رغم أن رواية صانع المفاتيح الصادرة عن دار العين هي العمل الأول للكاتب الشاب أحمد عبد اللطيف إلا أنها استطاعت أن تجذب لها الأنظار فقال عنها الكاتب الكبير ابراهيم عبد المجيد صانع المفاتيح قراتها بالنهار فأحسست اني امشي في الليل المسكون بالأسرار. رواية جيدة تبشر بكاتب حقيقي. أحمد يعمل مترجما بسفارة كوبا وله العديد من الكتب المترجمة عن الأدب الأسباني أو أمريكا اللاتينية فترجم الذكريات الصغيرة والبصيرة للكاتب البرتغالي ساراماجو, وقرار رفيع مسرحية للأسباني ميجيل ميورا, ولاورا وخوليو لخوان مياس, وعن عمله الأول كان لنا معه هذا الحوار. ** من أين جاءت فكرة مفاتيح الحواس التي قامت عليها الرواية؟ * كان هناك سؤال وهاجس حقيقي قبل كتابة الرواية لماذا يصمت كل هؤلاء الناس ازاء ما يحدث, فلم أجد إجابة منطقية وتصورت بشكل فانتازي ان لسانهم مقفول بمفتاح لكن السؤال من معه هذا المفتاح وهنا خلقت الشخص المجهول داخل الروايه, وان كنت اعتقد ان هناك قوة خارجية دائما هي من تمتلك المفاتيح لذلك كان هناك صراع خفي طول الوقت بين الجماعات الإسلامية المتطرفة والخواجة وصاحب الفندق وتنتهي الرواية بشكل يطرح تساؤلا عما يمكن أن يحدث بعد ذلك. ** وهل هناك قصدية في تجهيل مكان وزمان الرواية؟ * تعمدت ذلك لأن القرية محور العمل خلقتها من جديد وابتكرت احداثا وشخصيات فبالتالي الاسم لم يعن لي شيئا فهي قرية في مصر أو في أي مكان, ولم أطلق أسماء علي الشخصيات فالصفات التي كانت تحملها كل شخصية ممكن أن تحملها شخصية اخري وستسير الاحداث بنفس الشكل اما الزمان بالنسبة لي فببدأ بصنع المفتاح وما قبل وما بعد صنعه, وعندي اعتقاد خاص ان العمل يكون اكثر جمالا عند تجهيل الأسماء لكن في نفس الوقت هناك اشارات اخري للمكان مثل القرية فيها بعض سمات الشخصية المصرية والزمان رغم عدم تحديده الا أن هناك اشارات علي حداثة الوقت مثل ذكر اسماء لأجهزة حديثة مثل التليفون المحمول واللاب توب فيفهم أن الأحداث تتم في العصر الحديث. ** لماذا كانت شخصية البطل شديدة المثالية وأحيانا ينزع للصوفية؟ * أعتقد انها ليست كذلك فلا يوجد خير مطلق وشر مطلق وبسبب ميول البطل الصوفية وسنة واهتماماته الوجودية ثمة اعتقاد يشير إلي انه شخص مثالي, لكن من وجهة نظر ثانية هو شخص سلبي أيضا, وبخصوص الصوفية رأيت أنها الحل الوسط في ظل وجود وجهين للتطرف الأول المتمثل في الجماعات الاسلامية والثاني هو التطرف الأخلاقي المتمثل في الأعمال الإباحية التي تتم في الفندق. ** لماذا لجأت لتضفير الحلم بسير الأحداث, وما تفسيرك لتعدد مستويات السرد؟ * الحلم بشكل عام له معنيان اما نتاج رغبات متراكمة في العقل الباطن أو الحلم بمعني الرؤية وقد استخدمتها بالمعنيين, فالحلم كان بالنسبة لي في الأساس وسيلة للدخول في نفوس الأبطال بدلا من وضعهم في مواقف مأزومة حتي أقول عما داخلهم لأن هذا سيأخذ من جماليات النص وينقل الرواية علي أرض واقعية أكثر من اللازم فكنت ميالا إلي أن يكون للحلم صوت اخر غير الراوي والبطل صانع المفاتيح, فتعددت الأصوات السردية والتي كانت مهمة لإثراء الرواية. فاختلف عندي مفهوم الراوي العليم فلم يكن بالمعني المفهوم فهو يعرف ما يحدث من الخارج وليس الداخل, فكنت اريد ان استخدم صوتين في الحكي كما اردت المزة بين الخيال والواقع حتي الافكار التي يمكن ان يشار اليها انها واقعية في النص هي في الأساس ليست واقعية فالواقع كان كنبوءة أو خوف أو هاجس عندي أو انشغال بالناس. ** لماذا جعلت من الأبطال جزر منعزلة عن بعضها ووحيدة؟ * التيمة الأساسية بالنسبة لي كانت العزلة رغم أنها خيط خفي لكن كل شخصيات العمل معزولون فالقرية واحدة وصانع المفاتيح وحيد والدكتور وحيد فكنت أحاول تمثيل مشكلة الإنسان المعاصر ففي الوقت الذي يحوطنا أشخاص كثيرون إلا اننا في الواقع نعيش في وحدة. ** هل أثر عملك كمترجم في كتابتك الأولي؟ * القراءة بشكل عام بتفرق والترجمة بتفرق أكثر لأني بعيش النصوص عن قريب, واستفدت بشكل كبير فشاهدت مذاهب سردية كثيرة منها الواقعية السحرية والسياسية واجتماعية وفانتازيا واخري خليطة مع الواقع, ولكن ذلك أخرني في النشر فكنت خائفا ونهيت أكثر من مشروع كتابة لي قبل أن ابدأه, ولأن لدي هاجس بان عندما أقدم علي كتابه نص يجب أن يكون جاد وساعدني علي هذا أن شهوة النشر والكتابة لم تتملكني, فأنا متحقق في الترجمة بشكل جيد, لذا كتبت الرواية في مدة زمنية طويلة وأجريت عليها الكثير من التعديلات, واستغللت خبرة الترجمة لأكتب نصا في النهاية فيه كثير من التيارات السردية دون قصد.