بعد سنواتٍ من الدمار الذى لحق بقطاع غزة نتيجة الحروب المتكررة، جاءت جهود مصر فى خطة إعادة إعمار غزة، التى اعتمدتها القمة العربية، كأمل جديد للمدينة المحاصرة. وقد لاقت هذه الخطوة ترحيبًا واسعًا، لا سيما من قبل حركة حماس، التى أكدت على ضرورة توفير كافة مقومات النجاح لضمان إعادة الحياة إلى القطاع، الذى يواجه أزمات متشابكة على المستويات الاقتصادية، والاجتماعية، والإنسانية. ملامح الخطة وأهدافها وفقًا للمعلومات المتاحة، تستند الخطة إلى دعم مالى عربى ودولى لإعادة بناء البنية التحتية، بما يشمل المساكن ، المستشفيات، والمدارس التى دمرتها الحرب. كما تهدف إلى تطوير القطاعات الحيوية مثل الكهرباء والمياه والطرق، إضافة إلى تعزيز المشاريع التنموية التى توفر فرص عمل للشباب، مما يحد من البطالة المرتفعة فى القطاع. ورغم أن هذه الخطوة تُعد تقدمًا ملموسًا، يبقى التساؤل الأهم: هل يكفى إعادة الإعمار وحده لحل أزمة غزة؟ الدور المصري: الوسيط الاستراتيجي لطالما لعبت مصر دورًا محوريًا فى الملف الفلسطيني، سواء على المستوى السياسي، الأمني، أو الإنساني. وفيما يخص إعادة إعمار غزة ، يُتوقع أن تضطلع القاهرة بدور رئيسى فى تنفيذ الخطة ، من خلال: التنسيق السياسى والدبلوماسي: تسعى مصر إلى ضمان توافق عربى ودولى حول آليات تنفيذ الخطة ، بما يضمن تدفق الدعم المالى واللوجستى دون عوائق سياسية. إدارة المعابر وتسهيل دخول مواد الإعمار: مع استمرار الحصار الإسرائيلى ، يشكّل معبر رفح المنفذ الوحيد لسكان غزة إلى العالم الخارجي، مما يجعل الدور المصرى حاسمًا فى إدخال مواد البناء والمساعدات الإنسانية. الوساطة بين الفصائل الفلسطينية: تعمل مصر على تقريب وجهات النظر بين الفصائل الفلسطينية، خاصة بين حركة حماس والسلطة الفلسطينية، لتجنب أى توترات قد تعرقل مشاريع الإعمار. ضمان التهدئة ومنع التصعيد: تبذل القاهرة جهودًا كبيرة للحفاظ على التهدئة ووقف أى تصعيد عسكرى قد يعيد القطاع إلى نقطة الصفر ويفشل جهود إعادة الإعمار. التحديات أمام إعادة الإعمار رغم أهمية خطة إعادة الإعمار ، إلا أنها تواجه تحديات كبيرة ، من أبرزها: الحصار الإسرائيلي: يفرض قيودًا صارمة على دخول المواد الأساسية ، مما قد يعطل أو يبطئ تنفيذ المشاريع. التمويل والاستدامة: العديد من وعود الدعم فى السنوات الماضية لم تُترجم إلى أفعال ، مما يثير القلق حول جدية تنفيذ الخطة الجديدة. الإدارة والإشراف: نجاح إعادة الإعمار يتطلب شفافية فى توزيع الموارد ، ومنع أى استغلال سياسى أو فساد قد يؤثر على تنفيذ المشاريع. الوضع السياسى والأمني: أى تصعيد عسكرى جديد يمكن أن يُعرقل عملية الإعمار ويعيد القطاع إلى نقطة الصفر. ما بعد الإعمار: نحو استدامة الحياة فى غزة. إعادة إعمار غزة ليس مجرد مشروع بنية تحتية ، بل ينبغى أن يكون جزءًا من رؤية أوسع لضمان حياة كريمة ومستدامة للسكان. ويتطلب ذلك: تطوير الاقتصاد المحلي: من خلال دعم المشاريع الصغيرة، وتعزيز التجارة، وفتح الأسواق أمام المنتجات الغزية. تحسين الخدمات الأساسية: مثل التعليم والصحة، لضمان مستقبل أفضل للأجيال القادمة. حل سياسى شامل: لا يمكن فصل إعادة الإعمار عن الحاجة إلى حل جذرى يضمن رفع الحصار وحرية الحركة والتنقل لسكان القطاع. دور عربى ودولى فاعل: لضمان تنفيذ الخطة وعدم بقائها مجرد وعود على الورق. خاتمة بين الترحيب الكبير بخطة إعادة الإعمار والتحديات التى تعترض تنفيذها، تبقى غزة بحاجة إلى ما هو أكثر من إعادة البناء، فهى تحتاج إلى استراتيجية شاملة تضع الإنسان فى قلب الأولويات، وتضمن له حياة طبيعية بعيدًا عن الأزمات الدورية التى تعيد القطاع إلى نقطة الصفر.