الوطنية للانتخابات: استبعاد أي تعطّل مع الساعات الأولى لليوم الثاني من الاقتراع    رئيس الوزراء يستقبل الوزير الأول للجمهورية الجزائرية بمطار القاهرة الدولي    مبعوث ترامب: طرفا النزاع السوداني يرفضان مقترح وقف إطلاق النار    القسام تعلن تسليم جثمان أسير إسرائيلي: الرابعة بتوقيت غزة    وكيل توفيق محمد يفجر مفاجأة بشأن انتقاله للأهلي في يناير    شكوك حول مشاركة لاعب الجيش الملكي أمام الأهلي    تطورات جديدة في مستقبل ديانج مع الأهلي.. جلسة حاسمة اليوم لتحديد مصير التجديد أو الرحيل    الداخلية تنقذ 17 طفلا جديدا من التسول بالقاهرة وتضبط 11 شخصا    تأجيل محاكمة الصغير المتهم بإنهاء حياة صديقه بالمنشار في الإسماعيلية    مراسل إكسترا نيوز بالدقهلية: انتظام العملية الانتخابية وسط إقبال متزايد    «الإعلاميات العرب» يدعم الإعلامية آية عبد الرحمن ويرفض حملات الإقصاء من «دولة التلاوة»    محافظ الجيزة: تطوير عيادات الصف والبدرشين وروز اليوسف والبراجيل ومركز كُلى البطران    525 ألف مشجع يطلب شراء تذاكر مباراة الجيش الملكي ضد الأهلي    وزير التعليم الإيطالى: أشكر مصر على الاهتمام بتعليم الإيطالية بالثانوية والإعدادية    وزير التعليم: أتوجه بالشكر للرئيس السيسى تقديرا على اهتمامه البالغ بالتعليم    الداخلية تضبط مدير كيان تعليمي وهمي بالدقي بتهمة النصب على المواطنين    الداخلية تضبط 3 متهمين بجرائم سرقات متنوعة في القاهرة    البورصة تواصل ارتفاعها بمنتصف التعاملات بتداولات تتجاوز 3 مليارات جنيه    مادورو يرفض تصنيف كارتل الشمس إرهابية: لن تتمكن أمريكا من فنزويلا    تكريم عمار الشريعي بلمسة أوركسترا بريطانية    مراسلة إكسترا نيوز بدمياط: تنظيم وانسيابية فى اليوم الثانى لانتخابات النواب    الاتحاد الإفريقي لكرة القدم يحدد الموعد النهائي لإرسال قوائم أمم إفريقيا    انتخابات النواب 2025.. الشعب الجمهوري يواصل المتابعة من داخل غرفة العمليات المركزية    "القومي للمرأة" يطلق غرفة عمليات متابعة سير العملية الانتخابية    ضبط شخص استخدم مكبر صوت للدعوة ضد مرشح في كفر الشيخ    بعد تصنيف «كارتل الشمس» إرهابية.. أمريكا تستعرض قواتها قرب فنزويلا    مغادرة مئات شاحنات المساعدات معبر رفح البري إلى كرم أبو سالم لدعم أهالي غزة    وزير التعليم: أتوجه بالشكر للرئيس السيسى تقديرا على اهتمامه البالغ بالتعليم    توافد الناخبين بالأزبكية والتجمع الخامس للإدلاء بأصواتهم في انتخابات مجلس النواب    السيسي يصدق على قانون للبحث عن البترول وتنميته بالصحراء الشرقية    كامل الوزير يدعو المصانع والشركات لتوطين تكنولوجيا الصناعات الخضراء والاستثمار في تطبيقات الجودة    إقبال كثيف على لجان شبين القناطر في اليوم الثاني لانتخابات النواب    العنف الرقمي ضد النساء.. إرهاب صامت يهدد الملايين    وفاة الفنانة الجزائرية الكبيرة بيونة عن عمر ناهز 73 عاما    القنوات الناقلة لمباراة تشيلسي وبرشلونة اليوم في دوري أبطال أوروبا    ظهر اليوم.. هدوء بلجان القصر العيني ووسط البلد وتسهيلات لذوي الاحتياجات الخاصة    الصين: أجواء المكالمة الهاتفية بين شي وترامب كانت "إيجابية وودية وبناءة"    لا ترسل طفلك إلى المدرسة.. الصحة تحذر: 4 خطوات حاسمة لحماية الطلاب من العدوى| فيديو    الافتاء توضح حكم الامتناع عن المشاركة في الانتخابات    الهيئة الوطنية تعلن انتظام التصويت فى اليوم الأخير من المرحلة الثانية لانتخابات النواب    محاكمة فضل شاكر أمام المحكمة العسكرية اليوم    رومانيا تنشر طائرات مقاتلة بعد اختراق مسيرتين مجالها الجوي    وزيرة التضامن توجه فريق التدخل السريع بالتعامل مع حالات كبار بلا مأوى    التمثيل التجاري: 17.378 مليار دولار أمريكي حجم التجارة بين مصر والصين    باسل رحمي: نعمل على مساعدة المشروعات المتوسطة والصغيرة الصناعية على زيادة الإنتاجية والتصدير    شريف إكرامى يؤازر رمضان صبحى فى جلسة محاكمته بتهمة التزوير    وزير الصحة يلتقي وفد اتحاد الغرف التركية لبحث التعاون الصحي والاستثمار المشترك    الزراعة تطلق حملة لمواجهة مقاومة المضادات الحيوية في الثروة الحيوانية    «الصحة»: تقديم 21.9 ألف خدمة في طب نفس المسنين خلال 2025    مواعيد مباريات اليوم الثلاثاء 25 نوفمبر والقنوات الناقلة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 25-11-2025 في محافظة قنا    عزيز الشافعي يخطف الأنظار بلحن استثنائي في "ماليش غيرك"... والجمهور يشيد بأداء رامي جمال وروعة كلمات تامر حسين وتوزيع أمين نبيل    دعاء وبركة | أدعية ما قبل النوم    محافظ قنا يعلن رفع درجة الاستعداد القصوى لمواجهة حالة عدم الاستقرار الجوي    البيان الختامي لعملية التصويت في انتخابات مجلس النواب 2025.. المرحلة الثانية    هل يجوز للزوج الانتفاع بمال زوجته؟.. أمين الفتوى يجيب    وزارة الأوقاف الفلسطينية تُشيد ببرنامج "دولة التلاوة"    بث مباشر.. مانشستر يونايتد ضد إيفرتون في الدوري الإنجليزي 2025/2026    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"صانع المفاتيح.. صانع الأقفال"

الهروب من العالم المعيش فكرة تؤرق المبدعين والفنانين، وهى عادة ما تتنوع بين الهروب المباشر من المكان، أو إغلاق الأعين المتسعة عن الرؤية، وتتراوح فى الكتابة بين المباشرة المخلة السطحية والطريقة الإبداعية الفنية التى تهمس إليك بما تريد قوله، هذه الطريقة الأخيرة تختلف أيضا من مبدع إلى آخر.
و"صانع المفاتيح" رواية للروائى والمترجم أحمد عبد اللطيف، حصلت على جائزة الدولة التشجيعية فى الرواية هذا العام.. بداية الرواية لها عالمها الخاص، فهى تدخلنا فى عالم سحرى من حيث الرؤية والكتابة، ومن حيث البناء الفنى، فصانع المفاتيح الذى يملك القدرة على أن يمنحك حلما هو أن تغلق حاسة السمع حتى لا تكره أكثر وحتى لا تزعج نفسك بما تسمع من حكايات الوجع.. يتطور الأمر ويصبح إغلاق الحواس الذى يمتد للبصر والكلام موضة، فينقلب الأمر إلى كابوس مزعج يدفع ثمنه الخائفون من المواجهة، يختلف شكل القرية جراء هذه الأفعال التى بدأت بنية حسنة لمساعدة المتعبين وتنتهى بهم يفقدون أنفسهم.
رواية تعتمد العام وتفر من الخاص؛ بمعنى أن الكاتب يحرص على أن يجعل القارئ يجد نفسه نوعا ما فى الكتابة، يحلم بتلك المفاتيح ويخشاها فى الوقت نفسه، ويبحث عن نفسه بين شخصياتها المأزومة.
وتكون البداية باستخدام راوٍ عليم محيط بكل شىء، سواء كان هذا الشىء معلنا أو مخفيا يخشى فاعله أن يعلمه الناس، كل ذلك معلوم للراوى، ومع ذلك نجد بعض الخصوصية البسيطة مثل الإهداء "إلى عبده يونس" وهو أمر يخص المبدع نفسه.
فكرة أخرى.. المفاتيح التى يقوم بصناعتها صانع المفاتيح فى الرواية هى للمنع أو لنقل الهدف منها ليس فتح الأبواب المغلقة، ولكن إغلاق الحواس المفتوحة، لأن الأصل كان قبل استخدام المفاتيح هو المنح والانتشار والمتاح والعادى، هذه الحواس التى يتم إغلاقها تمثل فى مجموعها الإنسان المرهق الذى يحاول الهروب من نفسه أو من ظروفه وعالمه المحيط به، هذا الإغلاق فكرة تشبه الشهوة سيطرت على القرية التى استشرت بها حكايات الألم فى المستشفى وحكايات التعهر فى الفندق، وأصبح الناس محصورين بين الحكايات التى تزحف ناحية المقاهى فتوجع أرواحهم.. لكن هذا الهروب المؤقت الذى لجأوا إليه كان يتطلب مسئولية ما لم يكونوا هم مستعدون لها.. حيث كان هناك شرط لصانع المفاتيح أن كل واحد مسئول عن مفتاحه، وليس هناك بديل له.. كما أن إغلاق الحواس يعطى مسافة أكبر من التأمل بما يضع الإنسان فى مواجهة مع ذاته ومن هنا جاءت الكارثة.
ولأن الفكرة بها سحرية وفانتازيا ما وفى الوقت ذاته هناك واقعية مقصودة تسعى إليها الرواية فقد حرصت الرواية على عمومية معينة وشيوعية مقصودة، وذلك بأن تغفل الزمن وتتجاهله وإن كانت قد حددت العصر الذى تدور فيه الرواية؛ فالرواية لا تحمل تاريخا يبدأ من كذا وينتهى فى كذا، ولكنها تدور فى عصر حديث قد يكون تسعينيات القرن الماضى أو بداية الألفية الجديدة.. كذلك أغفلت المكان وحددت البيئة، فلا ندرى أين تقع تلك القرية القريبة من العاصمة التى تشبه مدينة صغيرة تحمل سمات قرية على شفا انهيار.. ولعل هذه اللوحة فرضت نفسها على الكتابة، لذا ظهرت البيئة التى تحدد مجتمعا معينا، ولولا جمل محددة متعلقة بالصلاة والأذان وغير ذلك مما يتعلق بالبيئة لكنا دخلنا فى شيوع المكان أكثر.. ففى أحيان كثيرة يظهر أثر المترجم أحمد عبد اللطيف فى الكتابة فتدخل صورة المكان فى الشكل المتخيل من الرواية الغربية.
صانع المفاتيح، الدكتور، لاللى، جميلة، الرجل الأربعينى، صبى صانع المفاتيح، المجانين، طالبو المفاتيح، الأغنياء طالبو الأعضاء هؤلاء يصنعون العالم المتخيل للحكاية الواقعية ويمثلون الصراع القادم بين حضور الضمير وغيابه، ونلاحظ أن معظمها صفات أكثر منها أسماء حتى "لاللى" اسم أجنبى صرف، وهذا هو المقصود به، فهو نموذج للاحتلال ومقدِّم المتعة الحرام وتاجر الأعضاء.. من ناحية أخرى صناعة المفاتيح، تجارة الأعضاء، الفندق، الشوارع التى امتلأت بالحيوانات المختلفة، المستشفى وما يحدث فيها، زواج الخليج، هذه أفكار تمثل العالم السرى للشخصيات السابقة.. والرواية على هذا المستوى تدور على مستويين متناقضين، لذا سقطت بين تلك الأفكار الحادة للطمع والجشع وبيع النفس وبين الأفكار الصوفية والبحث عن الحقيقة والتجلى الإلهى والتأمل الإيجابى.. بين بيع الإنسان لروحه والإنسانية المفرطة.. والرجل الأربعينى وحده الشاهد على هذا الحياة بما يحتفظ لنفسه من حق المراقبة للفندق والمستشفى، وصانع المفاتيح شاهد آخر من حقه كتابة تاريخ القرية.
وكان لاعتماد تيمة الحلم/ الكابوس دور مهم فى كشف بواطن الأمور خاصة مع الدكتور الذى جرفه النهر بعيدا، وظهر عذابه من خلال الكوابيس التى تطارده، بينما "جميلة" كانت هى التى تطارد الأحلام المستعصية.
على هذا فشيوعية المكان والزمان والشخصيات وخصوصية الأفكار والرؤية واللغة صنعوا رواية تحمل إنسانية واضحة وخصوصية فى الكتابة.. بما يقدم رؤية مستقلة تمسك بأفكار القارئ، ولا تجعله يقف محايدا بل تدفعه تجاه موقف ما.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.