سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
رسائل الرئيس السيسي في القمة الاستثنائية لأعضاء بريكس.. الإصرار على التنمية.. والتمسك بمسار السلام.. مقومات العدالة الدولية.. دلالات الموقف الثابت تجاه القضية الفلسطينية
بدعوة من جمهورية البرازيل الاتحادية، وعبر الفضاء الرقمي، شارك الرئيس عبد الفتاح السيسي في قمة استثنائية لتجمع "البريكس"، تناولت المستجدات الدولية، والتحديات، التي تواجه الدول النامية، ومناقشة تفاصيلها، وهنا نود الإشارة إلى أن الدولة المصرية لها دور فاعل في هذا التجمع الاقتصادي ومؤثر في إحداث صورة للتوازنات العالمية، التي تنحو بعيدًا عن مسارات الهيمنة الاقتصادية بأنماطها المتباينة، كما أن القيادة السياسية أكدت من خلال العلاقات الدبلوماسية الرئاسية، أن أشكال التعاون بين الدول، تصب قطعًا في مصلحة الجميع، وأن الشراكة التي تقوم على مبادئ واضحة تأخذ صفة الاستدامة. إشارة الرئيس إلى نجاح مخرجات قمة ريو، تؤكد على أن التجمع الاقتصادي العالمي له ثمرات يانعة على أرض الواقع؛ حيث يساعد في خلق توازنات أمام التكتلات المنافسة على الساحة الدولية، وهذا قطعًا يؤثر إيجابيًا على صورة العلاقات الدولية؛ إذ يفتح مسارات توافقية تشمل الأبعاد السياسية والاقتصادية، ويحقق مزيد من المصالح المشتركة، ليس فقط بين الدول الأعضاء؛ لكن يشجع دولًا أخرى في الانضمام لهذا التحالف المربح في مجمله، ناهيك عن التوافق حول القضايا الكبرى، التي تشغل الرأي العام العالمي؛ بالإضافة إلى الهدف الرئيس، الذي يتضافر الجميع من أجل تحقيقه، والذي يتمثل في المواجهة الجماعية، أمام التحديات التي تحد من قدرات الدول النامية على وجه الخصوص، والتي تشمل في طياتها الأمن الغذائي، والطاقة، والديون، والتنمية المستدامة. النظام العالمي برمته يمر بتوقيت حرج؛ حيث تتنامى الصراعات، وتتعالى صور التهديدات، وتتراجع الأدوار المنوطة بالمؤسسات الأممية، وتبدو فيه الشرعية في مهب الريح، وهذا يؤدي إلى قلق بالغ نحو الرؤى المستقبلية، التي من المفترض أن تلبي في خضمها، طموح، وآمال، وتطلعات، الشعوب المشروعة، كما أن الوضع الحالي، يهدد بشكل صريح الأسس، والقواعد، والمبادئ، التي قام عليها النظام الدولي؛ حيث غياب القانون وهيمنته من الساحة الدولية، واستبداله بلغة القوة والنفوذ، التي تؤكد على السيطرة بكل أبعادها، وهنا يأتي دور السياسة التي تحاول حلحلة القضايا، بمزيد من إذعان فلسفة التعددية الدولية، بعيدًا عن ماهية القرار الفردي؛ لذا جاء البريكس داعمًا بصورة قوية لهذا التوجه الحميد، الذي يفتح أطر التعاون، وفي ذات الوقت يحافظ على بقاء المبادئ والقواعد الدولية، التي تحمي الأقطار النامية على وجه الخصوص، وهذا ما أكده الرئيس في صدر حديثه. بعث الرئيس عبد الفتاح السيسي برسالة قوية الدلالة والمعني، في حديثه بالقمة الافتراضية؛ حيث وجه النقد للنظام الدولي، الذي غابت فيه معايير العدالة، وتكرست في ثناياه الازدواجية المعيارية، التي لا يتقبلها العالم، الذي يدعي الحرية، والتمسك بحقوق الإنسان، وأطر المساواة في كافة مجريات الأمور الحياتية وأنظمتها المختلفة، وهذا تأكيد على شيوع فكرة الانتقائية، التي تضير بمفهوم السلم والسلام الدوليين، بل، تزيد من معانا الشعوب، التي تود أن ترتقي سلم التقدم والتنمية في أبعادها المختلفة، وهذا يعد تلميح صريح بالسياسات التي تستهدف الإضرار بمصالح الدول النامية، كما وجه فخامته إلى أن التنبه لمخاطر الانحدار نحو الفوضى واللا قانون، وأنه لا منزع عن الشرعية الدولية والتعددية. لغة الاحتجاج كانت واضحة في حديث فخامة الرئيس؛ إذ عبر عن العجز والفشل من قبل مجلس الأمن، الذي لا يؤدي إلا مهمة إفشال جهود تعزيز السلام، عبر توظيف لغة الفيتو، التي تحقق مصالح ضيقة لمرتكبي المخالفات الجسيمة، وهذا أدى دون مواربة لفقد الثقة من الجميع، تجاه المؤسسات الأممية، وأنه يسهم في توسيع رقعة النزاعات المسلحة، ويكرس الفكر المتطرف وممارساته المضيرة على الأرض، ولمن يفقه دلالات الحديث عليه أن ينتبه لتشخيص وتلخيص الواقع ومجرياته وآفاقه المستقبلية؛ كي تتحرك المؤسسات الأممية تجاه فكرة الإصلاح من الممارسات، وسد الفجوات التي ساعدت في اختلال المنظومة الدولية برمتها. حذر الرئيس من أن التداعيات السياسية، تؤثر بصورة مباشرة على أطر التنمية، ومساراتها، وكافة أبعادها، بل، تضير بالمكتسبات، وتقوض الأهداف، والغايات المستقبلية، وتضاعف من تفاقم الأزمات؛ حيث تراكمية الديون، وصعوبة مصادر التمويل، وتزايد معدلات الكساد، التي تطال المؤسسات المالية الدولية، ومنها صندوق النقد، والبنك الدولي، وهنا تبدو رؤى الإصلاح دائرة في فلك الاتحاد والتعاون الدولي؛ كي لا تزداد حدة التهميش، وتتفاقم الأزمات، ليس فقط بين أطياف المجتمعات، بل، تنال المؤسسات بكل أنماطها. وفي حديثه المتواتر، وضح فخامة الرئيس، الأولويات التي ينبغي انتهاجها؛ كي يحقق تجمع البريكس غاياته الحميدة؛ حيث أكد على تعميق التشاور، في كافة القضايا، بما يقضي على كل مواضع الخلاف بين الدول الأعضاء، ويعزز صور التعاون؛ من أجل تحقيق تنمية مستدامة، لا تقوم على المغالبة، بل، تستند على شراكة توفق ما بين المصالح وحدود الإنسانية؛ ومن ثم تصبح الساحة مهيأة لشراكات استراتيجية كبرى، في العديد من المجالات، خاصة في الطاقة الجديدة والمتجددة، والبنية التحتية، والصناعات التحويلية، والزراعة، والبحث العلمي والتكنولوجيا والابتكار، والذكاء الاصطناعي، وهنا لا جدال حول توسيع آفاق التعاون الاقتصادي والمالي؛ حيث التركيز على تسوية المعاملات بالعملات المحلية، كآلية للحد من هيمنة الدولار؛ بالإضافة إلى دعم توفير التمويل، من خلال بنك التنمية الجديد بالعملات الوطنية. تناول الرئيس بالذكر، عملية إصلاح الهيكل المالي العالمي، وضرورة توفير الحيز المالي للدول النامية، وتطبيق نظم الحوكمة، التي تسهم في صناعة، واتخاذ القرارات، بشكل صحيح، كما أشار سيادته إلى التعاون من أجل مواجهة فاعلة لتداعيات التغير المناخي، والتوقف عن السياسات الأحادية، التي تقوم بها بعض الدول، والعمل الجاد حيال توفير تمويل يمنح الدول النامية، قدرات المواجهة لمسببات وأسباب التغيرات المناخية. وفي رسائله واضحة البيان، حمل الرئيس، إسرائيل المسؤولية تجاه الأزمة الحالية؛ حيث الإضرار بالشعب الأعزل، تحت أسباب واهية، والاستمرار في الإبادة الجماعية، ومحاولات التهجير القسري، وتصفية القضية الفلسطينية بشكل تام، ومن هذا المنطلق أكد سيادته على موقف مصر الرافض، لأي سيناريو يستهدف تهجير الفلسطينيين خارج أرضهم، تحت أي ذريعة، كما جدد الرئيس إدانة مصر ورفضها التام، لمحاولات فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية، وللمخططات الرامية إلى بناء مستوطنات جديدة؛ بهدف تغيير الوضع القانوني والديموغرافي للأراضي الفلسطينية المحتلة، وفرض أمر واقع يقوض حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة. وفي سياق متصل، أشار الرئيس عبد الفتاح السيسي، إلى أن مصر قد أعدت خطة شاملة للتعافي المبكر، وإعادة إعمار غزة، حظيت باعتماد عربي وإسلامي، وتأييد واسع من الشركاء الدوليين، وهي الخطة التي أثبتت بما لا يدع مجالا للشك، أن إعادة إعمار القطاع ممكنة، مع بقاء الفلسطينيين على أرضهم، وأن مصر تعتزم، فور التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، استضافة مؤتمر دولي لإعادة إعمار غزة، بالتعاون مع السلطة الفلسطينية، والأمم المتحدة، لحشد الدعم والتمويل اللازمين.. لتنفيذ هذه الخطة الطموحة، وبكل ثبات قال فخامة الرئيس، ومن هنا؛ أدعوكم إلى دعم الجهود الجارية لإحياء مسار حل الدولتين، والاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة، على حدود الرابع من يونيو عام 1967، وعاصمتها "القدسالشرقية" بما يرسخ السلم والاستقرار في الشرق الأوسط والعالم أجمع.. بصورة عادلة ومستدامة. نؤكد أن تجمع البريكس، بداية لتحقيق ماهية العدالة الدولية، ودعوة لتجنب الانزلاق إلى براثن الأحادية، التي تضير بمصالح الدول النامية، وتأكيد على التسلح بالقيم النبيلة، التي تحض على العدل والمساواة وتكافؤ الفرص والمثابرة؛ من أجل تحقيق رفاهية الشعوب عبر بوابة السلم والسلام؛ لا من خلال الانتهاكات؛ التي تضير بالبشر والحجر؛ وتكرس للكراهية والتناحر على الدوام.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.