قال الدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجرى، المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة – إيسيسكو-، إن التعددية الثقافية من الموضوعات المهمة التى توليها النخب الثقافية والفكرية والأكاديمية العالمية اهتمامها، تعزيزًا لقضايا السلام والعدل، ولاستقرار المجتمعات الإنسانية، ولإشاعة ثقافة التسامح وقيم الاحترام المتبادل، والحق فى الاختلاف وفى الحفاظ على الخصوصيات الروحية والثقافية والحضارية للأمم والشعوب. وشدد المدير العام فى كلمة له فى افتتاح ورشة عمل حول (التعددية الثقافية فى حياة المجتمع) عقدت اليوم فى باكو فى إطار الدورة الثانية لمنتدى باكو الدولى الإنسانى، التى ألقاها بالنيابة الدكتور أحمد سعيد ولد اباه، مدير العلاقات الخارجية والتعاون فى الإيسيسكو، على أن الحوار بين الثقافات لن يكون إلا بما عبر عنه القرآن الكريم ب (التعارف)، والذى هو فى مدلوله العميق (تبادل المعرفة)، بما يفضى إلى توسيع دائرة الاعتراف بالآخر واحترام وجوده وخصوصياته، وتعميق المعرفة واستثمارها لخدمة الإنسانية ولبناء الحضارة. ومن هذا المنظور: "يكون احترام التعددية الثقافية وحمايتها وصونها، حقًا من حقوق الإنسان، وشرطاً من شروط الحضارة، وركيزة من ركائز الأمن والسلم والاستقرار فى هذا العالم، لأن ثقافات العالم متعددة المشارب والمنابع، وحضاراته متنوعة المصادر والأسس والاتجاهات، وتلتقى جميعُها عند قيم إنسانية مشتركة، ومبادئ والأساس فى تأصيل مبادئ القانون الدولى." وقال إن التعددية الثقافية هى السبيل إلى إقرار مبادئ قانونية إنسانية جامعة إذا أحسن توظيفها، لاستخلاص أهم ما فيها من قيم ونظم ومبادئ ومثل. وأشار إلى أن ميثاق الأممالمتحدة، والإعلان العالمى لحقوق الإنسان، والعهود والمواثيق الدولية الأخرى، والفتاوى التى تصدر عن محكمة العدل الدولية، كل ذلك مستوحى من القيم الإنسانية المشتركة التى هى عصارة الثقافات وخلاصة الحضارات التى تعاقبت، وهذا ما يجعل التعددية الثقافية مصدراً لغنى منظومة القوانين الدولية، وصمام الأمان ضد الانحراف عن المبادئ العليا التى تستند إليها هذه المنظومة، وهى الرصيد الحضارى المشترك بين جميع البشر، الذى لا يزيده تعاقب العصور إلا غنى ووفرة. وأوضح المدير العام للإيسيسكو فى كلمته أن (إعلان اليونسكو العالمى بشأن التنوع الثقافى) الصادر فى سنة 2001، يؤسس لحركة إنسانية عالمية من أجل تأصيل التنوع الثقافى، مشيراً إلى أن (اتفاقية حماية وتعزيز تنوع أشكال التنوع الثقافى) التى اعتمدها المؤتمر العام لليونسكو فى سنة 2005، عن هذه القيم المشتركة باعتبارها رصيدًا غنيًا للبشرية جمعاء، تستفيد منه فى إصلاح أحوال العالم، وفى تعزيز الحوار بين الثقافات والتحالف بين الحضارات، وفى نشر ثقافة السلام والعدل التى تعزز التعددية الثقافية. وقال المدير العام فى كلمته إن هذه المعانى الإنسانية يعبر عنها (الإعلان الإسلامى حول التنوع الثقافى) الذى وضعته الإيسيسكو واعتمده المؤتمر الإسلامى الرابع لوزراء الثقافة المنعقد فى الجزائر فى ديسمبر سنة 2004م. وهو ما يستدعى تضافر الجهود وتعبئة القدرات لترسيخ قواعد السلام العالمى، من خلال احترام التعددية الثقافية فى المجتمعات الإنسانية بهدف خدمتها والنهوض بها وتحقيق الازدهار والاستقرار لها.