنية لتحقيق الأمن ومواجهة كافة أشكال الخروج على القانون    نسرين عكاشة: موافقتي على جزء سادس من مسلسل "ليالي الحلمية" غلطة وندمانة عليها    أورنچ بيزنس شريك التكنولوجيا الرسمي لمعرض «سيتي سكيب مصر» 2025    أعضاء «الشيوخ» الجدد يتوافدون على المجلس لاستخراج بطاقات العضوية    المفوضية الأوروبية تعلن خطة خاصة لإعادة إعمار غزة وتعزيز الدولة الفلسطينية    مواعيد مباريات اليوم الثلاثاء 23 سبتمبر 2025 بالدوري المصري والبطولات العالمية    آخر تحديث لسعر الذهب اليوم وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الثلاثاء 23 سبتمبر 2025    أسعار الفراخ اليوم تفاجئ المستهلك بعد ارتفاعها أمس    نجم المصري السابق: الكوكي أقل من النادي.. والساعي إضافة قوية للفريق    بعد البيانو.. سميح ساويرس يكشف عن حلمه الجديد: أستعد لإخراج أول أفلامي.. وهذه نصيحي للشباب    الداخلية تكشف ملابسات صورة جرافيتي على مبنى محافظة الدقهلية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تجاوز مرفوض

لقد كان لعرض الفيلم المسئ للرسول (صلى الله عليه وسلم) الذى شارك فيه بعض أقباط المهجر كثير من التداعيات، ومنها قيام أحد المشايخ بتمزيق الإنجيل أمام السفارة الأمريكية وآخر بالهجوم المضاد على أقباط المهجر بالقول الخارج والتجاوز اللفظى الذى لا نرتضيه خلقا ولا دينا.
وللأسف الشديد فقد أصاب بعض شظايا هذا الهجوم إخواننا المسيحيين فى مصر.
لذا فإننى أسأل هذا الشيخ وذلك الداعية وكل من يسير على دربهما أو يوافق على فعليهما، من هو قدوتكم؟ وأظن أن الإجابة لن تخرج عن أنه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حبا له ونزولا على الآية الكريمة "لكم فى رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر"، ودعونا نتخيل لو أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كان موجودا، فماذا نظنه كان فاعلا؟.
إن السيدة عائشة رضى الله عنها، عندما سئلت عن خلق رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، قالت " كان خلقه القرآن"، كما قالت "لم يكن فاحشا، ولا متفحشا، ولا صخابا فى الأسواق، ولا يجزى بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويصفح أو قالت: يعفو ويغفر". وقد نقلت لنا السنة الشريفة بعض الحالات التى تم فيها التجاوز على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ومع ذلك كان يقابل دائما الإساءة بالعفو والغضب بالحلم والشدة بالأناة. وعليه فأقول لمن تجاوز لو أن قدوتك رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كان موجودا، أتظن خلقه وعفة لسانه وحلمه وتسامحه كان يتسبب بخروج أى لفظ جارح أو فعل مهين كما فعلتم ؟!! فهذا الفعل لا يتنافى فقط مع فعله (صلى الله عليه وسلم)، ولكنه يتنافى كذلك مع أخلاق ديننا الحنيف" إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق".
ولا يدفعنا تدنى طرف إلى التجاوز، فكل بئر تنضح بما فيها، ويوضع لنا القرآن المنهج عند التعامل بعدم رقى إنسانى من الآخرين، وذلك فى اثنتين وهما "أنه إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا فى حديث غيره إنكم إذا مثلهم" و"وإذا رأيت الذين يخوضون فى آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا فى حديث غيره". لذا فإن هذا التجاوز لا يتنافى فقط مع فعله (صلى الله عليه وسلم) ولا مع أخلاق ديننا ولا مع المنهج الذى رسمه لنا القرآن فى حالات التجاوز، ولكنه يتنافى كذلك مع أسلوب الدعوة الذى أمرنا به القرآن ولنتذكر آية "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتى هى أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين، وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين. وأصبر وما صبرك إلا بالله ولا تحزن عليهم ولا تك فى ضيق مما يمكرون".
بل إن هذا التجاوز ممن ينسبون إلى الإسلام يسئ إلى الإسلام ذاته، فضلا عن كل ما سبق. وذلك من 3 طرق أولهما أنه يعطى انطباعا لغير المسلمين أن هذه الأخلاقيات وهذا السلوك وهذه التجاوزات هى أخلاقيات إسلامية !!، والإسلام منها برئ. وثانيهما أن هذا الداعية أساء للمعاملات الإسلامية الراقية فهو كما يظهر من حديثه أنه لم يفهم الجزية بشكل صحيح فأساء إليها، وتكلم عنها كأنها عقوبة رغم أنها تمثل قيمة إنسانية عالية وتعنى حرية الاعتقاد منذ ذلك الوقت مع تحمل مسئولية المواطنة بحدها الأدنى (وسوف أفصلها فى مقال آخر).إنه هنا لم يفهم الإسلام الذى يدعو إليه، وأساء إليه وجعله عقوبة يخيف الآخرين بتطبيقها. فأصبح الوضع الآن الخوف من الوجود الإسلامى بدلا من الأمن فى الجوار الإسلامى، وما ذلك إلا بسبب الداعين للإسلام وبعض المنتمين له !! وثالثهما أن ندخل فى معارك الإساءة المتبادلة والتى نسئ فيها لديننا بأيدينا ولم نتفهم الآية الكريمة "ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم كذلك زينا لكل أمة عملهم ثم إلى ربهم مرجعهم فينبئهم بما كانوا يعملون".
بل أن هذه الردود تسببت فى جرح وإساءة لآخرين وهم باقى إخواننا المسيحيين بغير حق. وقد علمنا ديننا أنه "لا تزر وازرة وزر أخرى" فلا يعاقب والد بخطأ ولده ولا ولد بخطأ أبيه.
ويمكن أن أشير أيضا إلى كتاب الرسول (صلى الله عليه وسلم) لنصارى نجران والتى ذكر فيها "ولا يؤخذ منهم رجل بظلم رجل آخر". ففعل بعض أقباط المهجر أو حتى لو كان من مسيحيى مصرى من الداخل، يحاسب هو نفسه عليه. فلا يجب أن يتم التجاوز فى رد الفعل، لا فى درجة العقوبة المناسبة للفعل، ولا فى دائرة العقوبة والتى يجب أن تشمل المخطئين فقط.
وللأسف الشديد فإن الطبيعة البشرية – إن لم تهذب - تتجاوز فى توسيع دائرة العقوبة. لذا نرى فى أنحاء مصر معارك العائلات وحوادث الثأر، والتى جميعها تبدأ بمشاكل فردية، كان يجب قصرها على المسئول عنها، ولكن يتم توسيع دائرة الانتقام لتشمل أقرباءه أو عائلته أو حتى قريته. وحادث قيام أهل قرية بإشعال النيران فى 13 منزلا بقرية أخرى انتقاما لمقتل أحد أفرادها فى شجار بسبب أسبقية الرى بالبحيرة (اليوم السابع 29/8/2012) ليست منا ببعيد. بل أن هذا التجاوز يتم أيضا حتى على المستوى العالمى وبالفكر الغربى المفترض تقدمه. وما قامت به أمريكا بعد 11/9 من توسيع دائرة الانتقام لتدمير دول وشعوب بلا ذنب ولا جريرة، للرد على خطأ بضعة أفراد لمثال على هذا التجاوز الصارخ، ولكنى فى هذا المقال أخاطب رجالا يفترض أنهم رجال دين. فالواجب كان يقتضى أن يغيروا هذه العادات السيئة لا أن يسايروها، إن كانت تتعارض مع الدين، وهى بالفعل تتعارض معه.
هذا فضلا أن هذه التجاوزات لا تصب إلا فى مفسده تدمير الوطن، وذلك بزرع الكراهية بين أبنائه، وإثارة الفتنة بينهم، والفتنة أشد من القتل.
إننى لولا أننى أخاف من نشر إساءة هذا الداعية، وما تعنيه من زيادة التجريح لأخ الوطن، لتقدمت ببلاغ ضده بازدراء الدين المسيحى والإساءة للدين الإسلامى، وبالنسبة للشيخ فإنه بالفعل مقدم حاليا للمحكمة الجنائية لازدرائه الدين المسيحى وإن كنت أظن أن هذا هو جزء فقط من خطئه. لأننى أظن أنه أساء أيضا للدين الإسلامى ولوحدة الوطن وتآلف مواطنيه. إن العلاج لا يمكن أن يكون بتبادل السباب والإهانة والتجريح. فكل من يرتضى لنفسه بإهانة وازدراء أديان الغير، يجب أن يتوقع المثل من الآخرين، ولن يتحقق من كل هذا التجريح هدف ولا غاية إلا جروح وفرقة بين أشقاء الوطن.
لذا فتفعيل قانون تجريم ازدراء الأديان واحترام معتقدات الغير، مصريا وعالميا سيعمل على وقف هذه التجاوزات وتدعيم السلم الداخلى والسلم العالمى. كما أناشد الداعية والشيخ ومن يسير على دربهما بمراجعة أنفسهم. فالرجوع إلى الحق فضيلة وقد أسأتم لديننا قبل أن تسيئوا للآخرين. هدانى الله وإياكم والسلام على من اتبع الهدى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.