آخر تطورات سعر الدولار في البنوك، يسجل 47.62 جنيه بالمركزي    "الداخلية" تواصل فعاليات المرحلة ال 27 من مبادرة "كلنا واحد" لتوفير مستلزمات الأسرة بأسعار مخفضة    رئيس مصلحة الجمارك: لا رسوم جديدة على المستوردين مع تطبيق نظام ACI على الشحنات الجوية يناير المقبل    المبادرة الرئاسية "تحالف وتنمية" تصل للمرحلة النهائية للتقييم بعد اجتياز 9 تحالفات    وزير الخارجية ل رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي: اتخذنا إجراءات لتحسين مناخ الاستثمار    وزير الخارجية يكشف لليوم السابع تفاصيل العلاقات مع قطر والصفقات الاقتصادية    الجيش الإسرائيلي يعلن أنه قضى على 3 أشخاص أثناء محاولتهم عبور "الخط الأصفر" شمالي قطاع غزة    أمير قطر يلتقي الشرع على هامش فعاليات منتدى الدوحة    مدرب نيوزيلندا: مجموعتنا صعبة.. والفوز ليس مستحيلا    موعد مباراة برشلونة ضد ريال بيتيس والقناة الناقلة    ضبط 4 أشخاص بحوزتهم 61 ألف عبوة سجائر مهربة ومجهولة المصدر بمطروح    الحماية المدنية تدفع ب 4 سيارات إطفاء لإخماد حريق داخل عقار بالتوفيقية    أول تعليق من بيطري الشرقية على ظهور تماسيح صغيرة داخل مصرف مائي بالزوامل    أم كلثوم ألهمت أمة فماذا ستفعل الست منى زكي؟!    فيلم الست يعبر جدل البرومو.. ويحصد إعجاب نقاد وصناع سينما وأسرة أم كلثوم    بعد الإعلان عن عرضه 31 ديسمبر.. أزمة فيلم الملحد تتجه للنهاية    وزير الخارجية يؤكد أهمية تعزيز التعاون بين مصر والمنتدى الاقتصادي العالمي    مدرب سوريا: مباراة فلسطين صعبة وتركيزنا على حسم التأهل فى كأس العرب    الطقس غدا.. انخفاض بالحرارة وأمطار وشبورة والعظمى بالقاهرة 21 والصغرى 12    جامعة القاهرة تبدأ إجراءات نقل إدارة مشروع الإسكان لمؤسسة الجامعة 2020 لضمان استدامته    "الإسكندرية" تحصل على لقب الجامعة الأكثر استدامة في أفريقيا لعام 2025    اللجنة القضائية تتفقد لجان التصويت في الجمعية العمومية لنقابة المحامين    محمد سامي يكشف أحدث أعماله من داخل مهرجان البحر الأحمر 2025    مواقيت الصلاه اليوم السبت 6ديسمبر 2025 فى المنيا..... اعرف صلاتك بدقه    تحليل فيروسات B وC وHIV لمتعاطي المخدرات بالحقن ضمن خدمات علاج الإدمان المجانية في السويس    حارس بتروجت: تتويج بيراميدز بإفريقيا "مفاجأة كبيرة".. ودوري الموسم الحالي "الأقوى" تاريخيا    السيسي يوجه بمحاسبة عاجلة تجاه أي انفلات أخلاقي بالمدارس    الأوقاف تعلن مواعيد المقابلات الشخصية للمتقدمين لشغل وظائف بالشئون القانونية    آخر تطورات سعر الريال السعودى أمام الجنيه فى البنوك المصرية اليوم السبت    رانيا المشاط: الالتزام بسقف الاستثمارات عند تريليون جنيه العام الماضي فتح المجال لمزيد من استثمارات القطاع الخاص    وزير الأوقاف يعلن عن أسماء 72 دولة مشاركة في مسابقة القرآن الكريم    وكيل طب قصر العيني: اللقاءات العلمية بين التخصصات المتداخلة محور أساسي في خدمة المرضى    دراسة أمريكية توضح.. لماذا لم يتم إدراج البطاطس في النظام الغذائي الصحي؟    محافظ الشرقية يتابع الموقف التنفيذي لسير أعمال إنشاء مجمع مواقف مدينه منيا القمح    اندلاع حريق ضخم يلتهم محتويات مصنع مراتب بقرية العزيزية في البدرشين    أسماء جلال تستمر في نشاطها الفني باللعب في مساحات تمثيلية آمنة    «ساعة بلا كتاب.. قرون من التأخر» شعار معرض القاهرة ونجيب محفوظ شخصية العام    القومي للمرأة ينظم فعالية «المساهمة في بناء المستقبل للفتيات والنساء» بحديقة الأزهر    حازم الجندى: القائمة البيضاء وكارت التميز نقلة نوعية فى فلسفة التحفيز الضريبى    وزير الأوقاف: مصر قبلة التلاوة والمسابقة العالمية للقرآن تعكس ريادتها الدولية    الجيش الباكستاني: مقتل 9 مسلحين خلال عمليتين أمنيتين بإقليم "خيبر بختونخوا"    السجن 3 سنوات لعامل بتهمة الاتجار فى المخدرات بسوهاج    الصحة: فحص أكثر من 7 ملابين طالب بمبادرة الكشف الأنيميا والسمنة والتقزم    تشغيل وحدة جراحات القلب المفتوح وعناية للقلب بالمجمع الطبي الدولي بالأقصر    بحضور وزير الأوقاف بدء المؤتمر العالمي لافتتاح المسابقة العالمية للقرآن الكريم في "نسختها ال32"    946 شكوى للأوقاف و9 آلاف للبيئة.. استجابات واسعة وجهود حكومية متواصلة    مواعيد مباريات اليوم السبت 6- 12- 2025 والقنوات الناقلة    استشهاد فلسطينيين وإصابة آخرين في قصف الاحتلال الإسرائيلي لبيت لاهيا    وزيرا الأوقاف والرياضة يفتتحان فعاليات المسابقة العالمية ال32 للقرآن الكريم| صور    الصحة: توقعات بوصول نسبة كبار السن من السكان ل 10.6% بحلول 2050    منتخب مصر المشارك في كأس العرب يواجه الإمارات اليوم بحثا عن الانتصار الأول    وزير الري يتابع أعمال حماية الشواطئ المصرية للتعامل مع التأثيرات السلبية لتغير المناخ    لاعب بلجيكا السابق: صلاح يتقدم في السن.. وحصلنا على أسهل القرعات    بيراميدز يسعى لمواصلة انتصاراته في الدوري على حساب بتروجت    بعتيني ليه تشعل الساحة... تعاون عمرو مصطفى وزياد ظاظا يكتسح التريند ويهيمن على المشهد الغنائي    "قتل اختياري".. مسلسل يفتح جرحًا إنسانيًا عميقًا ويعود بقضية تهز الوجدان    استكمال محاكمة 32 متهما في قضية اللجان المالية بالتجمع.. اليوم    مصر والإمارات على موعد مع الإثارة في كأس العرب 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ليست معركة
نشر في اليوم السابع يوم 20 - 03 - 2009

تحمل خمسة عشر شاعرا عربيا شابا مشقة المجىء إلى القاهرة على نفقتهم الخاصة للمشاركة فى ملتقى شعرى «قرديحى» تستضيفه نقابة الصحفيين، يعنى الحاجة إلى «قاهرة» أخرى، لا تدار شئون الثقافة فيها بواسطة رجال يعيشون أجواء الاتحاد الاشتراكى العربى، ويملكون قدرة نفى من يخالفهم الرأى، أنت أمام مشهد فريد فى الثقافة المصرية، مؤتمر رسمى تنظمه الدولة اعتذر معظم المدعوين إليه، وآخر معنى بقصيدة النثر التى تكتب بالعربية الجميلة ولا يعترف بها أولو الأمر، ولا تعترف بها المعارضة ويحاربها الأصوليون، ويكتبها معظم شعراء هذا الزمان، المؤتمران فى توقيت واحد وفى عاصمة واحدة، دعاة تقديس الماضى يعتبرونها معركة فى الشعر، وهى ليست كذلك، هى أكثر من ذلك، لأن الذين احتكروا الحقيقة هم الذين أوصلونا إلى ما نحن فيه، والذين حاصروا الخيال الجديد قبضوا ثمن تثبيت المشهد على ما هو عليه، وهم الذين وقفوا ضد التغيير فى شتى مناحى الحياة، حتى لو ادعوا غير ذلك، فى السنوات الفائتة قالوا إننا نعيش زمن الرواية، وإنها أصبحت ديوان العرب وإن الشعر (الذى تربوا عليه فى المدارس) يلفظ أنفاسه الأخيرة، ولم يعرفوا بعد أن الحيل القديمة أصبحت قديمة، الحيل التى أجلستهم على «المنابر»، ولم يعرفوا أيضاً أن أجيالاً جديدة ظهرت (وهذه سنة الحياة) تناضل بالكتابة، وتدفع ضريبة كبيرة لكى تشعر بالحرية، ولكى تحرر اللغة من الكوابيس وتجعلها لغة علمانية.. ما حدث فى اليومين الماضيين مواجهة بين طريقتين فى التفكير، بين جيل ينتمى إلى العصر الشمولى ويملك آلياته وصولجانه وفنادقه الفخيمة وجوائزه ومنحه، وجيل آخر على باب الله لا يسعى للمجد ولا للسلطة، ولكنه ينجز شيئا يراه مختلفا، شيئا يعتبره السلفيون ليس شعرا لأنه لم يلتزم بالمواصفات القياسية التى أقرها الخليل بن أحمد الفراهيدى، ولكنه شىء يكتبه معظم شعراء العربية الآن ويتواصلون به ويكتشفون من خلاله صداقات شفافة مع قارئ تعب من الوصاية والاسترخاء الذهنى والبلاغى. بالطبع ليس كل ما يكتب فى الشعر الجديد جيدا ولكن الشعر الجميل غزير ومتنوع ويدعو للتفاؤل.
الرواد الذين يجلسون على المنابر والمنصات قدموا خدمة جليلة للشعر الجديد، لا أحد ينكر ذلك، فيكفيهم كسر هيبة العمود الشعرى المقدس، لأنهم بذلك بدأوا ثورة تزامنت مع حركات التحرر التى اجتاحت العالم فى الخمسينيات والستينيات، وكان لهؤلاء الرواد الفضل فى تحريك الشعر العربى إلى الأمام، رغم احتفاظهم بالأغراض القديمة، من مديح وهجاء وغزل ووقوف على الأطلال، إلى أن جاءت هزيمة 67 فأجهزت على النموذج «الذى أعجب بنفسه» بعد أن صار سفيرا لخيال الحكم الذى دعمه وعضده، (هذه الهزيمة طالت أيضا الغناء والمسرح والترجمة والنقد وفن التلاوة) وظهر شعراء السبعينيات وخاضوا معركتهم بشرف وكتبوا شيئا يعبر عن الانكسار، ولكنهم فقدوا التواصل مع البشر الذين كانوا فى حاجة إلى من يؤكد لهم أنهم يعيشون فى هذا العالم، وتحمل السبعينيون الكثير من النقد والنفى، وخاضوا فيما بينهم معارك سريالية أضرت بتجربتهم، ثم جاء الثمانينيون وعانوا أيضا من نفوذ وجبروت الذوق القديم، ولكنهم وضعوا القارئ هدفا، فرقت قصائد معظمهم.
لأنهم أبناء للقصيدة العربية من امرئ القيس إلى آخر قصيدة تكتب الآن، وكانت الهزيمة الثانية والحاسمة لقصيدة الرواد فى سنة 90 عندما غزت العراق الكويت، ثم جاء الأمريكان بدباباتهم وصحفهم ورجالهم وفضائياتهم فتخلص معظم شعراء الثمانينيات بدون اتفاق من الحيل البلاغية والإيقاعية القديمة وكتبوا بدون اتفاق قصيدة خالية من الأمجاد تشبههم وتؤكد على وحدتهم، قصيدة تشير ولا تفصح، لكل واحد منهم صوته فيها، وتصادقوا بعيداً عن مهرجانات وزارات الثقافة التى تحتفى بنوع معين من الشعراء وبنوع «راسخ» من التفكير، وهؤلاء هم الذين أعدوا للملتقى الأول لقصيدة النثر والتى تستضيفه مشكورة نقابة الصحفيين منذ أمس الأول، ولا يوجد بينهم من لا يعرف قامة أحمد عبد المعطى حجازى الذى يسعى لنفيهم، فهو شاعر كبير ورائد، وله ولموهبته فى القلب محبة (ربما لايدركها) رغم موقفه الغريب من عشرات الموهوبين على امتداد الوطن العربى، هو الذى يدعو للتعدد ولحرية الاختلاف «خارج الشعر» ولكنه ليس مع التعدد والاختلاف فى الشعر، ولا أصدق حتى الآن إنه قال مثلا إن صلاح جاهين وفؤاد حداد مجرد زجالين، ربما لأنه لا يعرف أن حضورهما فى الشعر الجديد الفصيح أقوى من معظم شعراء الرواد.
وأظن أيضا أن القائمين على الملتقى الأول وعلى رأسهم محمود قرنى وفتحى عبدالله إبراهيم وعاطف عبد العزيز وغادة نبيل وفارس خضر وحسن خضر، لا يقصدون الإساءة لأحد، ولكنهم بفروسية وتفان قدموا جميلا للثقافة المحاصرة فى مصر، ويبقى اعتذار واجب لصديقى الكبيرين على أبو شادى وعماد أبو غازى لعدم مشاركتى فى مؤتمر المجلس الأعلى للثقافة (الذى أتمنى له النجاح)، لأن الشعراء الذين اخترت أن أكون بينهم فى نقابة الصحفيين أقرب إلى روحى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.