على مدار سنوات، نجد الرئيس عبدالفتاح السيسى هو الطرف الأقوى الذى يشعر بالمواطن ويوجه الحكومة والأطراف المختلفة، إلى ما يمكن أن يعالج التداعيات والانعكاسات المختلفة للإصلاح الاقتصادى، ووسط انشغالاته بمواجهة تحديات الأمن القومى وتداعيات الحروب والصراعات، يتابع بشكل مستمر معاناة المواطنين، ويوجه دائما بسد ثغرات تتركها الحكومة بلا علاج، أو تكتفى بإنتاج بيانات وإعلانات لا علاقة لها بالوقع الذى يعيشه المواطن. وفى كل مناسبة يتحدث فيها الرئيس عبدالفتاح السيسى، فإنه لا يكتفى بتوجيه الشكر للشعب المصرى على تحمله ومساندته للدولة فى مواجهة تحديات عاصفة، وأن وحدة المصريين وتآزرهم عامل حاسم فى مواجهة ما تم على مدى سنوات، وتسبب فى تفكيك دول من حولنا، ثم إن الرئيس السيسى، هو الذى وجه بعلاوات للموظفين ورفع الحد الأدنى للأجور مرات، لمعالجة تداعيات الأزمات والإصلاح الاقتصادى، وفى التشريعات أعاد الرئيس السيسى قانون الإجراءات الجنائية إلى مجلس النواب لمعالجة مواد تخالف الدستور، وتحرم المتهم من حقوقه الدفاعية وخصوصيته، كل هذا يأتى بمبادرات وتدخلات من الرئيس تعالج الخلل، وفى المقابل فإن الحكومة والأطراف المنوط بها التشريع، تصر على تمرير مواد مخالفة للدستور، وتمرر مواد تبيح التحقيق مع متهم فى غياب دفاعه. الشاهد أن الرئيس السيسى يستمع ويتابع آراء الخبراء والحقوقيين، والاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، ويعيد قانونا يرى أنه يخالف الدستور، فتصر أطراف التشريع على وجود مواد غير دستورية ولا تستند لآراء قانونيين معروف عنهم النزاهة والحرص على القانون، والدستور، خاصة أن قانون الإجراءات الجنائية يضمن الحقوق والواجبات لكل أطراف التحقيقات والمحاكمات، ولا أحد يعرف متى يكون متهما أو دفاعا، وبالتالى الأفضل أن يأتى متوازنا وخاليا من العوار. نفس الأمر فى ما يتعلق برفع الأسعار، فإن الرئيس السيسى يطالب الحكومة دائما بأن تخرج للناس لتشرح وتوضح ما وراء القرارات، وأن تقدم المعلومات والبيانات بوضوح، لكن الواقع أن رئيس الحكومة بالرغم من كثرة الاجتماعات والمؤتمرات، التى يتحدث فيها كثيرا، يصعب التوصل إلى جملة مفيدة توضح للمواطن من الطبقة الوسطى سبب استمرار ارتفاعات الأسعار بالرغم من انخفاض الدولار، فقط يردد جملة «شعور المواطن بانخفاض الأسعار قادم» لا نعرف قادم من أى جهة ولا من أى مكان، والحقيقة كأننا أمام حكومة «فى الظل» وليست «حكومة ظل»، بمعنى أنها تخاف من الشمس، والحديث عن ارتفاعات النمو ونسبه، تأتى فقط فى «السرديات» وتغيب من الواقع، فالمواطن لن يأكل سرديات ولن يضع فى سيارته «مرويات» وبيانات تبدو فيها الحكومة غارقة فى «البلهنيات»، وجلسات تحضير الأرقام التى لا تفعل شيئا، وتضاعف من شعور المواطن «المتوسط» بأن الحكومة لا تستوعب تعليمات الرئيس، ولا تهتم بالشرح، بالرغم من كل الاجتماعات التى تعقدها لتستعرض فيها نجاحاته «منقطعة الجماهير». بل ومن المفارقات أن رئيس الحكومة بالرغم مما يعانيه ملف الصحة من ثغرات وتأخير فى مشروع التأمين الصحى الشامل وتوفير علاج قرارات العلاج على نفقة الدولة، يخرج رئيس الوزراء ليتحدث عن مبادرات القضاء على «فيروس سى»، أو قوائم الانتظار، بينما هى مبادرات رئاسية، لا فضل للحكومة فيها، بل كان يفترض أن تتعلم منها الحكومة فى بناء منظومة العلاج والصحة، بما يعالج خللا واضحا وغيابا للتواصل، وأن المواطن يجب أن يشكو الى منظومة الشكاوى ليحصل على حقه. الشاهد أننا فى مرحلة تحتاج إلى حكومة تعمل بعيدا عن الاستعراضات والبيانات والدعائية، وجلسات تحضير الأرقام، وعليها أن تراجع خطاب تكليف الرئيس لها وتعهداتها أمام النواب والمواطنين، لنعرف ما إذا كانت حكومة حقيقية أم «حكومة فى الظل»؟