ليس ذنبى أنى أرى ما لا تراه ولا يراه الكثيرون، ليس ذنبى أن عينى الثائر ملأ بالضياء والبصيرة حتى وإن ظن جبان أن نورها قد مسته يد الشيطان!! روحى أشعلت ميدان نور ونار فاهتدت به شعوب، وبوركت بقبسه أمم.. ثم تتوهم بأنك قادر على محوى ومحو كفاحى ونضالى وفدائى وإزالتى من فوق الجدران!! هيهات ظلمت نفسك بخداعها فأنا أحب، نعم أحب الوطن والحق والعدل والحرية وأحب الإنسان، هلا أدركت ما هو الحب؟؟ الحب هو صلاة الكون الكبرى فلا تكفيك حياتك كلها وحياة من تبعك لتفهم معنى الحب! تتوهم بأنك قادر على محو ذكراى من فوق الجدران!! أنا لا أسكن محمد محمود أو التحرير أو ميادين النبلاء فقط، أنا فى كل ربوع مصر المحروسة بدمائى، يتنسمنى المقهورون والفقراء فى أزقة مصر وحواريها وشوارعها هواء عليلا وطاقة تعوضهم شظف العيش وشح الأغنياء وغباء الحكام. ذكراى لا تمحى ولا تطمس بيد لا تعرف سوى المسخ والهدم، بنيت صلات من نور وحنين وأنين ونشوة وانتصار وشجن، وروت دمائى الذكية الأرض التى ظن أهلها أنها جدبت بعد عقود من الظمأ والحرمان، فقل لى ماذا رويت أنت، وأى صلات بنيت؟ ويل لكل مختال فخور يبخل ويأمر الناس بالبخل، أتبخل بأن تترك لى الحائط أو الجدار ليتذكرنى الناس وأنت فى سدة الحكم؟ هل تفزع من ذكرى؟ هل فقدت قيمك كلها فلم تراع حق الموت؟ فى اعتقادك أنت فأنا حى، نعم حى أرزق عند ربى فرح بما أنعم على من رحمته التى تناسيتها، وجحدتها، فلم ترحم أبائى وهم كثر! نعم أبائى كثر وأمهاتى مازلن يتشحن الحزن لفراقى فى كل شبر من مصر المكلومة. ضننتم بالجدران عليهم ليروا قطعة منهم نمت لحين، وجاء أجلها فسارعت باللجوء لربها بغير وداع! لن تمحونى فأنا نور أنتشر بإذن ربى وملأ الكون وسكن القلوب وأنار العقول، ومدادا تكتب به ملاحم العظماء، أنا لم أمت ولن أموت.