جامعة قناة السويس تعلن انضمامها لعضوية اللجان المتخصصة بجامعة شبكة البريكس    «التضامن» تقر تعديل وقيد 6 جمعيات فى 4 محافظات    ارتفاع أسعار الذهب في مستهل تعاملات اليوم وهذا العيار يسجل 5268 جنيها    انخفاض الحديد.. أسعار مواد البناء في الأسواق اليوم 21-5-2025 (موقع رسمي)    تعرف على اسعار الفراخ اليوم الأربعاء 21 مايو 2025 فى أسواق الإسكندرية    وزير الإسكان يتابع مشروعات مياه الشرب والصرف الصحي ضمن "حياة كريمة" بمحافظتي الغربية ودمياط    بينهم رضيع، استشهاد 19 فلسطينيًا في غارات إسرائيلية على غزة    الجيش الروسي يعلن إسقاط 127 طائرة مسيرة أوكرانية    مقتل وإصابة 42 شخصًا في هجوم انتحاري يستهدف حافلة طلابية في باكستان    مواعيد مباريات الأربعاء 21 مايو - نهائي الدوري الأوروبي.. وكأس عاصمة مصر    مشوار مانشستر يونايتد وتوتنهام حتى نهائي الدوري الأوروبي    محمود الخطيب يرد على تساؤلات من أين يأتي الأهلي بأمواله؟    اندلاع حريق داخل شقة سكنية في الحسينية بالدقهلية (صور)    كيفين سبيسي في خطاب تكريمه بمهرجان كان: "ما زلت صامدًا"    عصمت داوستاشى رحلة فى نهر الفن والعطاء    البيدوفيليا؟!    سعر الريال القطرى اليوم الأربعاء 21-5-2025 فى البنوك الرئيسية    صحيفة عكاظ: نيوم قدم عرضا بقيمة 5 ملايين دولار لضم إمام عاشور    قفزة في سعر الذهب اليوم في مصر ببداية تعاملات الأربعاء 21-5-2025    مصرع 3 أطفال غرقًا فى حادثين منفصلين بترع مركز المراغة سوهاج    مشاجرة وإطلاق نار فى الهواء دون إصابات بسوهاج.. والأمن يضبط المتهمين    قضية نوال الدجوي.. س: هل تتهمين أحدا بالسرقة ج: يرافقونني منذ عامين    الصحة الفلسطينية: استشهاد 23 مواطنا بقصف إسرائيلى فى غزة    10.3 مليار جنيه دعم «الإسكان الاجتماعي» منذ بداية المشروع.. «البريد» يوضح موقفه من كراسات «سكن لكل المصريين»    أمريكا وتركيا تؤكدان التزامهما بوحدة سوريا وتعزيز الشراكة الثنائية    الليلة.. صراع بين توتنهام ومانشستر يونايتد على بطل الدوري الأوروبي    العملية استغرفت 5 ساعات.. استخراج مسمار اخترق رأس طفل في الفيوم- صور    موعد وقفة عرفات وأول أيام عيد الأضحى المبارك 2025    بتكلفة 175 مليار دولار.. ترامب يختار تصميما لدرع القبة الذهبية    اليوم.. أولى جلسات طعن المخرج عمر زهران على حكم حبسه    حظك اليوم الأربعاء 21 مايو 2025 وتوقعات الأبراج    إسرائيل تواصل هجومها على غزة رغم الانتقادات الدولية    لينك و موعد نتيجة الصف الأول الثانوي الأزهري الترم الثاني 2025 برقم الجلوس    الخارجية الفلسطينية ترحب بالإجراءات البريطانية ضد ممارسات الاحتلال في الضفة وغزة    المستشار محمود فوزي: قانون الإجراءات الجنائية اجتهاد وليس كتابا مقدسا.. لا شيء في العالم عليه إجماع    أفضل وصفات طبيعية للتخلص من دهون البطن    آداب وأخلاق إسلامية تحكم العمل الصحفى والإعلامى (2)    أسطورة ليفربول: مرموش يمكنه أن يصبح محمد صلاح جديد    «غزل المحلة» يعلن مفاوضات الأهلي مع نجم الفريق    ملحن آخر أغنيات السندريلا يفجّر مفاجأة عن زواج سعاد حسني وعبدالحليم حافظ سرا    محافظ الدقهلية يشهد حفل تجهيز 100 عروس وعريس (صور)    الإيجار القديم.. محمود فوزي: الملاك استردوا استثماراتهم.. الشقة كانت تُباع بألف وتُؤجر ب15 جنيهًا    ننشر أسماء المصابين في حادث تصادم سيارتين بطريق فايد بالإسماعيلية    بعد شهر العسل.. أجواء حافلة بالمشاعر بين أحمد زاهر وابنته ليلى في العرض الخاص ل المشروع X"    رئيس الجامعة الفرنسية ل"مصراوي": نقدم منحا دراسية للطلاب المصريين تصل إلى 100% (حوار)    محافظ الغربية يُجري حركة تغييرات محدودة في قيادات المحليات    عاجل.. روجيرو ميكالي: أرحب بتدريب الزمالك ولكن    لميس الحديدي عن أزمة بوسي شلبي وأبناء محمود عبدالعزيز: هناك من عايش الزيجة 20 سنة    إرهاق مزمن وجوع مستمر.. علامات مقاومة الأنسولين عند النساء    بمكونات سهلة وسريعة.. طريقة عمل الباستا فلورا للشيف نادية السيد    عضو مجلس يتقدم بطلب لتفعيل مكتب الاتصال الخدمي بنقابة الصحفيين (تفاصيل)    تفسير حلم أكل اللحم مع شخص أعرفه    ضبط المتهمين بقتل صاحب مقهى في كرداسة    «منصة موحدة وكوتا شبابية».. ندوة حزبية تبحث تمكين الشباب وسط تحديات إقليمية ملتهبة    نائبة تطالب بتوصيل الغاز الطبيعي لمنطقة «بحري البلد» بأسيوط    المدرسة الرسمية الدولية بكفر الشيخ تحتفل بتخريج الدفعة الرابعة    تعرف علي موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى المبارك 2025    هل يجوز الجمع بين الصلوات بسبب ظروف العمل؟.. أمين الفتوى يُجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قيس الزبيدي.. واهب الروح في السينما التسجيلية
نشر في اليوم السابع يوم 02 - 12 - 2024

بدا مجهدًا لدرجة جعلتني أفكر في التراجع عن إجراء الحوار.. كان قد انتهى لتوه من مشاهدة أحد الأفلام المشاركة في مهرجان الإسماعيلية الدولي للأفلام التسجيلية والقصيرة، ذلك في العام 2001 دورة العودة لمهرجان الإسماعيلية كما أطلقت عليها الصحافة بعد إنقطاع دام نحو خمس سنوات سنوات، العودة برئاسة الناقد علي أبو شادي، حيث كان المخرج العراقي قيس الزبيدي عضوًا في لجنة التحكيم الدولية بالمهرجان الذي يرتبط به، فمن ناحية سبق أن كرمه المهرجان وعرض أفلامه وأصدر كتابًا عنه، ومن ناحية أخرى إنه المهرجان المتخصص في الأفلام التي يصنعها ويهتم بها.
لباقته الزائدة دفعته للإجابة عن السؤال تلو الآخر فتحدث عن مشاركته في المهرجان الاسماعيلية وعن علاقته بالسينما التسجيلية وعن أهم افلامه وعن وعن وعن أشياء كثيرة تتعلق بمشواره الذي هيأه لسينما شديدة الخصوصية آمن بها وقدم أفلامًا عديدة تناول خلالها أهم القضايا العربية وعبر فيها عن الهم العربي وخاصة القضية الفلسطينية.
جاءت أفلام قيس الزبيدي في مجملها تعبيرًا عن الهم العربي ونضال الشعب الفلسطيني، كان من الملحوظ فيها تركيزه على الأطفال، بما يثير التساؤل عن المخرج المهموم بالقضايا العربية، خصوصًا الموضوع الفلسطيني. باعتباره عراقيًا درس في ألمانيا وعمل في سوريا، كما لو أنه أدرك القاسم المشترك في الهم العربي العام، كما أخبرني مضيفًا أنه بالاطلاع على وضع السينما التسجيلية لاحظ غيابًا شبه تام لهذا الموضوع في الإعلام الغربي، فمن هذه الزاوية رأى ضرورة الحضور في هذا الإعلام، واستوعب أن المرشح الإنساني لهذه القضية هو الطفل الفلسطيني نفسه الذي يقع عليه الظلم وهو بريء، الأمر الذي يعكس قسوة وجوهر القضية الفلسطينية لدى المجتمع الغربي. كانت الفكرة في البداية هي كيف يتناول شخص أطفالًا في مخيم، ووجد في فكرة فيلمه "بعيدًا عن الأرض" هذه الإمكانية، عندما قدم هذا الفيلم الذي تناول وضع الأطفال الفلسطينيين عام 69 وقت تشكيل المقاومة الفلسطينية الفعلية على أرض الواقع في أعقاب نكسة يونيو 67 ، لم يكن هذا الطفل بعيدًا فقط عن الوطن وإنما أيضًا عن دائرة الصراع وبالتالي عن وعي الجميع، في تجربته الثانية قدم فيلم "الزيارة" وهو روائي تجريبي قصير يستمد موضوعه ودلالاته من قصائد الشعراء الفلسطينيين: محمود درويش، سميح القاسم، توفيق زياد وغيرهم، ثم أعد في العمل الثالث شهادة الأطفال الفلسطينيين في زمن الحرب، هو حصيلة تجربة منى السعودي بمخيم البقعة في الأردن عندما أعطت أطفال المخيم أوراقًا وأقلامًا ملونة وطلبت منهم الرسم وأجرى معهم بضعة لقاءات.
إذن.. فإن أفلامه منذ البداية تعد وثيقة يمكن الاستناد عليها لتوضيح القضية العربية في فلسطين التاريخ يعتمد كثيرًا على الوثائق، والفيلم التسجيلي أحد أهم مصادرها، وبالفعل لعبت أفلامه دور الوثيقة بشكل كبير دون شك، وهذا يتعلق أولًا بطبيعة القضية المطروحة وأكبر مثال لذلك فيلم "فلسطين سجل شعب"، إنه فيلم يستند إلى الوثيقة من الأرشيف سواء كانت سينمائية أم صور فوتوغرافية، إضافة إلى استنطاق مؤرخين في مقابلات حول تاريخ فلسطين والصراع العربي الصهيوني.
أما الفيلم الذي اعتمد على تنوع مصادر الوثيقة إلى حد كبير فهو "واهب الحرية" الذي يتناول المقاومة الوطنية اللبنانية، ففضلًا عن التصوير المباشر كان هناك إعتماد على الصحافة والصور الفوتوغرافية وشريط الفيديو المنزلي وأشرطة الفيديو التلفزيونية والمقابلة المباشرة مع الأشخاص، كما كان الرسم الذي يعنى بالموضوع كوثيقة وجدانية، والشعر والاغنية السياسية مارسيل خليفة وغيره، أيضًا كانت الموسيقى التصويرية التي استندت إلى الأغاني والألحان الشعبية اللبنانية والفيلم الروائي الذي صور مشاهد مقاومة تستند إلى وقائع أعيد تمثيلها وحدثت في الواقع وليست من ابتكار المخرج، فضلًا عن الأشرطة الاذاعية، إضافة إلى الكتاب الذي تحدث عن المقاومة في مقاطع منها مقطع يحكي عن حرب الجبل مثلًا وكيف جرت وقائعها، إضافة إلى المادة الأرشيفية البصرية، منها التصريحات السياسية مثل التصريحات الاسرائيلية حول المقاومة اللبنانية.. هذا التنوع في الوثيقة وطبيعتها منحه كمخرج وصانع فيلم إمكانية إعادة بناء وسرد الحدث والتصوير الذي امتد من السبعينيات وحتى العام 89، وهنا يتدخل مرة أخرى المونتاج والحركة بين ماهية الصور وربطها ببعضها البعض بشكل عضوي، كان الفيلم يقوم على قدرة المونتاج على تفجير صورة المقاومة بشكلها البصري والسمعي، كما كان يكشف أيضًا عن غنى المقاومة من عمليات عفوية إلى عمليات عسكرية منظمة ومن أحزاب إلى تنظيمات سياسية وعسكرية إلى مقاومة شعبية أو فردية.
إيمانه الكبير بالسينما التسجيلية، جعلني أتوقف عند محطات كثيرة في مشواره واسأله عما استفاده من تجربته مع هذا النوع السينمائي، فأجابني: "الفيلم التسجيلي يضع أمام المخرج مهمة محددة ويلزمه أن يكون مطابقًا للحالة الاقتصادية والاجتماعية والتاريخية بسبب طبيعة الفيلم، وهذا لا ينفي إمكانية عمل فيلم تسجيلي شاعري، ولكني اعتمدت في الأفلام الأخيرة الطويلة على التوثيق للحفاظ على الذاكرة الشعبية الموجودة بالصور والوثائق ضمن قيمة تاريخ فلسطين مثلًا أو مقاومة شعب.. وهكذا".
هذا الإيمان والارتباط الشديد بالسينما التسجيلية، لم يمنعه من تقديم فيلمه الروائي الوحيد "اليازرلي" في العام 1974 من إنتاج مؤسسة السينما السورية، وفيه كان يتوق كما أخبرني إلى صنع حالة مغايرة، فقدم صورة مبتكرة تحمل خيالًا سرديًا ورؤىً وأحلامًا.
هاهو غادرنا قيس الزبيدي بعد نحو نصف قرن من الولع بالسينما التي لم تغادره لحظة، بل بقيت معه وبقيت له كأثر يسجل تاريخه كمخرج ومصوّر ومونتير وباحث سينمائي، واحدًا من رواد وآباء السينما التسجيلية العربية.. العربي المولود في بغداد (1945)، الدارس للمونتاج والتصوير السينمائي في "جمهورية ألمانيا الديمقراطية"، في ستينيات القرن الماضي، المهموم بالقضايا العربية عمومًا والمنخرط فيها بحضوره في بيروت أثناء إندلاع حربها الأهلية (1975 1990)، وقبلها في دمشق وبغداد، ليسجل تاريخه خطوات راسخة وممتدة على دروب نضالية على المستوى الإنساني والثقافي والفكري.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.