سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
العشق الممنوع وراء جريمة مقتل أسرة فيصل.. القاتل: تعرفت على الأم وتخلصت منها بمادة سامة فى العصير.. تركتها جثة هامدة بالمستشفى.. استخدمت السم نفسه فى التخلص من طفلين وألقيت الثالث بالترعة لشكه فى الأمر
في مشهدٍ يهزّ القلب قبل العقول، تحوّل بيت بسيط في فيصل إلى مسرح لمأساة إنسانية تفطر القلوب، بعدما قُتلت أم وأطفالها الثلاثة غدرًا بالسم على يد من وثقت به. جريمة لم تترك وراءها سوى أسى وذهول، وأسئلة مؤلمة عن غياب الرحمة في بعض القلوب. وكشفت أجهزة الأمن بالجيزة تفاصيل واحدة من أبشع الجرائم التي شهدتها منطقة فيصل خلال الأيام الأخيرة، بعدما اعترف صاحب محل أدوية بيطرية بارتكابه جريمة قتل مروعة راح ضحيتها أم وأطفالها الثلاثة. المتهم، الذي تم ضبطه بعد تحريات مكثفة، أدلى باعترافات تفصيلية هزت الرأي العام، قائلًا: "كنت على علاقة بالأم، لكنها خذلتني، فقررت أن أخلص الدنيا منها ومن أولادها". في اعترافاته أمام رجال المباحث، قال المتهم إنه ارتبط بعلاقة غير شرعية بوالدة الأطفال، وإنها كانت تقيم معه في شقة مستأجرة بصحبة أبنائها الثلاثة. ومع مرور الوقت، اكتشف — بحسب أقواله — أنها "سيئة السلوك"، ما جعله يخطط للتخلص منها، وفي يوم 21 من الشهر الجاري، اشترى مادة سامة من نوع خاص تُستخدم في الأدوية البيطرية، وخلطها في كوب عصير وقدمه لها داخل الشقة. وأضاف أنه عندما بدأت تشعر بحالة إعياء حادة، تظاهر بالاهتمام بها، ونقلها إلى أحد المستشفيات مدعيًا أنها زوجته، وسجّل بياناته هناك باسم مستعار، ثم تركها وغادر المكان قبل أن تفارق الحياة متأثرة بتناول السم.
وبعد ثلاثة أيام فقط، في 24 من الشهر ذاته، قرر المتهم استكمال جريمته البشعة والتخلص من أطفالها الثلاثة حتى لا يُفتضح أمره. وأوضح في اعترافاته أنه اصطحبهم في نزهة ظاهرها الترفيه وباطنها الغدر، حيث اشترى لهم عصائر وخلط فيها المادة السامة نفسها، ثم قدّمها إليهم.
أحد الأطفال، ويبلغ من العمر ست سنوات، شكّ في الأمر ورفض شرب العصير، فاستشاط المتهم غضبًا وألقى به في مجرى مائي بإحدى الترع بدائرة قسم الأهرام، حيث تم انتشال جثمانه لاحقًا. أما الطفلان الآخران، البالغان من العمر 13 و11 عامًا، فقد تناولا العصير المسموم وبدت عليهما علامات الإعياء الشديد، حاول المتهم التخلص منهما بطريقة تبدو وكأنها حادث عرضي، فاستعان بأحد العاملين لديه في المحل وسائق "توك توك" حسن النية، وطلب منهما مساعدته في نقل الطفلين إلى مكان بعيد، حيث تُوفيّا متأثرين بتناول السم.
كانت بداية كشف الجريمة حين تلقى قسم شرطة الأهرام بلاغًا من الأهالي يفيد بالعثور على طفل وطفلة في حالة إعياء شديد بمنطقة فيصل، وتم نقلهما إلى المستشفى، لكنهما فارقا الحياة بعد وقت قصير. بفحص البلاغ وجمع المعلومات، تمكن فريق البحث من تحديد هوية الجاني خلال وقت قياسي، وتبيّن أنه صاحب محل لبيع الأدوية البيطرية يقيم في الجيزة. وبمواجهته بما توصلت إليه التحريات، انهار واعترف تفصيليًا بارتكاب الجريمة، مؤكدًا أنه استخدم المادة السامة نفسها في كل المرات. التحريات أكدت أن المتهم تعمد تضليل الأجهزة الأمنية في البداية، إذ أخفى هوية الأم عند إدخالها المستشفى، ودوّن بيانات مزيفة لنفسه، في محاولة للهروب من المساءلة القانونية، لكن التطور الكبير في وسائل البحث الجنائي ومراجعة كاميرات المراقبة وتحليل بيانات الاتصال، قاد إلى الإطاحة به خلال ساعات من اكتشاف الواقعة. وأشاد خبراء أمنيون بالسرعة التي تعاملت بها الأجهزة المختصة مع البلاغ، وباحترافية فريق البحث في كشف خيوط الجريمة، مشيرين إلى أن الجريمة أثبتت أهمية تحديث أدوات التحري الجنائي والاستفادة من التكنولوجيا في الوصول إلى الجناة بسرعة ودقة. وأكدت وزارة الداخلية في بيان رسمي أنها تمكنت من ضبط المتهم، واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، وإحالته إلى النيابة العامة التي بدأت تحقيقاتها الموسعة معه، للوقوف على الدوافع الكاملة وراء الجريمة، ومعرفة ما إذا كان هناك شركاء آخرون أو دوافع مالية وراء الواقعة. وفي الوقت الذي أثارت فيه الجريمة حالة من الحزن والغضب عبر مواقع التواصل الاجتماعي، طالب العديد من المواطنين بتشديد العقوبات على مرتكبي الجرائم الأسرية، خاصة تلك التي تُرتكب بدافع الانتقام أو الغيرة أو الابتزاز. العقوبة القانونية المنتظرة
بحسب خبراء قانونيين، فإن المتهم يواجه تهمًا متعددة، أبرزها القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، واستخدام مادة سامة بقصد إزهاق الروح، وهي جناية عقوبتها تصل إلى الإعدام شنقًا وفقًا للمادة (230 و231) من قانون العقوبات المصري، التي تنص على أن "كل من قتل نفسًا عمدًا مع سبق الإصرار يعاقب بالإعدام". كما يُتوقع أن يواجه أيضًا تهمة إخفاء هوية المجني عليها وتضليل العدالة وهي جريمة يعاقب عليها القانون بالسجن المشدد، فضلًا عن إمكانية توجيه تهمة "القتل المقترن بقتل أكثر من شخص"، وهي ظرف مشدد يغلّظ العقوبة تلقائيًا إلى الإعدام. وأشار الخبراء إلى أن اعترافات المتهم التفصيلية وتوافر الأدلة الفنية من تقارير الطب الشرعي، وتحليل السم المستخدم، ومطابقته للمادة التي ضبطت داخل محله، كلها عناصر كافية لإدانته، ومع أن جهات التحقيق هي صاحبة القرار النهائي في توصيف الجريمة قانونيًا، فإن المؤشرات تؤكد أن القضية تسير في اتجاه "الإعدام المحتوم". وفي انتظار ما ستكشفه التحقيقات من تفاصيل إضافية، تبقى جريمة فيصل واحدة من أكثر الجرائم إيلامًا في الشارع المصري خلال الأشهر الأخيرة، ليس فقط لبشاعتها، ولكن لأنها ارتُكبت بدم بارد ضد أم وأطفالها الأبرياء، على يد من يفترض أنه كان الأقرب إليهم.