لا يختلف شخص في العالم أن إسرائيل والولايات المتحدةالأمريكية بينهما ترابط استراتيجي غير مسبوق، ولا يناظره أي ارتباط آخر في العالم، غير أن الوضع الطبيعى هو أن كلا منهم دولة لها سيادة وإدارة و تصورات، لذلك الترابط الاستراتيجي لايغنى عن ترك إدارة الأمور لكل دولة داخل محيطها، لكن ما يحدث حاليا بين نتنياهو وترامب مثير للعجب، فرغم الانفتاح الكامل من ترامب دعما لإسرائيل، وفتح مخازن السلاح بشكل غير مسبوق، وإلغاء كافة قرارات بايدن حول المستوطنين، وكذلك حرب ترامب نيابة عن إسرائيل ضد المحكمة الجنائية الدولية، وكذلك ما سيفعله ضد العدل الدولية، وحروبه المتصلة ضد جنوب أفريقيا، وكل من يقف ضد إسرائيل، إلا أن كل تلك الخطوات في ظاهرها دعم إسرائيل ونتنياهو، حتى أن نتنياهو وصفه بأعظم صديق لإسرائيل، إلا أنها في المضمون خطيرة للغاية على نتنياهو نفسه، وعلى إسرائيل ومستقبلها، فالرئيس الأمريكي يدير العالم بمنظومته الخاصة، ويعتمد على ذاتيته في إدارة علاقته بالدول والكيانات، وهو ما يتضح في تعامله مع زيلنسكى، رغم أنه من أصول يهودية، ويدعم إسرائيل، إلا أن ترامب تعامل معه بخصومة شديدة، في المقابل يستمر في تقديم كل أوجه الدعم لإسرائيل، وذلك حتى يحصل على شكر ودعم التيار الصهيوني حول العالم له، وبذلك يكون الأمر مرهون لدى ترامب بتطويع الصهيونية العالمية لصالحه، لأنه يرغب بتعديلات جوهرية في مستقبل أمريكا، ومن تلك النقطة تحديدا يمكن التنبؤ بأن الأمر قد ينقلب في لحظة، إذا شعر ترامب أن ذلك التيار الصهيوني لا يحقق غايته، أو حتى إذا شعر بأن إسرائيل لا تأتمر لما يفعله، وهو أمر فيه صراع خفى سيظهر للنور بين نتنياهو وترامب، حتى لو حاول الاثنين الهروب منه، فكلا منهما يتصارع على تمثيل الصهيونية حول العالم، سواء كانت الصهيونية اليهودية، أو الصهيونية المسيحية. الصراع بين نتنياهو وترامب مؤشراته ستظهر للنور حتى لو لم يريدا ذلك، فترامب يعد صديق الصهيونية اليهودية الإسرائيلية العظيم، ونتنياهو يعد صديق الصهيونية المسيحية الأمريكية الأعظم، وبين العظيم والأعظم، هناك صراع سيطفو على الساحة حينما يتم الضغط على ترامب لتغيير نتنياهو، باعتباره شخص معطل للاتفاقيات التي يتم الاتفاق عليها، وتقديم بديل من الداخل الإسرائيلي لا يميل لليمين المتطرف، وقد يكون هذا الحل صعبا في ذلك التوقيت لأن اليمين المتطرف له سيطرة كبيرة في الداخل الإسرائيلي، لكن مع استمرار ترامب لفترة 4 سنوات، وهى فترة أطول من فترة بقاء نتنياهو في الحكم، إن استمر كلاهما في الاطار التقليدي، فهذا الصراع الخفى سيظهر وبشكل واضح، حتى لو تداخلت المنظمات الصهيونية، واللوبى اليهودى، والمنظمات الصهيونية المسيحية، أو حتى لو تمادى ترامب وسلم إسرائيل أكثر مما تطلبه لمواجهة إيران وحلفائها في المنطقة، وهو الهدف الذى يسعى الاثنان للهروب إليه لابعاد توقيت المواجهة بينهما.