نثمن مسيرة الأستاذ الدكتور خالد العناني العلمية، التي تُعد مشرفة في جل مراحلها؛ فقد بدأت بالتفوق العلمي الذي بنى على معرفة عميقة بمجال تخصصه الأكاديمي؛ فقد حصل سيادته على درجة الدكتوراه في علم المصريات، من جامعة بول فاليري مونبلييه بفرنسا عام 2001م، وكان من أحد أبرز الخبراء في مجال الحضارة المصرية القديمة؛ حيث عمل أستاذًا لعلم المصريات في جامعة حلوان، ودرّس اللغة المصرية القديمة في عدة جامعات دولية مرموقة، ومثل كعضو مراسل في المعهد الأثري الألماني في برلين، وعضو في المعهد الفرنسي للآثار الشرقية (IFAO). لقد توجت رحلة الرجل العلمية بتدرجه المستحق في المناصب؛ حيث تولى عن جدارة منصب وزير الآثار في 23 مارس 2016، ثم منصب وزير السياحة والآثار بعد دمج الوزارتين في 22 ديسمبر 2019، وقد استطاع أن يدير ملف التراث المصري والسياحة بحكمة واحترافية، وفي خضم خطواته المتواصلة نحو الإنجاز المهني والأكاديمي تأكد أن القيادة الحقيقية تنبع من العلم، والإخلاص، والعزيمة والإصرار والمثابرة والصبر الجميل ومن خلال ذلك، ارتقى العناني ليكون رمزًا ثقافيًا ودبلوماسيًا يرفع اسم مصر عاليًا في المحافل الدولية. تفخر مصر اليوم بكل ابنٍ بارٍّ من أبنائها يرفع رايتها خفّاقة على الساحة الدولية، وقد جدد هذا الفخر فوز الدكتور خالد العناني الساحق في انتخابات المجلس التنفيذي لليونسكو، إذ نال 55 صوتًا من أصل 57 وانتُخب مديرًا عامًا للمنظمة، ودون مواربة، يُعد هذا الإنجاز التاريخي إضافةً مشرّفة إلى سجل مصر الدبلوماسي والثقافي، ويعكس ما تتمتع به من قوةٍ وريادةٍ ومكانةٍ راسخة في مؤسسات العمل الدولي، وفي القلب منها منظمة الأممالمتحدة. شكلت الدبلوماسية والثقافة المصرية والثقة الدولية دورًا رئيسًا في الفوز المشرف لأبن مصر المجتهد الدكتور خالد العناني، وهذا شهادة ذهبية على أن مصر صاحبة تفرد وتمتلك من أصحاب المواهب والقدرات الخاصة ما يسهم في صياغة السياسات الثقافية العالمية؛ ومن ثم نثق بأن العقل المصري المستنير، يجمع ما بين جذور الحضارة وتطور العصر، وهنا نقول بكل فخر إن مصر أحد منارات الفكر الإنساني ومهدًا للحوار بين الثقافات. نقدر جهود القوة الناعمة التي حققت تأثيرًا يضيف للتاريخ المصري، ونشيد بدعم القيادة السياسية الرشيدة لمسار الدبلوماسية المصرية التي تغير بصورة إيجابية في التوجهات والاتجاهات نحو مصر الدولة العظمى؛ حيث مهدت الطريق لشغل قيادة في منظمة اليونسكو، تتسع أمامها آفاق العمل لتعزيز الحوار الإنساني بين الثقافات، وحماية التراث العالمي المشترك، وهنا تأكيد على أن مصر لها رسالة حضارية خالدة، تمتد جذورها في التاريخ، وتفيض عطاؤها المستدام على العالم بأسره. خالد العناني مدير عام اليونسكو ليس إنجازًا فرديًا؛ لكنه تتويجًا لجهود دبلوماسية وتأكيدًا على ثراء الإرث الحضاريٍ العربيٍ والأفريقيٍ مشترك، وهذا بالطبع يشير إلى دلالة كبرى فحواها أن شعوب المنطقة بما تملكه من عمقٍ ثقافي وتاريخي قادرة على الإسهام الفاعل في بناء المنظمات الدولية بثقةٍ ومهنيةٍ رفيعة، كما أن حالة الحضور المصري في الساحة الدولية تجعلنا ندرك قوة المكانة الثقافية والدبلوماسية للقطر المصري على المستوى العالمي. إن فوز الدكتور خالد العناني بمنصب المدير العام لليونسكو يفتح أمامنا آفاقًا جديدة لتفعيل دور مصر الريادي في صياغة وتشكيل المشهد الثقافي العالمي، ليوقن الجميع بأن مصر لها رسالة تاريخية في بناء الإنسان، وصون التراث، وترسيخ قيم التنوير والمعرفة، ومع هذه الثقة الدولية، تُقبل مصر على مرحلةٍ جديدةٍ من الحضور الفاعل في مؤسسات الفكر والثقافة، مستندةً إلى إرثٍ حضاريٍ لا يُضاهى، ورؤيةٍ سياسية وطنيةٍ تؤمن بأن الثقافة هي الجسر الأجمل نحو سلامٍ إنسانيٍ مستدام.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع. _____ أستاذ ورئيس قسم المناهج وطرق التدريس كلية التربية بنين بالقاهرة _ جامعة الأزهر