إذا شعرت بأن الحب قد بدأ يتسرب من بينك وبين زوجتك، أو أن الملل قد بدأ يدب فى قلبيكما، أو أن شروخًا من عدم التفاهم قد أصابت علاقتكما، أو أن جسور الثقة قد انهارت بينكما، أو أن زهرة الحب قد ذبلت، وجذوة الأشواق قد انطفأت، والحضن الدافئ قد برد، والبسمات الحلوة قد ذهبت، وغصون الشجرة قد جفت، والكلمة الحلوة قد هربت؛ إذا شعرت بكل ذلك أو ببعض منه فلا تسارع بالاتهام، ولا تلق باللوم وتذهب بالشكوى فى كل الاتجاهات، لا تسئ لأعز الأحباب وعِشْرَة السنوات، واجه نفسك بصدق وتحمل التبعات، اعتبر نفسك أنت المسئول الوحيد، واسع لإزالة كل خلاف، وحارب لكى تستعيد أجمل ما فات. لقد كانت زوجتك هذه يومًا حلم حياتك، الحلم الذى جاهدت من أجل أن يتحقق، السعادة التى أردتها لنفسك، الحب الذى أردته لقلبك، الحضن الذى طالما انتظرته، والبسمة التى لم تفارق شفتيك، والعطر الفواح الذى ملأ صدرك، والصوت الشجى الذى أيقظ شوقك، والأمل الغالى الذى تعيش من أجله، والوعاء الذى يحمل ولدك، فلماذا تنازلت عن كل ذلك شيئًا فشيئًا؟ وكيف نسيت عمرك الذى فات وما تمنيته فيما هو آت؟ أبتلك البساطة تترك السعادة تهرب منك، وتعيش تندب حظك العاثر الذى ألقاها فى طريقك بدلاً من أن تعيدها لأحضانك؟ لقد كنت يومًا النور الذى تراه عيناها، وأغاريد الطيور التى تطرب أذنيها، وعطر الورود الذى يملأ صدرها، ونسمات الربيع التى تنعش أوصالها، والحب الكبير الذى يملأ قلبها، فلا ترى أو تسمع أو تشعر فى الدنيا بسواك، لا تصدق غيرك، ولا تبصر الدنيا سوى بعيونك، ولا تطيع من البشر قبلك أحدًا، ترن كلماتك فى أذنيها فلا تسمع غيرها، وتغمض عينيها لتذكر همساتك فتطرب لها، وتشعر بدفء لمساتك فتغيب فى عالم من الجمال والخيال والأحلام، فكيف وصلت لذلك وقتها؟ ماذا صنعت لها لتستغنى بك عن كل الدنيا وكل الناس؟ كيف سيطرت على قلبها وعقلها آنذاك؟ وإذا كنت فعلت كل ذلك يومًا فلماذا كففت عن الأشياء التى تعلم أنك تستطيع الوصول لقلبها بها؟ لماذا تركت أسلحتك التى تستطيع التأثيرعليها بها؟ لماذا حرمتها من كلماتك الرقيقة وهمساتك الناعمة ولمساتك الحنونة الودودة، ونظراتك الوادعة ومشاعرك الفياضة؟ أين الورود التى طالما أهديتها إياها، وعبارات الغزل التى أمطرتها بها؟ أين لهفتك عليها إذا تعبت، وقلقك عليها إذا أصابها هم أو حزن واهتمامك بها، واحترامك لرأيها وكلامها؟ أين ودك المتصل وحنانك الفياض بلا انقطاع، وتقديرك لتعبها لأجلك ولأجل أبنائك ولو لأبسط جهد؟ أين مساعدتك لها فى أعبائها؟ أين مساندتك لها فى أزماتها؟ أين تشجيعك لها فى هواياتها المفيدة؟ وأين إعجابك بثقافتها وأخلاقها؟ أين إطراؤك لها على فستان ترتديه أو تسريحة فى شعرها؟ أين إشراكك إياها فى أفكارك ومشاغلك ومشاكلك واستماعك لرأيها ولو لم تأخذ به؟ أين؟ وأين؟... قد تبدو لك تلك الأشياء كلها بسيطة وساذجة، لكنها وبكل بساطة مفاتيح قلب المرأة وعقلها معًا، والتى وصلت لها يومًا بها، فلماذا عندما تصل وتعرف كل الأسرار وتملك جميع المفاتيح تلقيها وراء ظهرك؟ عد إلى مفاتيحك القديمة وأزل عنها التراب والصدأ، وحاول أن تفتح تلك الأبواب الهشة التى تبدو لك حصونًا صلدة منيعة، الآن، حاول بصدق وبحب وبشوق، ولن تصدق النتيجة المذهلة التى ستصل إليها إن شاء الله، لا تنتظر أن تأتى هى إليك، فقد تكون هى الأخرى فى انتظارك منذ أمد بعيد، تعيش على أمل أن تفهمها وتعود إليها من جديد، فالحب مثل الرصيد، لابد أن تضع فيه المزيد لتستطيع أن تسحب منه من جديد، مثل الشجرة الغضة التى لابد أن نرويها لكى تحيا وتثمر وتظلل علينا وتحمينا من البرد والحر الشديد، جدد الحب فى قلبك، وأحْىِ الأمل فى صدرك، واسترجع ذكريات الزمن البعيد مع زوجة محبة تنتظر منك الحب والشوق، ومن كل معنى جميل المزيد، فساعدها، ساعدها على أن تحبك من جديد. انس كل إساءاتها إليك كما تود أن تنسى هى كل إساءة منك لها، انس كل ثوراتها عليك، فكل ذلك من وراء قلبها الذى يحبك، انس تجاهلها إياك، فكل ذلك من ضعفها أمامك، انس شكها فيك فكل ذلك من غيرتها عليك، انس كلماتها اللاذعة فخلف كل كلمة منها "أحبك"، "أعشقك"، انس برودها نحوك فوراء ذلك شوق عارم تمنعه كرامتها، وانس شكواها منك فذلك سببه أملها فى رجوع المياه لمجاريها بينكما وإن أساءت التصرف. المرأة لا تفكر مطلقًا فى هدم بيتها، والزوجة المحبة ليس هناك طعنة أشد فى كرامتها من مفارقة زوجها لها، أو إهانة أنوثتها من تفضيل غيرها عليها. تذكر ميزاتها وانس عيوبها، أدر ذاكرتك على أيامكما الحلوة ولحظاتكما السعيدة معًا، أحب زوجتك وأعلن عن حبك لها بكل وسيلة مشروعة لكى تستعيد حبها، وسدد سهام الأشواق لكى تملك قلبها ثانية، لا تعتبرها شيئًا مملوكًا لك أو عصفورًا حبيسًا ملك يديك، لكيلا يضيع الحب أو يطير العصفور بعيدًا، لا تجعل للناس سلطانًا على علاقتكما معًا، ولا تشعر بنقص إن دافعت عن حبك وبيتك وأحلامك، ولا تنتظر شيئًا من أحد، حاول، حارب، حوط على حبك وأحلامك، فليس من غريب عنك، بل هى أقرب الناس إليك، نفسك، نصفك الآخر، زوجتك الحبيبة، وأم أحبابك.