كثير من الأزواج يدركون خطورة استمرار حياتهم، لكن يظلا دائما أسيران للحياة الزوجية، لسبب أو لآخر، وغالبا ما يكون وجود الأطفال وراء الاستمرار. فالأطفال هم الملائكة الصغار التى تدخل البهجة على جو الأسرة، خاصة عندما يكون الحب أساساً للزواج، والسبب وراء استمرار الحياة، فى حالة الاختيار الخاطئ من أحد الطرفين، وهنا تبدأ الحياة بتضحيات من أجلهم فأحد الزوجيين يعيش مع الآخر رغما عنه. علياء 24 عاما، تؤكد أنه رغم إصرارها على الطلاق فى بداية زواجها نتيجة اختيارها الخاطئ وعدم التفاهم بينها وبين زوجها وعدم خوفها من مصطلح "مطلقة" ونظرة المجتمع لها؛ إلا أنها تراجعت بمجرد علمها بوجود طفل فى طريقه للحياة، لدرجة أنها تمنت موته فى أحشائها، وكانت هذه هى اللحظة الفارقة فى حياتها، فتصورت جحيم الطلاق وهى أما لطفل، وأصبح تقديرها لمسألة الطلاق مختلفا، ففضلت الاستمتاع بعاطفة الأمومة فى كنف زوج فكرت يوما أن تطلق منه لاستحالة العيش بينهما. هذا الموقف لم يكن موقف فردى لعلياء، وإنما كثير من النساء يفكرن مرارا فى إتمام الطلاق فى حالة وجود أطفال، وليس الأمر قاصرا على النساء فقط فيوجد أيضا كثير من الرجال الذين يقدمون على نفس الفعل لنفس الدافع. وتتغلب عاطفة الأبوة والتفكير أكثر من مرة فى إتمام الطلاق بداية البحث عن حلول لاستمرار الحياة. وهناك بعض الرجال يسلكون طريقا آخر للخروج من المعاناة، ويقدمون على خوض تجربة جديدة للزواج بأخرى، وهنا يدفع الأطفال ثمن الاختيار بحياة مليئة بالألم النفسى لكسر "تابو" الحياة الأسرية فى عين الطفل. كما أوضحت الدكتورة منى أبو طرية دكتورة علم النفس بكلية الآداب جامعة عين شمس، إذا كان الأولاد هم العلاقة الوحيدة بين الزوجين، يكون أول المتضرر من هذه العلاقة هم الأطفال، خاصة مع المشاحنات التى تحدث أمام الأطفال، مثل الإهانة والتقليل من شأن الطرف الآخر. وتنبه الدكتورة منى الزوجين أن هذا الوضع يولد أمراضا نفسية خطيرة يعانى منها الأبناء فى الكبر، كعدم الثقة فى النفس والتردد والإدراك المشوه للعلاقة الزوجية، والإدراك المشوه لصورة الأب أو الأم. مؤكدة أن الآثار النفسية قد لا تتوقف عند هذا الحد فالأم تكون مضغوطة نفسيا، نتيجة تحملها حياة لم ترغب فيها وحتما قد يأتى يوم وقدرتها على التحمل ستقل، كما أن عدم قدرتها على توزيع الضغوط الكامنة داخلها يجعلها أم عدوانية أو عصبية تحاول أن تفرغ هذه الضغوط فى الأبناء وتصب عليهم هذا الغضب ويكونون فى النهاية هم "كبش الفدا"، كما أن الأم إذا لم تستطع أن تنفس هذه الضغوط الداخلية ستتحول إلى أمراض نفسية وجسدية. الدكتورة فاطمة الشناوى خبيرة العلاقات الزوجية والأسرية ودكتورة الطب النفسى بجامعة لندن ترى أن الأم فى هذه الحالة تكون محبطة جدا، وغير سعيدة، مما يثير مشاحنات مستمرة بين الزوجين، فتلجأ الأم إلى العنف بضرب الأبناء بشكل مستمر، متهمة إياهم قائلة "إنتوا سبب أرفى". وتؤكد الدكتور فاطمة، أن الحل فى تجديد الحياة، من خلال المحافظة على الأصدقاء أو إرجاع الصداقات القديمة والنزول إلى الحياة العامة من خلال العمل، والقراءة، والانشغال مع الأطفال والعيش معهم فى كل مراحل حياتهم، فى محاولة للتغلب على الإحباط والضغوط النفسية وإيجاد مجال لتنفيس هذه الضغوط بدلا من تنفيسها فى الأبناء.