محافظة الجيزة تُنهي استعداداتها لانتخابات مجلس النواب 2025    قومي المرأة يدعو سيدات مصر للمشاركة بقوة في انتخابات النواب    رئيس هيئة الرقابة المالية: أصدرنا 47 قرارا لتنظيم القطاع منذ صدور قانون التأمين الموحد    إسرائيل استلمت 24 جثمانًا من "حماس" وتواصل الجهود لتحديد مصير 4 جثث لا تزال موجودة في غزة    مراسل "إكسترا نيوز" يرصد خول المساعدات إلى قطاع غزة    إعصار فونج-وونج يصل مقاطعة أورورا شمال شرقى الفلبين    أبرز ملفات الشرع في واشنطن.. «قانون قيصر» و«التعاون الدفاعي» يتصدران أجندة المباحثات    مرموش على مقاعد البدلاء..هالاند يقود هجوم ليفربول أمام مانشستر سيتي    ضبط صانعة محتوى لنشرها فيديوهات خادشة للحياء    تأجيل محاكمة 78 متهمًا بخلية مدينة نصر    مقتل مزارع بطلق نارى فى ظروف غامضة بإحدى قرى مركز قوص بقنا    خالد عبدالغفار يبحث مع ممثلي منظمة الصحة العالمية تعزيز جهود مواجهة الكوارث    محافظ قنا يترأس اجتماع لجنة استرداد أراضي الدولة لمتابعة جهود التقنين وتوحيد الإجراءات    تحسين الأسطل : الأوضاع في قطاع غزة ما زالت تشهد خروقات متكررة    زلزال قوي يضرب الساحل الشمالي لليابان وتحذير من تسونامي    المشاط: ألمانيا من أبرز شركاء التنمية الدوليين لمصر.. وتربط البلدين علاقات تعاون ثنائي تمتد لعقود    ياناس يا ناس زمالك عايز الكاس .. كيف حفز الأبيض لاعبيه قبل مواجهة الأهلى بالسوبر ؟    وزير الكهرباء يشهد مراسم توقيع اتفاقية مبادلة الديون بين مصر وألمانيا    محافظ بني سويف ورئيسة المجلس القومي للطفولة والأمومة يفتتحان فرع المجلس بديوان عام المحافظة    موفدو الأوقاف بالخارج يبادرون لأداء واجبهم الوطني في انتخابات مجلس النواب بمقار السفارات والقنصليات المصرية بالخارج    من يحضر تنفيذ العقوبة؟.. بعد حكم إعدام قاتلة زوجها وأبنائه ال6.. إنفوجراف    ب«مفيش راجل بيتخطف».. اَيتن عامر تثير الجدل بفيديو على «السوشيال ميديا»    رئيس منتدى مصر للإعلام تستقبل رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام    «تنتظره على أحر من الجمر».. 3 أبراج تقع في غرام الشتاء    سمير عمر رئيس قطاع الأخبار بالشركة المتحدة يشارك في ندوات منتدى مصر للإعلام    مرفت عمر بلجنة تحكيم مهرجان ZIFFA في السنغال    محافظ البحيرة تتفقد مدرسة STEM.. أول صرح تعليمي متخصص لدعم المتفوقين    علاج مجانى ل1382 مواطنا من أبناء مدينة أبو سمبل السياحية    أحمد سعد يتألق على مسرح "يايلا أرينا" في ألمانيا.. صور    رئيس الجامعة الفيوم يستقبل فريق الهيئة القومية لضمان جودة التعليم    رسميًا.. موعد صرف معاشات شهر ديسمبر 2025 ل 11 مليون مواطن    توقيع مذكرة تفاهم بين التعليم العالي والتضامن ومستشفى شفاء الأورمان لتعزيز التعاون في صعيد مصر    ضبط تشكيل عصابي لتهريب المخدرات بقيمة 105 مليون جنيه بأسوان    ما حكم الخروج من الصلاة للذهاب إلى الحمام؟ (الإفتاء تفسر)    استلام 790 شجرة تمهيداً لزراعتها بمختلف مراكز ومدن الشرقية    امتحانات الشهادة الإعدادية للترم الأول وموعد تسجيل استمارة البيانات    أهم 10 معلومات عن حفل The Grand Ball الملكي بعد إقامته في قصر عابدين    تعزيزات أمنية واسعة استعدادًا لانتخابات مجلس النواب 2025 بالفيوم    القاهرة تحتضن منتدى مصر للإعلام بمشاركة نخبة من الخبراء    الداخلية تطلق خدمة VIP إكسبريس لتصاريح العمل.. استلام الكارت المميكن خلال ساعة واحدة    وجبات خفيفة صحية، تمنح الشبع بدون زيادة الوزن    الأوقاف توضح ديانة المصريين القدماء: فيهم أنبياء ومؤمنون وليسوا عبدة أوثان    «كفاية كوباية قهوة وشاي واحدة».. مشروبات ممنوعة لمرضى ضغط الدم    «لعبت 3 مباريات».. شوبير يوجه رسالة لناصر ماهر بعد استبعاده من منتخب مصر    تشييع جنازة مصطفى نصر عصر اليوم من مسجد السلطان بالإسكندرية    مئات المستوطنين يقتحمون باحات المسجد الأقصى والاحتلال يواصل الاعتقالات في الضفة الغربية    قافلة «زاد العزة» ال 68 تدخل إلى الفلسطينيين بقطاع غزة    أمين الفتوى: الصلاة بملابس البيت صحيحة بشرط ستر الجسد وعدم الشفافية    على خطى النبي.. رحلة روحانية تمتد من مكة إلى المدينة لإحياء معاني الهجرة    التشكيل المتوقع للزمالك أمام الأهلي في نهائي السوبر    الزمالك كعبه عالي على بيراميدز وعبدالرؤوف نجح في دعم لاعبيه نفسيًا    مواعيد مباريات الأحد 9 نوفمبر - نهائي السوبر المصري.. ومانشستر سيتي ضد ليفربول    طولان: محمد عبد الله في قائمة منتخب مصر الأولية لكأس العرب    معلومات الوزراء : 70.8% من المصريين تابعوا افتتاح المتحف الكبير عبر التليفزيون    قبل بدء التصويت في انتخابات مجلس النواب 2025.. تعرف على لجنتك الانتخابية بالخطوات    تعرف على مواقيت الصلاة بمطروح اليوم وأذكار الصباح    نظر محاكمة 213 متهما ب«خلية النزهة» بعد قليل    «الكلام اللي قولته يجهلنا.. هي دي ثقافتك؟».. أحمد بلال يفتح النار على خالد الغندور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المواطنة العالمية.. الماهية والأهمية
نشر في اليوم السابع يوم 18 - 02 - 2024

تبدأ العلاقة بين الفرد والدولة كما يحددها قانون تلك الدولة، وبما تتضمنه تلك العلاقة من حقوق وواجبات ويندرج ضمن هذا المفهوم، الحرية وما يصاحبها من مسؤوليات، فالمواطنة تضفي على المواطن حقوقاً سياسية وأخرى قانونية واجتماعية واقتصادية وثقافية؛ لكن الواقع الحالي يعاني من أزمة القيم وتبدل السلم القيمي وصراع الحضارة، نتج عن ذلك اضطراب معايير "القيم والمواطنة" الإنسانية وقصور في المرجعية التي نحتكم إليها لتقدير جهود الإنسان ومسئولياته في العالم الذي يعيش فيه.
الأمر الذي يشير في كليته إلى صعوبة وضوح الغايات النهائية التي تتجه إليها الحضارة العالمية المعاصرة، وبرغم من ذلك فالإنسانية اليوم قادرة على مواجهة التحدي من أجل بناء عالم أكثر إنسانية وأكثر عدلا وسلاماً، عالم تسود فيه ثقافة السلام وقيم العدل والتسامح وممارسة الحرية دون خوف مع الالتزام بالمحافظة على حريات الأخرين ومواردهم الطبيعة بكوكب الأرض حافظاً على الأجيال القادمة وحقهم في حياة كريمة وبحثا عن القيمة المضافة إلى ميراث الحضارة الإنسانية، وهذا مشروط بفهم قضايا المواطنة العالمية بصورة عميقة.

وفى ضوء التطورات التي تحدث بالعالم يلاحظ أنه قد زاد الوعي والاهتمام بالمشكلات البيئية العالمية، كما زاد الاهتمام بحقوق الإنسان، والتطور التكنولوجي وسهولة الاتصالات حول العالم، والتوسع الاقتصادي العالمي، ونمو التكتلات الاقتصادية، وغيرها من التطورات العالمية التي جعلت المواطنة العالمية ضرورة ماسة لتبنيها وأكسباها ومن ثم تنميتها لدى الأفراد.
كما أن البعد العالمي للمواطنة بات من الأمور الحتمية، وبدأت المسافات تتلاشى بين الدول جغرافيا وثقافيا؛ حيث إن المواطنة العالمية تنظر إلى كوكب الأرض باعتباره وطنا للجميع، ينبغي المحافظة عليه وصون موارده وتتلاشي معها الحدود، وتنظر لجميع البشر باعتبارهم أسرة واحدة الأساس بينهم الاحترام، والتعايش بسلام في إطار من التسامح والتفاهم واحترام الخصوصيات الثقافية والهوية والقومية لكل شعب؛ وهذا فرض بجانب التطورات والمشكلات العالمية ممارسة نوع جديد من المواطنة، تربط بين المحلية والعالمية، وهو المواطنة العالمية.

ونتيجة للتحديات المعاصرة محلياً وعالمياً وبعض النتائج السلبية التي نجمت عنها في جميع ميادين الحياة، وأصبح واضحاً بأن الحل إيجاد صيغة للتعاون والتفاهم بين الأمم والشعوب حول العالم في ظل ما يسود العالم من انتهاكات لحقوق الإنسان وأوجه عدم المساواة والفقر وهذا ما يمثل تهديداً للسلام والاستدامة، ونتيجة لهذه التحديات التي يواجهها العالم تمت الدعوة عالمياً لتمكين المتعلّمين أياً كانت أعمارهم من فهم أن هذه التحديات إنما تتسم بطابع عالمي، وليست مجرد قضايا محلية، وأن يقوموا بالترويج على نحو فعال لإرساء أسس مجتمعات أكثر سلاماً، وتسامحاً، وشمولية، وأمناً، واستدامة.

وبشكل واضح فإن المواطنة العالمية لا تقوم فكرتها على أن يطبع الجميع بطابع واحد، ولكن على أساس من التنوع الذي يمكن معه التعارف والتألف بين الأفراد بالمجتمع العالمي، والهدف من ذلك هو إعداد مواطن على درجة عالية من الفهم ووعي المدرك بمجريات الأمور على مستوى العالم، ويدرك أنه فرد يعيش في وطن كبير هو كوكب الأرض، وكل ما يصيبها من خلل أو دمار مردوده عليه والأجيال القادمة، وله دور ومسؤوليات عليه أن يتحملها تجاه كل ما يتعرض له العالم ويواجهه من تحديات ومشكلات في الميادين كافة.

وتكمن ماهية المواطنة العالمية في مجموعة القيم والتي منها الانتماء، والمشاركة الفعالة، والديمقراطية، والتسامح، والعدالة، الحرية، والتي تؤثر على شخصية الفرد فتجعله أكثر إيجابية في إدراك ماله من حقوق، وما عليه من واجبات نحو كل من الوطن الذي يعيش فيه، وأمته، والعالم بأسره، وتتمثل المواطنة العالمية في حرية العيش والفكر والعمل في نطاق الحدود العابرة للوطنية، ووضع قواعد تتحدى الحدود والسيادة الوطنية؛ حيث يمكن للأفراد اختيار مكان العمل والعيش دون النظر لموضوع الحدود بين الدول ودون ارتباط الإقامة بأرض محددة.

ولذا تهتم المواطنة العالمية بتأكيد الانتماء إلى مجتمع كبير يتسامى فوق الحدود القطرية أو القومية، تتجلى فيه الإنسانية المشتركة على أساس من الترابط بين الشعوب وبين المجتمع المحلى والعالمي، وتستند المواطنة العالمية إلى القيم العالمية المتمثلة في السلام العالمي والحرية والعدالة والمساواة وحقوق الأنسان والديمقراطية وعدم التمييز والتنوع، ويتم تضمين ذلك بالأنشطة والمواقف الحياتية التي تسعى إلى بناء أمم وعالم أفضل ومستقبل مشرق.
ويُعد تهيئة الفرد للمواطنة العالمية ضرورة ملحة، خاصة في ظل العولمة والتقدم الهائل في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، التي جعلت العالم قرية كونية صغيرة، بعد إزالة الحدود الجغرافية بين بلدان العالم وما ترتب على ذلك من تغير وتحول وتبدل في السلم القيمي، وغياب التسامح والتصادم والصراع بين المجتمعات.

مما تطلب معه الاهتمام بتنمية المواطنة والشعور بالانتماء إلى مجتمع عالمي يتسامى فوق الحدود القطرية أو القومية، تتجلى فيه الإنسانية المشتركة ويقوم على الترابط بين الشعوب وبين المجتمعات المحلية والعالمية، والاهتمام بحقوق الأنسان والديمقراطية وعدم التمييز والتنوع، والاستدامة، ويترجم ذلك بالأنشطة والسلوكيات والمواقف المدنية التي تسعى إلى بناء عالم أفضل ومستقبل بناء مزهر.

وهذا ما أوجد ضرورة ملحة لتعزيز المواطنة العالمية لدى الأفراد بهدف الوعي بالتجارب الإنسانية المعاصرة، وكيفية التفاعل مع معطياتها، والالتزام بمبادئ التعاون الدولي والسلام العالمي العادل وحسن الجوار بين الدول، واحترام التنوع الإنساني بكل أشكاله، وتنمية الروح الوطنية والولاء للوطن والتسامي فوق الخلافات، وتعزيز الانتماء الوطني والعربي والإسلامي، والإنساني، والعالمي.

وإبراز أهمية التراث العالمي، والتنوع الثقافي والتواصل الحضاري والتعايش السلمي مع الأخرين، واحترام وتفعيل الاتفاقيات الدولية، ونشر وتطبيق مفاهيم السلام وحقوق الإنسان دون مواربة أو تحيز، ونبذ التمييز العنصري، ويتحقق ذلك بالمجتمعات من خلال إلمامنا بالقضايا المحيطة بنا محليا، وإقليميا، وعالميا؛ لذا يتحتم المشاركة بفاعلية في الأنشطة المجتمعية، والمشروعات المرتبطة بالمواطنة العالمية، مع الالتزام بقيم العدالة الاجتماعية والمساواة، واحترام التنوع بين البشر.

وبشكل عام ينبغي العمل على إعداد الأجيال حتى يصبحوا مدركين لواجباتهم وحقوقهم الوطنية ومتفاعلين مع مجتمعهم محققين لأهدافه وطموحاته في المجتمع العالمي، ويتأتى ذلك من برامج مقصودة تهدف إلى تنمية المواطنة العالمية وقضاياها المختلفة، ومع أدراك واقتناع بأن بيئة التعلم الرقمية تساعد في تقديم خبرات التعلم في صور عدة، كما تساعد في إدارة العملية التعليمية بفعالية؛ حيث يمكن تقديم التغذية الراجعة لجميع المتدربين ومراعاة الفروق الفردية، مما يزيد من دافعيتهم، وينمي مهاراتهم، ويعد ذلك التوظيف الأمثل لبيئة التعلم الرقمي.

وفي ضوء الثورة التكنولوجية والمعلوماتية فُتحت أبواب الاتصال على مصراعيها عبر تبادل المعلومات والأفكار، وانتشرت قيم الحداثة، واتسعت الفجوة الرقمية بين المجتمعات والأفراد، وفرضت الثورة الصناعية قلاعها على المجتمعات من خلال نمط الإنتاج المعتمد على المعرفة، وأصبح من غير الممكن لأي مجتمع أن يعزل نفسه ويتقوقع داخل ثقافته الخاصة.
والواقع أن قضية بث وتنمية الوعي بقيم المواطنة العالمية داخل فضاء المؤسسات التعليمية أصبحت قضية تستحق المراهنة عليها، لأن ممارسة القيم العالمية في المجتمع يجب أن تسبقها برامج هادفة من شأنها الإسهام في إيجاد مواطن يعي واجباته تجاه نفسه وتجاه الآخرين، كما يُفترض أن تُسهم في تكوين فرد متسم بروح نقدية إيجابية يستطيع من خلالها التفاعل مع محيطه المحلي والعالمي، وقادرًا على اتخاذ موقفًا من جميع أشكال التعصب والعنف والإرهاب، ومؤمنًا بأهمية الانفتاح على البعد الدولي وقيمه الكونية.

وتسهم المواطنة العالمية في توفير بعد عالمي للحصول على الهوية العالمية؛ حيث إن فكرتها الجوهرية تقوم على مواد الدستور الأخلاقي العالمي وتجعله مرجعية لها، وفيه أن البشر جميعاً لهم حقوق أساسية وعليهم واجبات نحو احترام وتعزيز تلك الحقوق التي يتوقف عليها مسار الحياة على الأرض، ومنها السلام العالمي والتنمية المستدامة بكل أبعادها ومن خلال ذلك؛ يوصف الإنسان الذي يستطيع التفاعل على مستوى عالمي مع أي شخص مهما اختلفت ثقافته وموطنه وتزايد وعيه حول قضايا العالم بأنه مواطن عالمي.

ويترتب على ذلك انتقال هويته من منظور وطني محدود، إلى مفهوم وطني أشمل وأعم للعالم كله، مع اكتسابه العديد من المهارات كالمشاركة المدنية والفعالية السياسية، التعاطف الثقافي، واحترام التنوع، والقدرة على التوفيق بين الصراعات من خلال وسائل سلمية، بما في ذلك المناقشات والمفاوضات.

والقدرة على المشاركة بفاعلية في حل المشاكل التي تؤثرعلى جميع سكان العالم مثل ظواهر التغيرات المناخية والتهديدات الإرهابية، وزيادة الالتزام والترابط والعمل والتعاون والشراكة بين سكان وبلدان العالم المختلفة اعتماداً على احترام حقوق الإنسان وتطبيقا للمواطنة العالمية، والشركات علي كافة المستويات، مما يساعد علي تحقيق العدالة والمساواة، وتكافؤ الفرص، وجودة الحياة، واستدامة الموارد، والقضاء علي الفجوات بين الدول وداخل الدولة الواحدة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.