◄كل الصبيان مصممون أنهم عندما يكبرون سوف يحررون ست الحسن والجمال، ويخطط كل منهم كيف سيذهب للحكيم الذى يدله على الطريق.. طريق السلامة كان ياما كان فى سالف العصر والأوان، وفى الوقت الحاضر أيضا شباب وبنات كثيرون مطحونون، يدورون فى سواقى العمل ويقفزون فى عربات المترو والميكروباصات مثل الطيور الهاربة من رصاص الصيادين، ثم يعودون آخر اليوم إلى بيوتهم تعبانين، ينامون ليستيقظوا إلى طاحونة الشقاء مرة أخرى، لكن تعبهم الجسمانى يهون أمام تلك الأمانى والأحلام التى سكنتهم وهم صغار عندما كانوا أطفالا ينامون على حكاية الشاطر حسن وست الحسن والجمال، سكنتهم تلك الأمانى والأحلام وظلت فى وجدانهم تعذبهم بجمالها مثل المرآة التى يرى فيها الواحد عيوبه وعجزه عن تحقيق ما كان يتمناه، وما كان يتصور أنه قادر على تحقيقه. كل الصبيان الشاطر حسن، وكل البنات ست الحسن والجمال.. كل الصبيان كانوا يبكون من أجل ست السن والجمال التى خطفها المارد الشرير وحبسها فى قصره العالى على الجبل، قصره الذى لا يستطيع مخلوق الوصول إليه لأن الطريق إليه صعبة طويلة متشعبة، بين طريق السلامة وطريق الندامة وطريق اللى يروح ميرجعشى، كل البنات كن ينكمشن فى براءة مثل ست الحسن المحبوسة فى غرفتها بقصر المارد، وتنتظر الشاطر حسن يأتى وينادى تحت شباكها يا ست الحسن والجمال افردى شعورك الطوال وخدينى من حر الجبال، فتفرد البنات شعرها الطويل مثل الليل، ويتشبث به الشاطر حسن حتى يصعد إليها فى غرفتها البعيدة العالية ويحررها من المارد. كل الصبيان مصممون أنهم عندما يكبرون سوف يحررون ست الحسن والجمال، ويخطط كل منهم كيف سيذهب للحكيم الذى يدله على الطريق، طريق السلامة، ويظل يمشى فيه على نهايته حتى يجد أمنا الغولة فإذا وجدها تضع شعرها على وجهها ناحية اليسار، فلا يكلمها أبدا ويمضى فى طريقه وإذا وجدها تضع شعرها على وجهها ناحية اليمين يقرئها السلام، كل الصبيان فى الحكاية يجدون أمنا الغولة تضع شعرها على وجهها ناحية اليمين فيقرئونها السلام لترد عليهم بالجملة التى حفظناها جيلا بعد جيل «لولا سلامك سبق كلامك لكلت لحمك قبل عضامك» ولزوم السياسة يمدحون جمالها الفتان وشعرها الحرير ولا يقولون لها أبدا يا غولة انت عينك حمرا، فيأمنون شرها وينالون رضاها وتخبرهم بمكان ست الحسن وبالطريقة التى يصعدون بها إليها فى غرفتها البعيدة بقصر المارد، وكيف يهربون معها ويعودون إلى بلدهم سالمين غانمين لتعم الأفراح ويتزوج كل شاطر حسن بالجميلة ست الحسن. كل البنات كن يحبسن أنفاسهن وهن يفردن شعورهن الطوال للشاطر حسن ليتشبث به من غير ألم وبقوة الخيال اللذيذ يصعد إلى الغرفة الحصينة، كن يبتسمن أمام العبارات التى يعانق فيها الشاطر حبيبته ويسرحن فى خيالهن انتظارا لمرور الأيام، وعندما تمضى الحكاية إلى موضع هروب الشاطر وست الحسن بالتعلق بحيوانات المارد التى يطلقها كل يوم لترعى عند الفجر، تحبس البنات أنفاسهن خوفا من أن تسقط ست الحسن أو أن يكتشف المارد موضع الشاطر حسن، لكن التشويق يعقبه ارتياح بنجاح الشاطر حسن فى إنقاذ ست الحسن والجمال والعودة بها إلى بلدها والزواج بها. الشاطر حسن فى الحدوتة التى توارثناها وسمعناها جيلا بعد جيل ينجح فى قهر كل الصعاب والأهوال ليس لقدرة خارقة فيه، ولكن لتمسكه بطاقة الحب التى اكتشفها فى نفسه لست الحسن والجمال، لأنه لم يخف على حياته، لم يخف من الفشل، كما لو كان يقول لنفسه، الخوف حمل تقيل على اللى شايله، مش هخسر حاجة لو رميته من على اكتافى، بالعكس هبقى سعيد وحر، كأنه يقول لنفسه الحياة فى إيد ربنا لو قعدت أحبسها بالمشى فى السكك المأمونة مين يضمن لى إنى هعيش ميت سنة أو حتى يوم واحد كمان، وكأنه كان يقول لنفسه ما ردده أبو فراس الحمدانى وغنته أم كلثوم إذا مت ظمآنا فلا نزل القطر، يعنى بالعامى الفصيح مفيش حاجة تستاهل نخاف منها ومفيش حاجة لو أخلصنا لقلوبنا تقدر تحرمنا من حبنا. موضوعات متعلقة.. ◄عشماوى.. الرحمة حين تنبت لها شوارب مرعبة ◄جحا.. بطل يمكن تكراره وأول من جمع «الهبل مع الشيطنة» ◄على بابا.. الحطاب الطيب الذى فتح له «سمسم» باب الثراء ◄هؤلاء مرشحون للدخول إلى ذاكرة الوجدان الشعبى بجدارة ◄على الزيبق.. روبن هود على الطريقة المصرية ◄شهريار .. السفاح الذى نجا من محكمة مجرمى الحرب ليقع فى قبضة زوجته شهرزاد هانم ◄الظاهر بيبرس.. فهم الدور التاريخى للحاكم فأحبه الناس ◄عنترة بن شداد.. أبوالفوارس الذى صنع نفسه بدمه وعرقه ◄مارجرجس.. سريع الندهة.. مغيث المصريين ◄«أدهم الشرقاوى».. مثل السادات الأعلى.. والسياسة وظفته لتعميق البطولة بين الناس ◄سيدنا الحسين.. مدد يابن بنت رسول الله «صلى الله عليه وسلم» ◄الزناتى خليفة.. القوة والشجاعة حينما تقتلها الخيانة ◄أبوزيد الهلالى سلامة.. البطل العادل الذى يحتاجه العرب ◄أبطال الخيال الشعبى فى مصر ◄حكم قراقوش.. ديكتاتورية الأغبياء فى كل زمان ◄أيوب.. إنا وجدناه صابرا ◄شفيقه ومتولى.. الملحمة التى جعلت من القاتل بطلاً ◄حسن ونعيمة.. الحب حينما يتحول إلى دم ودموع ◄كان ياما كان الشاطر حسن تزوج ست الحسن والجمال فى زمان مثل زماننا بالضبط ◄أمنا الغولة والنداهة وأبو رجل مسلوخة.. الثلاثى المرح الذى يميتنا من الرعب ◄مريم العذراء.. التى تجمع المسلمين والمسيحيين تحت جناحيها ◄أم العواجز.. رئيسة جمهورية مصر الشعبية ◄فرعون.. أليس له ملك مصر وهذه الأنهار تجرى من تحته ◄قارون.. إمبراطور المال فى تاريخ البشرية يزورنا فى المنام!