"صانع المفاتيح" يبحث عن السعادة الغائبة محيط – رهام محمود القاهرة : وقع أول أمس الكاتب الشاب أحمد عبد اللطيف روايته الأولى "صانع المفاتيح" في الصالون الثقافي لدار "العين" للنشر، وبطل الرواية يقرر البحث عن السعادة عبر تجاهل حاسة السمع ! وخلال الندوة التي ناقشت الرواية بحضور الدكتورة سحر الموجي أستاذ الأدب الإنجليزي، والكاتب طارق إمام وصاحبة دار النشر الدكتورة فاطمة البودي، أكد المؤلف أن الرواية أول ما نشر له وليست أول ما كتبه ، وأنها استغرقت في كتابتها عامين ، وهي تدخل في باب أدب الخيال الذي يعبر به كاتبه عن الواقع. وفي كلمتها رأت سحر الموجي أن المؤلف استطاع أن يبني منذ الصفحة الأولى من الرواية مجاز الحواس باستدعاء البطل "صانع المفاتيح" لما يفتقده في الزمن الذي يعيشه، أي فكرة استدعاء الزمن الماضي في اللحظة الآنية، والمرتبط بطفولته، والتي قدمها في البداية من خلال حاسة النظر ومشاهد صعود النخل وماذا كانت تعني له حينما كان طفلا، ثم حاسة الشم؛ حيث اختفت رائحة البلح والتين والهواء النقي. في الصفحة الأولى يحدث توازٍ بين الزمن الماضي والزمن الحاضر لا تثير إلا القتامة والاشمئزاز من الزمن الحالي. ويركز معظم النص على عزل مجال الحواس وخاصة السمع. ففكرة "صانع المفاتيح" وجودية يحاول فيها رجل أن ينأى بنفسه عن الآني والواقعي غير الجميل، وأن يصعد فوق الجبل وأن يحاول غلق حواسه لأنه لا يريد سماع المزيد من الأشياء القبيحة . تتابع الموجي: يتطور النص طول الوقت، ولا يعطي القاريء فرصة للملل، فالكاتب مهتم بقضية لكنه استطاع أن يغزلها بشكل رهيف وحساس دون أن يقع في منطقى الخطابة أو الشكل المباشر الذي يهزم الأدب. كان الهاجس الأساسي للمؤلف هو هموم المصريين ، وجسد بروايته موقع الفساد في فندق "لالالي" وكذلك "المستشفى" التي كانت تتاجر بأعضاء البشر، والطبيب الذي كان يقوم بذلك، والمجموعة التي يبدو عليها مظاهر التدين والتي تهاجم فندق "لالالي" ويتضح أنهم دجالين، على الجانب الآخر يصور أهل القرية الصابرين والصامتين على مستوى الفعل وليست على مستوى الكلام، وبالتالي طول الوقت تتردد الحكايات القبيحة التي تثير في ذهن البطل فكرة مفتاح السمع الذي يجب أن يستخدمه ليغلق أذنيه. أما عن السرد فاختار الكاتب صياغة الراوي العليم الذي يحكي من أول لحظة عن "صانع المفاتيح"، وينتهي الفصل الأول بخوف الراوي من نبوئة العرافة التي قالت أنه سيموت وهو محبوس، فحينما سيحقق ثروة من صناعة مفاتيح السمع يتذكر تلك النبوءة. وعن لغة النص قالت الموجي: احترمتها كثيرا فهي تبدو بسيطة، متماسكة، صلبة، قادرة على حمل واقعية العالم. من جهته أشار الكاتب طارق إمام إلى أن فكرة العمل هي امتزاج الخيال بالواقع، وفي البداية لم يكن الراوي مهتما بأن يقول كيف صنع هذا المفتاح، والعالم كناية عن العالم الحقيقي الذي نعيشه فكل شطحات الخيال موظفة على الواقع الذي نستطيع التعرف عليه، والشخصيات تمثل كل منها نموذج لفئة في المجتمع أما القرية فهي اختصار للوطن وهي تبدو في هذه الرواية كالمدينة بها مستشفى وفندق. وطوال الوقت تظل الشخصيات في صراع داخلي حتى صانع المفاتيح الذي قرر أن يصنع المفاتيح "بعد سن السبعين"، واتكأ الراوي بشكل أساسي على أحلام الشخصيات . ورأت الناقدة الدكتورة هويدا صالح أن الرواية تطلق فيها القرية صرخة ضد الفساد والقبح على كل المستويات، فنرى فيها المستشفى التي من المفترض أنها ترمز للخير وعلاج آلام البشر أصبحت مقرا للفساد حينما تسرق أعضاء البسطاء.