قدم تلفزيون اليوم السابع بثا مباشرا، من مركز الحفريات بالمنصورة، بعد أن حققت جامعة المنصورة إنجازًا علميًا جديدًا يُضاف إلى سجلها الحافل بالاكتشافات العالمية، بعد إعلان مركز الحفريات الفقارية بالجامعة (MUVP) بقيادة الدكتور هشام سلام، أستاذ الحفريات الفقارية ومؤسس المركز، عن اكتشاف نوع جديد من التماسيح القديمة عاش في مصر قبل نحو 80 مليون عام، في صحراء الوادي الجديد، أطلق عليه اسم "واديسوكس كسّابي (Wadisuchus kassabi)". ويعد هذا الاكتشاف، الذي نُشرت تفاصيله في مجلة The Zoological Journal of the Linnean Society الدولية المرموقة، من أهم الاكتشافات التي تُسلط الضوء على الحياة في العصور السحيقة، إذ يمثل "تمساح الوادي" أقدم أفراد عائلة الديروصوريدات (Dyrosauridae)، وهي مجموعة من التماسيح البحرية التي نجت من انقراض الديناصورات وازدهرت بعده. وقال الدكتور شريف خاطر، رئيس جامعة المنصورة، إن هذا الإنجاز العلمي يُسجَّل بحروفٍ من نور في سجل الجامعة، ويعزّز مكانتها الدولية في مجال البحث والريادة، مؤكدًا أن الجامعة ماضية في دعم البحث العلمي التطبيقي الذي يخدم الإنسانية ويُبرز دور الشباب في الاكتشاف والابتكار. وأضاف أن مركز الحفريات الفقارية بات نموذجًا مصريًا ملهمًا في مجال البحث العلمي، ويُجسد قدرة الباحثين المصريين على تحقيق إنجازات ذات طابع عالمي تُعزز القوة الناعمة لمصر عبر بوابة العلم. وأوضح الدكتور هشام سلام أن بقايا التمساح العملاق تم اكتشافها في منطقتي الواحات الخارجة وباريس، وتشمل أجزاء من جماجم وخطوم لعدة أفراد في مراحل عمرية مختلفة، مما أتاح للعلماء فرصة نادرة لفهم تطور هذه الفصيلة القديمة من التماسيح. وأضاف أن الفريق البحثي استخدم تقنيات التصوير المقطعي ثلاثي الأبعاد للكشف عن تفاصيل تشريحية دقيقة لم تُرَ من قبل، ما أتاح تصورًا أوضح للبنية الداخلية لهذه الكائنات البحرية. وأشارت الدكتورة سارة صابر، المدرس المساعد بجامعة أسيوط وعضو الفريق البحثي والمؤلف الأول للدراسة، إلى أن "واديسوكس" تميز بسمات تشريحية فريدة جعلته يمثل حلقة انتقالية مهمة في تاريخ تطور التماسيح، موضحة أن طوله تراوح بين 3.5 و4 أمتار، وكان صيادًا ماهرًا للأسماك بفضل خطمه الطويل وأسنانِه الحادة، وأنه يختلف عن أقاربه بامتلاكه أربع أسنان أمامية بدلًا من خمس، وفتحات أنف أعلى الخطم تساعده على التنفس من سطح الماء. فيما أكد بلال سالم، طالب الدكتوراه بجامعة أوهايو والمدرس المساعد بجامعة بنها وعضو الفريق، أن نتائج الدراسة كشفت عن الدور المحوري لأفريقيا، وخاصة الصحراء الغربية المصرية، في نشأة وتطور التماسيح البحرية، مشيرًا إلى أن تنوع هذه العائلة بدأ في أفريقيا في وقت أقدم مما كان يُعتقد سابقًا، وهو ما يمنح الاكتشاف بعدًا عالميًا جديدًا. ويحمل الاسم "واديسوكس كسّابي" دلالات مصرية خالصة؛ ف"وادي" ترمز إلى موقع الاكتشاف في الوادي الجديد، و"سوكس" مستمدة من اسم الإله المصري القديم "سبِك" إله القوة والخصوبة برأس التمساح، أما "كسّابي" فجاء تخليدًا لاسم العالم المصري الراحل أحمد كسّاب، أحد رواد علم الجيولوجيا والحفريات في مصر. واختتم الدكتور هشام سلام حديثه قائلاً إن أهمية الاكتشاف لا تكمن فقط في إضافة فصل جديد لتاريخ التماسيح القديمة، بل في تسليط الضوء على الكنوز العلمية التي تخفيها الصحراء المصرية، مؤكدًا أن "الصحراء الغربية ما زالت تحتفظ بأسرارٍ هائلة عن الماضي السحيق، ومهمتنا كعلماء ليست فقط اكتشافها، بل حمايتها للأجيال القادمة لأنها جزء من الهوية العلمية والإنسانية لمصر."