وزير الشباب يوقع بروتوكول تعاون مع الجامعة المصرية الصينية لدعم الرياضة في إفريقيا    أسعار الذهب اليوم السبت 17 مايو 2025 في عمان    الزراعة تقرر مد معرض زهور الربيع حتى نهاية مايو    نشاط الرئيس السيسي في القمة العربية ال34 بالعراق (صور)    تقرير إسباني يكشف راتب هويسن لاعب ريال مدريد الجديد    برادلي: استهدف المشاركة في المزيد من المباريات.. وسلوت يساعدني على التطور    بعد صلاح وفان دايك.. ليفربول يعلن تمديد عقد كونور برادلي    حبس متهم أعاد نشر مقطع مصور من شأنه تكدير السلم والأمن العام    تأجيل محاكمة 11 متهما بخلية داعش الهرم    تُربك صادرات الدواجن عالميًا.. أول تفشٍ لإنفلونزا الطيور يضرب مزرعة تجارية بالبرازيل    المشروعات الصغيرة والمتوسطة ب"مستقبل وطن" تناقش خطة عمل الفترة المقبلة    فليك: نريد مواصلة عدم الهزائم في 2025.. وعانينا بدنيا بالموسم الحالي    "إلى من شكك في موقفنا".. عضو مجلس إدارة الزمالك يكشف تطورًا في أزمتهم مع الراحل بوبيندزا    باحث: المنطقة بحاجة لوقفة عربية بعد انحلال المحور الإيراني وتصاعد الأزمات    كلية التجارة بجامعة القاهرة تعقد مؤتمرها الطلابي السنوي الثاني تحت شعار "كن مستعدا" لتمكين الطلاب    نائب رئيس الوزراء: التعليم حجر الأساس للتنمية البشرية وبناء جيل واعى    جنايات قنا تحيل أوراق عاطل للمفتى بتهمة قتل عامل والشروع فى قتل 3 آخرين    آخر تحديث للحصيلة.. إصابة 46 طالبة بإغماء في جامعة طنطا بسبب ارتفاع الحرارة -فيديو    تأجيل محاكمة المتهمين بقتل سائق توك توك خلال سرقته بالخانكة.. يونيو المقبل    معرض فني وفقرات غنائية في احتفال المنيا باليوم العالمي للمتاحف    باحث: المنطقة بحاجة لوقفة عربية بعد انحلال المحور الإيرانى وتصاعد الأزمات    هل يجوز سفر المرأة للحج بدون محرم؟.. الأزهر للفتوى يجيب    وزارة التخطيط تعقد ورشة عمل دعم تطوير الخطة القومية للتنمية المستدامة    جراحة دقيقة لتحرير مفصل الفك الصدغي باستخدام الذكاء الاصطناعي في مستشفى العامرية    مؤتمر القاهرة لجراحة المسالك البولية.. «80 عامًا من التميز العلمي»    قرار عاجل من المحكمة في واقعة اتهام البلوجر روكي أحمد بنشر فيديوهات خادشة للحياء    هل يجوز توزيع العقيقة لحومًا بدلًا من إخراجها طعامًا؟.. أمين الفتوى يجيب    قافلة بيطرية تجوب قرى شمال سيناء لحماية المواشي من الأمراض    بالأسماء، ارتفاع عدد المصابات بإغماء وإجهاد حراري بتربية رياضية طنطا ل 46    عيد ميلاده ال 85.. ماذا قال عادل إمام عن كونه مهندسا زراعيا وموقفا لصلاح السعدني؟    "الزراعة" تطلق حملات بيطرية وقائية لدعم المربين وتعزيز منظومة الإنتاج الداجنى    أكاديمية الشرطة تنظم ندوة حول الترابط الأسري وتأثيره علي الأمن المجتمعي (فيديو)    الأوقاف: الطبيب البيطري صاحب رسالة إنسانية.. ومن رحم الحيوان رحمه الرحمن    قرار هام من التعليم ينهي الجدل حول «عهدة التابلت»    تعاون بين الأكاديمية العسكرية و"الوطنية لتأهيل الشباب"    «أم كلثوم من الميلاد إلى الأسطورة» في مناقشات الصالون الثقافي بقصر الإبداع    جدول مواعيد القطارات الإضافية بمناسبة عيد الأضحى المبارك    عيد ميلاد الزعيم.. عادل إمام: عبد الحليم حافظ دخل قصة حب ولا أعتقد أنه تزوج    وفاة ابن شقيقة الفنان عبد الوهاب خليل.. وتشييع الجنازة بكفر الشيخ    وزير التعليم العالي: المترولوجيا أحد ركائز دعم قطاعي الصناعة والبحث العلمي لتحقيق التنمية المستدامة    باسل رحمي: جهاز تنمية المشروعات يحرص على إعداد جيل واعد من صغار رواد الأعمال و تشجيع المبتكرين منهم    مستقبل وطن: القمة العربية ببغداد فرصة لتعزيز الجهود وتوحيد الصفوف    «فتراحموا».. الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة المقبلة    الصحف العالمية اليوم: تراجع ثقة المستهلك فى الاقتصاد رغم تعليق ترامب للرسوم الجمركية.. "رجل مسن ضعيف الذاكرة" ..تسجيل صوتي يظهر تراجع قدرات بايدن الذهنية .. بريطانيا تشكك فى اعتراف ماكرون بفلسطين فى يونيو    فتح ترحب ببيان دول أوروبية وتدعو لإلغاء اتفاقية الشراكة مع إسرائيل    نشء أسيوط يشارك في النسخة الثانية من برنامج درع يحمي ونصون    انطلاق الدورة 41 من مهرجان الإسكندرية السينمائي في سبتمبر المقبل    تحرير 143 مخالفة للمحال غير الملتزمة بقرار مجلس الوزراء بالغلق    فص ملح وداب، هروب 10 مجرمين خطرين من السجن يصيب الأمريكان بالفزع    أسعار ومواصفات شيفرولية أوبترا موديل 2026 في مصر    أول رد من جورج وسوف على شائعات وفاته    «تغولت على حقوق الأندية».. هجوم جديد من «الزمالك» على الرابطة    حكم من نسي قراءة الفاتحة وقرأها بعد السورة؟.. أمين الفتوى يوضح    الإسكان: غدًا.. غلق باب التظلمات بمبادرة سكن لكل المصريين 5    زعيم كوريا الشمالية يشرف على تدريبات جوية ويدعو لتكثيف الاستعداد للحرب    مسودة "إعلان بغداد" تشمل 8 بنود منها فلسطين والأمن العربي والمخدرات والمناخ    جدول امتحانات الشهادة الإعدادية في شمال سيناء    أستون فيلا يفوز بثنائية أمام توتنهام في الدوري الإنجليزي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ليست معركة
نشر في اليوم السابع يوم 20 - 03 - 2009

تحمل خمسة عشر شاعرا عربيا شابا مشقة المجىء إلى القاهرة على نفقتهم الخاصة للمشاركة فى ملتقى شعرى «قرديحى» تستضيفه نقابة الصحفيين، يعنى الحاجة إلى «قاهرة» أخرى، لا تدار شئون الثقافة فيها بواسطة رجال يعيشون أجواء الاتحاد الاشتراكى العربى، ويملكون قدرة نفى من يخالفهم الرأى، أنت أمام مشهد فريد فى الثقافة المصرية، مؤتمر رسمى تنظمه الدولة اعتذر معظم المدعوين إليه، وآخر معنى بقصيدة النثر التى تكتب بالعربية الجميلة ولا يعترف بها أولو الأمر، ولا تعترف بها المعارضة ويحاربها الأصوليون، ويكتبها معظم شعراء هذا الزمان، المؤتمران فى توقيت واحد وفى عاصمة واحدة، دعاة تقديس الماضى يعتبرونها معركة فى الشعر، وهى ليست كذلك، هى أكثر من ذلك، لأن الذين احتكروا الحقيقة هم الذين أوصلونا إلى ما نحن فيه، والذين حاصروا الخيال الجديد قبضوا ثمن تثبيت المشهد على ما هو عليه، وهم الذين وقفوا ضد التغيير فى شتى مناحى الحياة، حتى لو ادعوا غير ذلك، فى السنوات الفائتة قالوا إننا نعيش زمن الرواية، وإنها أصبحت ديوان العرب وإن الشعر (الذى تربوا عليه فى المدارس) يلفظ أنفاسه الأخيرة، ولم يعرفوا بعد أن الحيل القديمة أصبحت قديمة، الحيل التى أجلستهم على «المنابر»، ولم يعرفوا أيضاً أن أجيالاً جديدة ظهرت (وهذه سنة الحياة) تناضل بالكتابة، وتدفع ضريبة كبيرة لكى تشعر بالحرية، ولكى تحرر اللغة من الكوابيس وتجعلها لغة علمانية.. ما حدث فى اليومين الماضيين مواجهة بين طريقتين فى التفكير، بين جيل ينتمى إلى العصر الشمولى ويملك آلياته وصولجانه وفنادقه الفخيمة وجوائزه ومنحه، وجيل آخر على باب الله لا يسعى للمجد ولا للسلطة، ولكنه ينجز شيئا يراه مختلفا، شيئا يعتبره السلفيون ليس شعرا لأنه لم يلتزم بالمواصفات القياسية التى أقرها الخليل بن أحمد الفراهيدى، ولكنه شىء يكتبه معظم شعراء العربية الآن ويتواصلون به ويكتشفون من خلاله صداقات شفافة مع قارئ تعب من الوصاية والاسترخاء الذهنى والبلاغى. بالطبع ليس كل ما يكتب فى الشعر الجديد جيدا ولكن الشعر الجميل غزير ومتنوع ويدعو للتفاؤل.
الرواد الذين يجلسون على المنابر والمنصات قدموا خدمة جليلة للشعر الجديد، لا أحد ينكر ذلك، فيكفيهم كسر هيبة العمود الشعرى المقدس، لأنهم بذلك بدأوا ثورة تزامنت مع حركات التحرر التى اجتاحت العالم فى الخمسينيات والستينيات، وكان لهؤلاء الرواد الفضل فى تحريك الشعر العربى إلى الأمام، رغم احتفاظهم بالأغراض القديمة، من مديح وهجاء وغزل ووقوف على الأطلال، إلى أن جاءت هزيمة 67 فأجهزت على النموذج «الذى أعجب بنفسه» بعد أن صار سفيرا لخيال الحكم الذى دعمه وعضده، (هذه الهزيمة طالت أيضا الغناء والمسرح والترجمة والنقد وفن التلاوة) وظهر شعراء السبعينيات وخاضوا معركتهم بشرف وكتبوا شيئا يعبر عن الانكسار، ولكنهم فقدوا التواصل مع البشر الذين كانوا فى حاجة إلى من يؤكد لهم أنهم يعيشون فى هذا العالم، وتحمل السبعينيون الكثير من النقد والنفى، وخاضوا فيما بينهم معارك سريالية أضرت بتجربتهم، ثم جاء الثمانينيون وعانوا أيضا من نفوذ وجبروت الذوق القديم، ولكنهم وضعوا القارئ هدفا، فرقت قصائد معظمهم.
لأنهم أبناء للقصيدة العربية من امرئ القيس إلى آخر قصيدة تكتب الآن، وكانت الهزيمة الثانية والحاسمة لقصيدة الرواد فى سنة 90 عندما غزت العراق الكويت، ثم جاء الأمريكان بدباباتهم وصحفهم ورجالهم وفضائياتهم فتخلص معظم شعراء الثمانينيات بدون اتفاق من الحيل البلاغية والإيقاعية القديمة وكتبوا بدون اتفاق قصيدة خالية من الأمجاد تشبههم وتؤكد على وحدتهم، قصيدة تشير ولا تفصح، لكل واحد منهم صوته فيها، وتصادقوا بعيداً عن مهرجانات وزارات الثقافة التى تحتفى بنوع معين من الشعراء وبنوع «راسخ» من التفكير، وهؤلاء هم الذين أعدوا للملتقى الأول لقصيدة النثر والتى تستضيفه مشكورة نقابة الصحفيين منذ أمس الأول، ولا يوجد بينهم من لا يعرف قامة أحمد عبد المعطى حجازى الذى يسعى لنفيهم، فهو شاعر كبير ورائد، وله ولموهبته فى القلب محبة (ربما لايدركها) رغم موقفه الغريب من عشرات الموهوبين على امتداد الوطن العربى، هو الذى يدعو للتعدد ولحرية الاختلاف «خارج الشعر» ولكنه ليس مع التعدد والاختلاف فى الشعر، ولا أصدق حتى الآن إنه قال مثلا إن صلاح جاهين وفؤاد حداد مجرد زجالين، ربما لأنه لا يعرف أن حضورهما فى الشعر الجديد الفصيح أقوى من معظم شعراء الرواد.
وأظن أيضا أن القائمين على الملتقى الأول وعلى رأسهم محمود قرنى وفتحى عبدالله إبراهيم وعاطف عبد العزيز وغادة نبيل وفارس خضر وحسن خضر، لا يقصدون الإساءة لأحد، ولكنهم بفروسية وتفان قدموا جميلا للثقافة المحاصرة فى مصر، ويبقى اعتذار واجب لصديقى الكبيرين على أبو شادى وعماد أبو غازى لعدم مشاركتى فى مؤتمر المجلس الأعلى للثقافة (الذى أتمنى له النجاح)، لأن الشعراء الذين اخترت أن أكون بينهم فى نقابة الصحفيين أقرب إلى روحى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.