تحركت القاهرة مُبكرًا لاحتواء الأزمة الأكبر فى الشرق الأوسط خلال العامين الماضيين، حيث إن ما شهدته غزة من أحداث دامية، راح ضحيتها آلاف الشهداء بالإضافة إلى آلاف من المصابين والمشردين من الأبرياء، بسبب ممارسات إسرائيلية غير مسؤولة انتهكت كل معانى الإنسانية، والمواثيق والمعاهدات والقوانين الدولية وكل ما يعنى بحقوق الإنسان، دون محاسبة أو رقيب، فكانت ردود الأفعال العالمية فى البداية تكتفى بالشجب والإدانة، دون تحرك حقيقى واضح يُمكنه الحد من نزيف غزة. فيما كان رد الفعل المصرى سريعًا ومسؤولًا، فبعد أسابيع قليلة من أحداث غزة فى 7 أكتوبر من عام 2023، أكدت مصر على ضرورة وقف هذا الصراع، مُتنبئة بتداعياته السلبية والواسعة ليس فقط على المنطقة، بل العالم أجمع، فالشرق الأوسط نقطة محورية مؤثرة على كثير من دول العالم التى لا تخلو مصالحها الاقتصادية والاستراتيجية من أهمية استقرار دول المنطقة؛ لذا استقبلت القاهرة، وتحديدًا بالعاصمة الإدارية الجديدة، عددا من القادة والمسؤولين من نحو 30 دولة، إلى جانب الأمين العام للأمم المتحدة، فى 21 أكتوبر من العام ذاته، لبحث تطورات أحداث غزة، ودعم القضية الفلسطينية، والتأكيد على ضرورة إنهاء هذا الصراع والعدوان الإسرائيلى على القطاع. الموقف المصرى واضح منذ اللحظة الأولى، فالدولة على دراية تامة بمخاطر مثل هذا الصراع وآثاره على مصر والشرق الأوسط، لذلك كانت لها المبادرة فى اتخاذ خطوات دبلوماسية جادة تجاه إنهاء الأزمة، ورغم ما تعرضت له مصر من شائعات مُضللة حول موقفها ودورها تجاه القضية الفلسطينية، وأيضًا محاولات تشويه الدولة المصرية وقيادتها ومؤسساتها الوطنية، فإنها تسلحت بالصبر والحكمة، مؤكدة فى مواقف مختلفة على قدرتها العسكرية الحاضرة إذا تطلب الأمر فى أى وقت، بينما لم ولن نُجر إلى هذا السبيل، إيمانًا بأن إرادة السلام ستنتصر على القوة الغاشمة. وبالفعل نجحت القاهرة فى إثبات رؤيتها عبر تحركات سياسية ودبلوماسية على أعلى مستوى سواء سرية أو مُعلنة، لتؤكد للعالم أجمع بالفعل وليس القول، أنها على قدر المسؤولية، وأنها عاصمة القرار العربى، فمنها دائمًا ينطلق نداء السلام، وهو ما تثبته الأحداث المعاصرة والتاريخية أيضًا. وتأتى قمة شرم الشيخ التاريخية لتكون إعلانًا جديدًا بأن مصر هى القادرة دائمًا على أن تصل بالشرق الأوسط إلى بر الأمان، مُعلنة من أرض السلام إنهاء حرب غزة بعد أكثر من عامين من «العربدة الإسرائيلية»، فهنيئًا للأشقاء فى فلسطين، وهنيئًا للشرق الأوسط، وهنيئًا لشعب مصر الذى يجب أن يكون فخورًا بوطنه وقيادته، بمثل هذا الحدث التاريخى الذى انطلق من على أرض مصر، والتى نجحت أن تكون رمزًا للسلام فى العالم.