قلتُ : حتَى الطاووس لا أحبُّهُ.. رغم ألوانهِ الزاهيةِ البراقةِ التى رسمتها يدّ الخالق على جسدهِ والتى تخطِفُ الأبصارَ قالتْ : لِمَ؟ قلتُ : لأنه يسيرُ مُختالاً فخوراً أول مرةٍ التقى متعجرفاً يكره متعجرفاً أنا لم أقل أكره .. أنا قلت لا أحب وهل هناك فرقا؟ بالتأكيد .. لكن ليس هذا هو المهم .. المهم هو اتهامكِ لى بالعجرقة أراكَ كذلك .. تتعالى على خلق اللهِ .. تحاولُ خداعهم بكلامِكَ المعسول وتوهمهم بأنكَ الرقيق الحال عذب المشاعر رافعا للحبّ لواءً وماأنتَ غيرَ مخادعِ مخادع أنا؟! مستغرباً سألتُ نعم .. فكل ما تكتبهَ يحتملُ أكثرَ من تأويلِ ويحملُ أكثرَ من معنى وتبيعُ الحبَّ وهما فى زمن ندر فيه الحبُّ وعلتْ فيه لغةُ المصالح مغلفةً بورقِ الفسادِ مستغربا لاتهامها سألتها : وهلْ هناك كلاماً لا يحتملُ التأويلَ .. من منَا يكتبُ شيئا لا يأتيه الباطلُ من بين يديهِ أو من خلفهِ.. حتى بعض كلامَ اللهِ فسرهُ المفسرون بطرقٍ شتى ومازلوا يفسرونه كلامكَ ليس كلامُ الله أعلمُ .. وحاشا لله أن أقول ذلك.. وهل سمعتنى يوما أقولُ أنا ربكم الأعلى ..أو ابنوا لى صرحا لعلى أبلغ الأسباب ..فقط قلتُ ما قلتُ للتوضيح ليس إلا لا..ولا تفعل ذلك ثانيةً حاضر .. هذه الحاضر دليل على خداعك وعلى عجرفتك عجبتُ لكِ .. كيف تري قمةَ التواضعِ بعضُ الكبرياء وقمةَ التفانى بعضُ التكبر أراكَ كذلك .. تقلبينَ الحقائقَ كباقى البشر سيدتى .. حينما يكون الإنسان صريحاً فى المطلق يظنه البعضُ كاذباً .. وعندما يكونَ قمةَ التواضعِ يراهُ البعضُ مُتكبراً .. وعندما يحبُ بكلّ جوارحهِ يتهمهُ البعضُ بالعجرفةِ..أتدرين ما السبب؟ تجاهلت سؤالى قائلةً .. لاتحاولْ أن تتلاعبَ معى بالكلام فأنا على يقيِن أنى أفهمكَ أكثر مما تفهم نفسكَ لم أشأ ان أتهمها بالعجرفة لكنّى رحت أقول : ربما.. لكنكِ لو فتشتِ فى صفحاتِ القلبِ ما وجدتِ غيرَ الحبّ ، ولو بحثتِ فى كتابِ الحياة ما وجدتِ غير الجمال .. ولأنى أحبّكِ حباً فوقَ طاقةِ البشرِ وأحبُّكِ حبا لم يخبره أحد .. وأجدُ فى صوتكِ الحياة .. وفى حضورك السعادة .. وأخَبْرُ فى بعدكِ وخزّ القلبِ .. ولأنى أحبُّك حبا لا يعلمه إلا الله .. فامسكى عن اتهامى بالتعالى والعجرفة .. وخذى ما أقولهُ وما أنشرهُ وما أكتبهُ بالمعنى الطيبِ للكلمةِ .. فأنتِ التى أزرعُ بها وردَ الحياةِ .. وأجْنى بها سعادتَها .. وأقتلُ بها فكرة الموتِ .. وقد خرجتُ بكِ من كهوفِ الظلمةِ إلى فضاءاتِ الحياةِ على يديكِ.. لأجد نفسى متحدياً الزمن الذى هزمنى كثيراً كثيراً فجئتِ أنتِ .. هديةُ الربّ .. عِوضاً عمّا فات وعن هزائمى المتكررة فى الماضى البعيد والقريب .. لأن كلَ لحظةِ معكِ لحظة فيها العمر ..وكل لحظةِ بعيدا عنك دهراً فيه الجمود .. ولأنى والله أراكِ انتصارا واعصارا ونورا .. فإن حبكِ يدعونى دوما للبكاءِ بدمعٍ عزيز غزير فيأخذنى حزنٌ من نوع أخر غير الذى يعرفه الناس.. يأخذنى للصلاةِ فيهفو القلب بعدها إلى سماع شيخنا الجليل عبد الباسط وهو يقرأ سورة الرحمن أسأل معه: فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَان .. فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَان .. فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَان" ..... كنتُ منطلقا كمدفعِ آلى ما لبثَ أن توقفَ عن اطلاقِ الكلمات حين لمحَ دمعةً من عينيها الجميلتين تنساب على خدّهِا الوردي .. حين يتقاطرُ الدمعُ من العين الجميلة يصير سكينا يذبحُ قلبَ مَن يحبُّ ..ويسببُ ألماً يتضاءلُ بجانبهِ كلُّ ألمٍ ..فما بالك بدمع الحبيبة همستْ لنسمةٍ سرتْ بيننا .. أحبُكَ جدا جدا جدا .. ثم .. ثم مالبثت أن ابتسمتْ الجميلة الغاليةُ ابتسامةً ذابَ لها القلبُ الذائبُ من أول لحظةٍ وقعتْ عينى عليها ..فهل لها أن تلملمنى الأن .. أسألها طبعا بكل تواضع