فى مقال له نشرته صحيفة "بوليتكو" الأمريكية، أكد الكاتب الأمريكى جرايم بانرمان أن الولاياتالمتحدةالأمريكية قد تخسر دورها القيادى فى منطقة الشرق الأوسط نتيجة للحسابات الخاطئة التى انتهجها القائمين على السياسة الخارجية الأمريكية، على حد وصفه، موضحا أن العلاقة مع مصر تعد عاملا محوريا للحفاظ على النفوذ الأمريكى بمنطقة الشرق الأوسط، وأضاف أنه بالرغم من رفع الحظر المفروض على سفر النشطاء الأمريكيين فى مصر، فان الأزمة الحالية بين البلدين مازالت قائمة. ويرى الكاتب أن تردى العلاقات الأمريكية المصرية فى الوقت الحالى سوف يكون سببا رئيسيا فى الأضرار بالمصالح الأمريكية فى المنطقة، خاصة فى ظل المأساة الإنسانية التى تشهدها سوريا حاليا، نتيجة للقمع العنيف الذى يمارسه نظام بشار الأسد ضد المحتجين هناك وكذلك طموحات ايران النووية. ويرى الكاتب أن تدهور العلاقات الإنجليزية المصرية على خلفية قرار تأميم قناة السويس عام 1956، كان السبب الرئيسى لنهاية سيطرة إنجلترا على منطقة الشرق الأوسط، ولذا فإن الدور الأمريكى قد يتم تقويضه خلال المرحلة المقبلة إذا استمرت التدهور الحالى فى العلاقات بين البلدبن، بعد تحالف استمر لثلاثة عقود من الزمان. وأكد بانرمان ان التفوق الأمريكى فى منطقة الشرق الأوسط يقوم على التعاون الإستراتيجى بين القاهرة وواشنطن منذ عام 1970، موضحا أن الرؤساء الأمريكيين نيكسون وفورد وكارتر قد أدركوا أن النفوذ السوفيتى بالمنطقة قد ازداد نتيجة للشراكة المصرية مع الاتحاد السوفيتى خلال عهد الرئيس جمال عبد الناصر، لذلك فقد عملوا على توطيد العلاقة مع مصر خلال عهودهم. ويؤكد الكاتب الأمريكى أن مصر كانت ومازالت القوة البارزة فى منطقة الشرق الأوسط، موضحا أن ميزان القوى قد تغير مرتين منذ الحرب العالمية الثانية، الأولى كانت فى الخمسينيات من القرن الماضى عندما اتجهت مصر للتحالف مع الاتحاد السوفيتي، والثانية كانت فى السبعينات عندما قرر الرئيس أنور السادات أن يتحالف مع الولاياتالمتحدة على اعتبار أن التحالف المصرى الأمريكى سوف يخدم المصالح المصرية بشكل أفضل. وأوضح الكاتب أن التحول الأول قد جاء نتيجة لتصاعد ما أسماة فلسفة القومية العربية التى تبناها الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، والتى غيرت المسار الذى انتهجته الدول العربية الى حد كبير، مؤكدا ان الغرب فد فشل فى التعامل مع هذا التغيير، وهو ما أدى إلى إنهاء السيطرة البريطانية وبداية عصر جديد للسيطرة السوفيتية. وهنا يؤكد بانرمان ان الوضع الحالى يتشابه إلى حد كبير مع ما حدث من قبل فى تلك الحقبة الناصرية، خاصة وأن هناك توجه "متصلب" قد بدأ فى الصعود مؤخرا الى سدة الحكم متمثلا فى تيارات الإسلام السياسى فى عدد من الدول العربية بالمنطقة، ومن بينها مصر، وهو ما أدى الى تزايد القلق حول مرحلة التحول الحالى وتأثيراته على الإقليم ككل. وأضاف الكاتب أن مصر تتسم بأنها دولة فريدة يعتز مواطنيها ببلادهم، موضحا أنه اذا سألت أى عربى حول هويته يجيب بأنه "مسلم"، فى حين أن المصريين غالبا ما يجيبون أنهم "مصريون"، وهو ما يراه الكاتب أحد العوامل المهمة التى أعطت مصر دور القيادة فى المنطقة. وهنا يرى الكاتب الأمريكى أن سيطرة الإسلاميين على البرلمان فى مصر سوف يؤدى بالتوازى إلى تصاعد النزعة الوطنية هناك، موضحا أن الهوية المصرية والاسلامية التى تتمتع بهما مصر حاليا سوف تضاعف التحديات التى سوف تواجه صانعى السياسة الأمريكية خلال المرحلة المقبلة. وانتقد الكاتب الدعوات التى تبناها بعض البرلمانيين فى الولاياتالمتحدة على خلفية قضية المنظمات الداعمة للديموقراطية، والذين طالبوا فيها بوقف المساعدات الأمريكية إلى مصر، مؤكدا أن تلك الدعوات قد تؤدى إلى صدام غير ضرورى مع مصر خاصة فى ظل تصاعد النزعة الوطنية للمصريين فى مرحلة ما بعد الثورة. وفى النهاية حذر الكاتب فى مقالة أنه بالرغم من القرار المصرى والذى سمحت فيه السلطات المصرية للنشطاء الأمريكيين بالعودة إلى بلادهم، فإن الأزمة بين البلدين مازالت قائمة حتى الآن، داعيا الإدارة الأمريكية إلى ضرورة إنهاء تلك الأزمة تماما إذا أرادت الحفاظ على مصالحها بالمنطقة.