لتقديم التهنئة والمشاركة في صكوك الأضاحي: وزير الأوقاف يستقبل رئيس الطائفة الإنجيلية والوفد المرافق له.. صور    تفاصيل نشاط الرئيس السيسي اليوم    وزيرة البيئة: ما حدث في الإسكندرية نتيجة لتغير المناخ.. الاستعداد المبكر جنبنا كارثة    «إير كايرو» تُدشّن أولى رحلاتها بين الغردقة وعمّان لتعزيز حركة السياحة    فرحان حق: 2 مليونَ فلسطيني على حافة المجاعة في غزة    فصيل يسمي نفسه كتائب الشهيد محمد الضيف يتبنى هجوما صاروخيا على إسرائيل من سوريا    كومان: مونديال الأندية "سخيف" ويدمّر اللاعبين    كواليس مران الزمالك قبل الأخير استعدادا لمواجهة بيراميدز فى نهائى الكأس    فيليبي ميلو: صلاح ويامال يستحقان الكرة الذهبية 2025    موعد صلاة عيد الأضحى في سوهاج    المهن التمثيلية تتهم صفحة "فيس بوك" بالنصب على شباب الفنانين مستغلة مسلسل "المداح"    الانتهاء من إقامة 3 منتجعات سياحية ورفع كفاءة كورنيش ومداخل وميادين جمصه    شريف عامر: سميحة أيوب قيمة فنية يَصُعب تعويضها.. خسارة كبيرة لمصر والعالم العربي    تمتلك علامة تجارية وتعرفت على السقا بسبب «الفروسية».. 21 معلومة عن مها الصغير    هل تكبيرات العيد واجبة أم سنة؟.. أمين الفتوى يُجيب    قبل عيد الأضحى 2025.. هل يمكن ذبح الأضحية خلال خطبة العيد؟    محافظ الدقهلية: 1161 مواطن استفادوا من القافلة الطبية المجانية    الرعاية الصحية بأسوان تتابع سير الخدمات الطبية بمستشفى المسلة    القاهرة الإخبارية: رصد إطلاق صاروخين من سوريا نحو الجولان المحتل    برلماني: توجيهات الرئيس للمجموعة الاقتصادية مرحلة جديدة أكثر تنافسية    حزب المؤتمر يقدم ورقة عمل لمجلس حقوق الانسان المصري حول تضمين المبادئ في برنامجه    فرص عمل للمصريين بالأردن براتب يصل إلى 350 دينار.. اعرف التفاصيل    الشيخ خالد الجندي: من يأكل أموال الناس بالباطل لا حج له    الأزهر للفتوى: الأضحية من الشاة تجزئ عن الشخص الواحد وعن أهل بيته مهما كثروا    «القاصد» يرأس لجنة اختيار عميد كلية التربية الرياضية بجامعة المنوفية    بعد هجومه على داعمي إسرائيل.. اعتقال زوجة وأطفال محمد سليمان في أمريكا    بالصور.. رئيس جامعة سوهاج يجري جراحة معقدة استغرقت 5 ساعات    وزير الثقافة: تعليق تنفيذ قرار زيادة رسوم المصنفات الفنية والتعامل بالرسوم السابقة    أيام التشريق.. موعدها وحكم صيامها وأفضل العبادات بها    وزير العمل يلتقي مسؤولة ب"العمل الدولية" ويؤكد التزام مصر بمعاييرها    البورصة المصرية تقيد زيادة رأسمال شركة "يو للتمويل الاستهلاكي"    تشغيل عيادات التأمين الصحي بالدقهلية خلال عيد الأضحى المبارك.. تعرف على الأماكن والمواعيد    محافظ بني سويف يكرم الأمهات المثاليات بمسابقتي التنمية المحلية والتضامن    الخلود يقطع إعارة أليو ديانج ويعيده للأهلي قبل المونديال    وافدان جديدان يستعدان لتمثيل إنتر في كأس العالم للأندية    الجباس: الحديث عن تواجدي في بيراميدز بسبب علاقتي مع ممدوح عيد "عبث"    استشاري: الاتحاد الأوروبي بدأ التلويح للمعاملة بالمثل بعدما ضاعف ترامب الرسوم الجمركية    منظمة التحرير الفلسطينية: غزة تتعرض لإبادة برعاية أمريكية وصمت دولى    المشدد 10 سنوات لعاطل لاتجاره في المخدرات بشبرا الخيمة    بيطري القليوبية: ضبط 25.5 طن لحوم ودواجن غير صالحة للاستهلاك خلال شهر    مانشستر يونايتد مستعد لتلقي عروض لبيع سانشو    استعدادات مبكرة بجامعة القاهرة لاستقبال مكتب تنسيق القبول بالجامعات والمعاهد    وزير المالية: 50% من مستحقات الشركات في برنامج دعم الصادرات سيتم تسويتها من الضرائب أو الكهرباء    الاتحاد السكندري: عبدالعاطي استقال على «الفيسبوك».. والمغادرة غير مقبولة    تطهير وتعقيم ونظافة الأماكن المعدة لصلاة عيد الأضحي المبارك بالقاهرة    محافظ الفيوم: بدء تطبيق المحاور المرورية الجديدة أول أيام العيد    رئيس الهيئة الدولية للمسرح ينعى وفاة سيدة المسرح العربي سميحة أيوب    توجيهات مهمة من رئيس الوزراء بشأن التحركات الدبلوماسية    رسالة دكتوراه تناقش تقييم جدوى تقنية الحقن الأسمنتي كعلاج فعال لكسور هشاشة العظام    موعد ومكان جنازة الفنانة سميحة أيوب    قبل نهائي الكأس.. أرقام الحكم محمود بسيوني مع الزمالك وبيراميدز هذا الموسم؟    ضبط أصحاب شركة المقاولات المتورطة في التنقيب عن الآثار أسفل قصر ثقافة الطفل بالأقصر    رئيس أساقفة الكنيسة الأسقفية يهنئ رئيس الجمهورية وشيخ الأزهر بحلول عيد الأضحى    "المطاعم السياحية": بحث ضرائب الملاهي الليلة وإطلاق شعار موحد للمنشأت    درجات الحرارة اليوم الثلاثاء 3 يونيو 2025 فى القاهرة والمحافظات    من الصفائح التكتونية إلى الكوارث.. كيف تحدث الزلازل ؟    مدرسة وذاكرة.. سميحة أيوب امرأة جعلت من الخشبة بيتا ومن الفن وطنا.. عشقت الفن فى عمر ال 15عاما وتلقت الدروس الأولى على يد زكى طليمات.. أعمالها المسرحية بلغت 170 عملا وانقطعت عن السينما 30 سنة    مستشار الرئيس للشئون الصحية: مصر تشهد معدلات مرتفعة في استهلاك الأدوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما وراء الحشاشين

أرواح بني البشر ذات مصدرٍ واحدٍ، وفكرهم متباينٌ، ومن ثم ما يمارسونه وما يعتقدونه وما يسعون إلى تحقيقه مختلف الوجهة والتوجه، رغم أن هناك قيمٌ أخلاقيةٌ حاكمةٌ للطبيعة الإنسانية ولنظام الكوني الرباني البديع المتفرد في مكنونه ومكونه، وتناول صدى دراما الحشاشين وما وراءها من قراءةٍ للمشاهد لا يرتبط بفترةٍ زمنيةٍ بعينها؛ لكن إسقاط يستهدف تسليط الضوء ولو بدى خافتًا لما نمر به من مجريات الأحداث.
ودعونا نتفق بأن التطرف في جملته يشير إلى الجنوح أو الانحراف بالأفكار وفق رؤىً خاصة تعتقد أنها على صوابٍ وما دونها يمثل الباطل، وهذا الوهم والتوهم لا ينبري على أفكار العقيدة الدينية فقط، بل تشمل أنماط الفكر في عمومية مجالاته سواءً ارتبطت بالسياسة، أو الاجتماع، أو الاقتصاد، أو العلم ومناهجه إلى غير ذلك من أمور الحياة ومساراتها المادية منها والمعنوية، وقد يرتبط بتلك الظاهرة حالات عنفٍ مباشرٍ، أو لا تمارس العنف لموانعٍ عديدةٍ.
ولندرك أنه عندما يتخذ أصحاب الفكر أو المذهب منحى العنف بغية إرهاب من يخالفهم؛ إنما يدل على أن هناك خللٌ في التركيبة النفسية ومرضٌ يستفحل من أجل أن يتم انتزع ما تراه حقًا لها؛ فتوسم تلك الأنفس بالوحشية والعدائية والأنانية التي ترجمها أفعالٌ وممارساتٌ إرهابيةٌ، وكي لا ندخل في تفاصيلٍ يصعب أن يتسع لها المقام؛ فإن ما وراء دراما الحشاشين التاريخية نستقرأ ونستنبط ونستنتج نقاط أرى أهميتها في فترة الاستقرار والسكون والكمون التي تمر بها الحالة المصرية.
لقد شاهدنا بعين البصرية أن التنافس على السلطة والسعي من خلالها إلى تحقيق فكرةٍ بعينها يؤدي مع مرور الزمن لخلق أيدولوجيا غريبة الأطوار والتكوين؛ حيث يملها الغضب والحقد والضغينة؛ فتستشعر أنها في مراحل الضياع؛ فتبدأ بنية العقل تستهجن الحوار والنقاش، وترتكن على الجدال القائم على وعيٍ مزيفٍ باستراتيجياتٍ تستهدف الاستقطاب، ويصبح المرمى عوام البشر ممن لا يعملون التفكير ولا يرهقون الذهن في تدبر الأمر، ومن ثم ينساقون مؤيدين صاحب الفكرة، بل وينصرونه وينتصرون له.
وطرائق الاستقطاب متعددةٌ ومتنوعةٌ، منها ما يعتمد على الجانب المادي، ومنها ما يقوم على تغذية الجانب الروحي بخرافاتٍ ووعودٍ زائفةٍ، تجعل الإنسان في حالةٍ من التيه؛ فيخرج من إطار العقلانية إلى عبق الأحلام الوردية؛ فيعيش في زخم الظلمات التي تكسوها روحانياتٌ ضالةٌ مضللةٌ يغشاها تراتيلٌ ووعودٌ شيطانيةٌ ما أنزل الله بها من سلطانٍ؛ لصير المحب والمنتسب والمغرر به، بل والمناصر والمؤمن بالفكرة نفسها لطريقٍ لا نهاية له في خضم فكرةٍ يتوارثها ويتلقفها أنصار الأنصار؛ فلا تموت.
وهذا يستوجب منا أن نستمر في مواجهة الفكرة رغم انحسار أصحابها ومروجيها ومموليها ومن يحملون على عاتقهم تحقيقها بمزيدٍ من الوعي الصحيح، ونعمل على تقوية ماهية الأمن الفكري لدى أبنائنا؛ فلا يصبحون ملقفاً أو هدفًا لأي فكرةٍ مجنونةٍ، أو شاردةٍ، أو واردةٍ، أو مصدرةٍ، أو مصطنعةٍ، توجد أو تخلق إنساناً موجهاً، لا يشغله إلا إدحاض الجهود بمزيدٍ من النقد الهدام الذي يتطور شيئًا فشيء فيضر بكيان الدولة ويقوض نهضتها، بل وقد يقضي على مؤسساتها الوطنية، من خلال تناحراتٍ ونزاعاتٍ وصراعاتٍ يتلوها صراعاتٌ بين أطيافٍ وشيعٍ ومذاهبٍ ملعونة المسعى.
ما شاهدناه وضح استراتيجيات الاقناع بالأفكار الخطأ التي تنتهجها الجماعات بادئة التكوين والمروق على مذهب الدولة الرئيس؛ فيبثون ما يبرر جنوحهم وخروجهم عن سياج النظام ولو كان عادلًا؛ فيعتمدون على التضليل وتوظيف عوام الناس ممن يتلقفون كل ما يرمى إليهم من معتقداتٍ لا يتحرون أو يتثبتون صدقها وموثوقيتها؛ فتتنامى أعداد منتسبي تلكما الجماعات، والأمر يستفحل فيستخدمون سلاح الفتك والقوة لاغتيال من يحاول أو يستوقف مسيرتهم أو يقارع الفكرة بالفكرة.
وهو ما يتطلب أن نعي مستويات الخطورة التي تتمخض عن أصحاب ورواد الأفكار والمذاهب الضالة؛ فهم لا يتورعون عن القيام بأي عملٍ يؤدي إلى إنجاح أفكارهم وانتشارها؛ فعندما نطمئن بأننا اقتلعنا الشرور فقط وقعنا في الفخ، وهذا ما يجب أن نقف عنده؛ إذ يلزم أن نقوي من استراتيجياتنا التي تستهدف صيان الفكر وأمنه من خلال صقل أذهان أجيالنا بمعارفٍ صحيحةٍ ومناهجٍ قوميةٍ تمكنهم من المواجهة لكل من يحاول النيل من البلاد أو العباد؛ فهذا سر قوة الأمم والشعوب التي تقوي وتبقى وتترقب مستقبلًا مليئًا بالتفاؤل والأمل، خالي من شرور الفتن بكل صورها ومآربها.
إن ترحال ورحال الجماعات الضالة أمر سجله وشهد عليه التاريخ عبر الزمان، وهو ما يؤكد في نفوسنا أن أفكارهم تنمو بتعافي أمنهم وأمانهم التي تمنحهم لهم دول لها مطامعٌ استعماريةٌ وعقائدٌ ومشروعاتٌ يعيشون من أجلها؛ فهذا يجعلنا أكثر حرصًا بأن لا نترك بابًا مفتوحًا يتسلل منه أصحاب الأجندات الذين يخدمون غاياتٍ كبرى، وخاصةً لو تزينت بالعقيدة التي تعشقها الطبيعة الإنسانية وتحن لها.
ولا جدال بأن الغاية تبرر الوسيلة لدى هذه الجماعات الضالة؛ فتعتمد على مبدأ الخلاص من أي عضوٍ فيها يشكل تهديدًا للفكرة أو يحد من فاعليتها، أو يسعى لأن يكون الأوحد في رسمها، وهذا يؤكد لدينا قدرة أصحاب المشروع الكبير على التلون كي تستمر الفكرة؛ فالحكمة لديهم بالغةٌ ومقدرة التحول من أجل مرمى الجماعة أمر شرعه مؤسسي الفكرة؛ فتظهر قوتهم حال ضعف الدول ومؤسساتها لينقضوا عليها ويتمكنوا منها.
ومسألة الأعوان والذين يأخذون مسمياتٍ متعارفٌ عليها في ثقافتنا المصرية أمرٌ يساعد على بقاء الفكرة وتهيئة المناخ المستقبلي الذي يساعد في نجاحها على المدى الطويل؛ فنطلق عليهم المحبين، أو المناصرين، أو المنتمين، أو الداعمين لجماعةٍ بعينها، وهذا أمرٌ خطيرٌ يتوجب دومًا الحد من فعاليتهم؛ فلا ينبغي أن يشغلوا مواقعًا ويتبوؤون منازلًا يؤثرون بها على تشكيل وعي الأمة المصرية وعقيدتاه الوسطية؛ فذلك خطرٌ يحدق بنا دون أن ندرك مدى انتشاره وتفشيه بمؤسسات الدولة قاطبة.
نثمن جهود الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية لهذا العمل الدرامي متقن الإخراج والمغزى.
حفظ الله وطننا الغالي وقيادته السياسية الرشيدة أبدَ الدهر.
____________________
أستاذ ورئيس قسم المناهج وطرق التدريس
كلية التربية بنين بالقاهرة _ جامعة الأزهر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.