حذر تقرير بعنوان "صعود السلفية فى مصر" صادر عن معهد كارنيجى الأمريكى لدراسات الشرق الأوسط، من انتشار التفكير السلفى فى مصر، وأرجعه إلى حظر الحكومة للجماعات الإسلامية، والحركات التى خرج أعضاؤها من السجون مؤخرا بعد مراجعاتهم الفقهية. وأشار التقرير الذى أعده الصحفى الأمريكى المقيم بواشنطن نيثان فيلد، بالتعاون مع أحمد همام طالب دراسات عليا مصرى، من انضمام عدد كبير من الجماعات الوسطية المعتدلة كالإخوان إلى الفكر السلفى، بسبب عدم السماح لهم بالمشاركة السياسية، والتضييق على الإسلاميين والمعارضة فى الانتخابات، والمشاركة السياسية. وأوضح التقرير الذى شارك فيه بالرأى عدد من الباحثين والمهتمين بالبحوث السياسية والشأن الإسلامى، أنه فى السنوات الخمس الأخيرة بدأت موجة جديدة من السلفية ذات التوجه السياسى، الأكثر تعنتا من التيارات الإسلامية الأخرى فى مصر، تكسب قاعدة فى المجتمع المصرى مسببة قلقا بين العلمانيين والإسلاميين على حد السواء. ويبقى العامل الأكثر إثارة للقلق حسب التقرير، هو احتمالية عودة أنصار الفكر السلفى للعنف. وينقل التقرير عن بعض المثقفين المصريين أن جذور المشكلة لم يتم تناولها بعد، فالعنف فى مصر توقف ولكنه لم ينته، مع خروج أكثر من عشرين ألفا من الجهاديين السابقين من السجون مؤخرًا والمحظور عليهم ممارسة أى دور سياسى، ويشير التقرير أن استمرار غياب البدائل السياسية، واستمرار الحكومة فى استخدام العنف ضد معارضيها وتدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، يؤدى إلى دفع المصريين بشكل متزايد نحو الرؤى الجامدة والمتصلبة للسلفية، وهو ما يجعل العودة إلى العنف أمرًا مرجحاً. وذكر الباحثان أن السلفية حققت تواجداً أكبر بين الجماعات الإسلامية، وأنه مع إيمان الجيل الجديد من الإخوان بعدم جدوى المشاركة السياسية، فإنه يمكن استقراء تقاربهم مع أسلوب التفكير السلفى. هذا إلى جانب بعض أعضاء الجماعات الذين يدفعهم استمرار حظر الحكومة لهم من المشاركة فى الحياة العامة للتقارب مع أسلوب التفكير السلفى. وألمح التقرير إلى أنه رغم سلبيتهم وابتعادهم الحالى عن السياسة، فالسلفيون لن يمكنهم الابتعاد عن السياسية للأبد. ففى النهاية إما سيدخلون السياسة أو يغيروا نهجهم بحيث يتوافق مع الأوضاع التى يحاولون تغييرها، فمن حيث المبدأ لا يعارض السلفيون المشاركة السياسية فى مجملها. ففى اليمن والكويت تتمتع الحركات السلفية بقوة فى مواجهة الدولة، وهم يشاركون فى الانتخابات. إلا أنه نظراً لترددهم فى المساومة، ونظرا لقوة الدولة فى مصر، فلا يمكن توقع مشاركتهم فى السياسة الانتخابية فى أى وقت عما قريب. وتقوم السلفية بالمقارنة بغالبية الإسلاميين كالإخوان وحتى جماعة الجهاد، طبقاً للتقرير، على تقليص أهمية الفقه، المعنى باستخدام المنطق المعاصر، لتناول القضايا التى لم تكن موجودة فى وقت الوحى. فهم كأصوليين حسب المعنى الغربى، يؤمنون بأن القراءة الحرفية للقرآن والحديث توفر الإرشاد الكافى إزاء أى موقف معاصر. وبالتالى يركز أتباعها على محاكاة وتقليد أدق التفاصيل فى حياة الرسول والصحابة، وهو ما يعنى التشديد الظاهرى على اللحى وارتداء النقاب.