تنسيق الجامعات 2025.. التعليم العالي تنشر دليلًا توضيحيًا للتعامل مع الأخطاء الشائعة    عبد المقصود: حزب الجبهة يعمل على تمكين حقيقي للشباب وتصميم كتيب يساعد الطلاب في المرحلة الجامعية    عاجل- قرارات حاسمة في الاجتماع ال52 للحكومة: دعم الأطقم الطبية وتوسيع الطاقة المتجددة وتعزيز التحول الرقمي    محافظ المنيا يتفقد أعمال تطوير وصيانة المدارس ضمن برنامج "المدارس الآمنة"    موعد صرف معاشات أغسطس 2025.. اعرف التفاصيل    «غزة على طاولة النقاش».. السيسي يبحث مع رئيس أركان باكستان تطورات الأوضاع في الشرق الأوسط    روسيا تدين الدعوات الرامية إلى مهاجمة المنشآت النووية في إيران    ترامب: لا أنوي تأجيل فرض الرسوم الجمركية المقررة في الأول من أغسطس    موقف رونالدو وفيلكس من المشاركة أمام تولوز في ودية النمسا    ربيع ياسين عن أزمة عبد القادر: هناك زملكاوية يلعبون بقميص الأهلي.. والأحمر المرشح الأقوى لحصد البطولات    منعا لتكرار أزمة الاهلي وإنبي.. لائحة دوري الكرة النسائية تشدد على توافر سيارة إسعاف    الأهلي يتعاقد مع البرازيلي ميلاجريس لتولي فريق سيدات الطائرة    ضبط سائق ميكروباص للسير عكس الاتجاه وتعريض حياة المواطنين للخطر بالشرقية    عدم قبول الالتماس فى رفض دعوى إثبات نسب طفل لاعب كرة شهير    وزير العدل يلتقي رؤساء محاكم الاستئناف لتطوير منظومة التقاضي    الشركة المتحدة والنقابات الثلاث السينمائية والموسيقية والمهن التمثيلية تنعي الفنان القدير لطفي لبيب بعد رحلة فنية ممتدة.. وتامر عبد المنعم رئيس البيت الفني للفنون الشعبية: فقدنا قامة فنية كبيرة من طراز خاص    إسلام الريحاني يكشف ل"البوابة نيوز" كواليس فوزه بجائزة الدولة التشجيعية في التصوير    محافظ المنوفية يستعرض الموقف الحالي لمنظومة النظافة والمشروعات    تغطية الطرح العام ل "الوطنية للطباعة" 8.92 مرة في ثالث أيام الاكتتاب    هوجو إيكيتيكي يشارك في فوز ليفربول بثلاثية على يوكوهاما وديًا.. فيديو    التحقيق مع صانعة محتوى شهرت بفنانة واتهمتها بالإتجار بالبشر    3 شباب يستدرجون فتاة من ذوي الإعاقة ويعتدون عليها في العجوزة    الداخلية تعثر على طالبة متغيبة بالقاهرة وتعيدها لأسرتها    العثور على دقيقة مفقودة في تسجيلات المجرم الجنسي إبستين تثير الجدل.. ما القصة؟    رسميا.. المقاولون العرب يعلن ضم لاعب الزمالك السابق    حركة فتح: إعلان نيويورك إنجاز دبلوماسى كبير وانتصار للحق الفلسطينى    مصدر يكشف لمصراوي تفاصيل تعديل نظام مساهمة الأدوية التجارية بالتأمين الصحي    رئيس الوزراء: استراتيجية وطنية لإحياء الحرف اليدوية وتعميق التصنيع المحلي    35 ألف طالب تقدموا بتظلمات على نتيجة الثانوية العامة حتى الآن    السيسي يؤكد لرئيس هيئة الأركان الباكستانية ضرورة وقف إطلاق النار وتخفيف المعاناة الإنسانية في قطاع غزة    مي طاهر تتحدى الإعاقة واليُتم وتتفوق في الثانوية العامة.. ومحافظ الفيوم يكرمها    ضبط عاطل و بحوزته 1000 طلقة نارية داخل قطار بمحطة قنا    مدير أمن سوهاج الجديد يكثف جولاته الميدانية لضبط الحالة الأمنية    "زراعة الشيوخ": تعديل قانون التعاونيات الزراعية يساعد المزارعين على مواجهة التحديات    رئيس جامعة بنها يترأس اجتماع لجنة المنشآت    "التضامن" تستجيب لاستغاثات إنسانية وتؤمّن الرعاية لعدد من السيدات والأطفال بلا مأوى    وظائف خالية اليوم.. فرص عمل ب 300 دينارًا بالأردن    الرعاية الصحية تعلن تقديم أكثر من 2000 زيارة منزلية ناجحة    لترشيد الكهرباء.. تحرير 145 مخالفة للمحلات التي لم تلتزم بقرار الغلق    محافظ أسوان يوجه بالانتهاء من تجهيز مبني الغسيل الكلوي الجديد بمستشفى كوم أمبو    215 مدرسة بالفيوم تستعد لاستقبال انتخابات مجلس الشيوخ 2025    أبو مسلم: جراديشار "مش نافع" ولن يعوض رحيل وسام ابو علي.. وديانج يمتلك عرضين    مبيعات فيلم أحمد وأحمد تصل ل402 ألف تذكرة في 4 أسابيع    ما حكم كشف وجه الميت لتقبيله وتوديعه.. وهل يصح ذلك بعد التكفين؟.. الإفتاء تجيب    علي جمعة يكشف عن حقيقة إيمانية مهمة وكيف نحولها إلى منهج حياة    هل التفاوت بين المساجد في وقت ما بين الأذان والإقامة فيه مخالفة شرعية؟.. أمين الفتوى يجيب    ما معنى (ورابطوا) في قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا)؟.. عالم أزهري يوضح    استقرار سعر الريال السعودي في بداية تعاملات اليوم 30 يوليو 2025    حميد أحداد ينتقل إلى الدوري الهندي    رابطة الأندية: لن نلغي الهبوط في الموسم الجديد    ملك المغرب يؤكد استعداد بلاده لحوار صريح وأخوي مع الجزائر حول القضايا العالقة بين البلدين    ترامب يكشف عن تأثير صور مجاعة قطاع غزة على ميلانيا    استراتيجية الفوضى المعلوماتية.. مخطط إخواني لضرب استقرار مصر واستهداف مؤسسات الدولة    وفري في الميزانية، طريقة عمل الآيس كوفي في البيت زي الكافيهات    فلكيًا.. موعد بداية شهر رمضان 1447-2026    حظك اليوم الأربعاء 30 يوليو وتوقعات الأبراج    لميس الحديدي توثق لحظة فيروز المؤثرة: همست للسفير المصري «أنا بحب مصر» (فيديو)    متابعة تطورات حركة جماعة الإخوان الإرهابية مع الإعلامية آلاء شتا.. فيديو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدبلوماسية المصرية فى ميزان الثورة.. 4 وزراء فى 180 يوماً.. أبو الغيط حلل أسباب سقوط مبارك.. والعربى رسم خارطة ما بعد الثورة.. والعرابى استقال بعد تصريح الشقيقة الكبرى.. وعمرو يمسك العصا من الوسط
نشر في اليوم السابع يوم 05 - 01 - 2012

مرت السياسة الخارجية المصرية ما بعد ثورة يناير بالعديد من الفصول المثيرة للجدل، وموجات من التحديات فرضتها الطبيعة الثورية المتلاحقة للأحداث. وتفاعلت الدبلوماسية المصرية مع سيل المتغيرات بتتابع 4 وزراء فى اقل من 180 يوما بتحطيم الكثير من التابوهات المغلوطة عن هذا الكيان العريق والمتهم سابقا بتنفيذ أجندة الرئيس المخلوع بحسب تعبير أحد الدبلوماسيين القدامى: "إن السياسة الخارجية المصرية لم يكن لها إن تدور بعيدا عن فلك الرئيس".
وما بين الصعود والهبوط شهدت الدبلوماسية المصرية العديد من النجاحات والإخفاقات فى فترة ما بعد الثورة، إلا أن ثوابتها ظلت راسخة مهما ارتفع صخب التصريحات أو تأزمت المواقف، لدرجة اتهامها بالجمود أحيانا فى التعامل مع مأساة شهداء الحدود على أيدى إسرائيليين والموقف من الثورة فى اليمن وسوريا وليبيا.
وتبرز السطور القادمة أهم ثوابت السياسة الخارجية لمصر مع اقتراب مرور عام على الثورة باستثناء فترة الوزير الأسبق أحمد أبو الغيط الذى ظل فى حكومة أحمد شفيق لتسيير الأعمال أثناء الاحتجاجات ضد مبارك حتى أوائل مارس، وأرجع أبو الغيط وقتها أسباب غضب المصريين إلى تزوير الانتخابات والحديث عن التوريث، ولم ينسَ الثوار لأبو الغيط تعليقه الشهير عن احتمال انتقال عدوى الثورة التونسية إلى مصر وقتها بأنه "كلام فارغ، وأن مصر ليست تونس".
تركزت الثوابت المصرية فى الالتزام بمعاهدة السلام، ولكن بشروط مع وضع ملف المصريين بالخارج على رأس الأولويات بعد ارتفاع مؤشرات الانتماء لدى كافة المصريين عقب الثورة، إضافة إلى العودة بفاعلية إلى القارة المنسية إفريقيا، والتأكيد على دعم دولة فلسطين وأمن الخليج ومستقبل العلاقات مع إيران.
فور قدوم حكومة الدكتور عصام شرف فى 7 مارس تم تكليف الدكتور نبيل العربى بتولى حقيبة الخارجية. وحقق العربى طفرة فى ملامح الدبلوماسية المصرية فى فترة قصيرة كفلت له شعبية جارفة قبل تنصيبه أمينا للجامعة العربية فى أول يوليو. وبعدها تم تكليف سفيرنا السابق فى ألمانيا محمد العرابى بالمهمة وكان سيئا الحظ فى خلافته لرجل بكاريزما العربى، فلم يمكث العرابى فى الوزارة أكثر من 17 يوما قبل أن يقدم استقالته لرفع الحرج عن حكومة شرف وسط احتجاجات ضده بأنه يتبع النظام السابق، ليقضى بذلك أقصر مدة لوزير فى تاريخ الخارجية المصرية. وفى 18 يوليو قام شرف بعد حيرة كبيرة بإسناد المهمة إلى الوزير الحالى محمد كامل عمرو فى ظروف أكثر هدوءا للاستفادة من خبرته مديرا تنفيذيا بالبنك الدولى.
المصريين فى الخارج
وضعت الدبلوماسية المصرية ملف المصريين بالخارج فى مقدمة أولوياتها عقب الثورة واختلف نطاق الاهتمام بمصريى الخارج من فترة لأخرى، حيث كان التركيز فى فترة أبو الغيط والعربى والعرابى على المصريين العالقين فى ليبيا وقت الحرب، وانتقل بعدها إلى كافة المصريين المغتربين حول العالم فى موسم الانتخابات الجارية.
ولأول مرة فى تاريخها تعلن وزارة الخارجية وإدارة المصريين بالخارج برئاسة السفير أحمد راغب عن إجراء استبيان حول أداء السفارات والقنصليات بالخارج لإعادة التقييم وتحسين مستوى أداء الخدمة. كما يأتى تمكين المصريين بالخارج من الإدلاء بأصواتهم فى الانتخابات البرلمانية الحالية كأقوى انتصار للخارجية المصرية بتشكيل لجان انتخابية فى 127 سفارة و11 قنصلية مصرية حول العالم، تنفيذا لحكم الإدارية العليا بأحقية المصريين فى الخارج التصويت فى الانتخابات.
ويبقى ملف معاملة المصريين ببعض الدول فى حاجة ملحة إلى مراجعة وإعادة تنسيق، خاصة فيما يتعلق بعقود العمل وأحكام السجن ضد مصريين بالخارج.
معاهدة السلام
وقعت الدبلوماسية المصرية فى موقف لا تحسد عليه بعد الثورة بين مطالب بتعديل اتفاقية السلام مع إسرائيل وهواجس إلغائها، واستطاعت تحقيق توازن ملحوظ بإرساء مبدأ الالتزام بالاتفاقيات المبرمة مع إسرائيل طالما التزم بها الطرف الآخر، ولم يختلف هذا الالتزام كثيرا عن فترة أبو الغيط أو سابقيه فى نظام مبارك، سوى فى حدة نبرة التصريحات التى أطلقها الدكتور نبيل العربى "بأن جميع المعاهدات قابلة للتعديل لأنها ليست قرآنا أو إنجيلا"، وهو التصريح الذى أفزع تل أبيب التى وصفته بعدو إسرائيل رغم أنه لم يطالب بإلغاء الاتفاقية وإنما تطبيقها بشكل سليم، بالتزام إسرائيل بالدخول فى سلام مع الدول الراغبة فى ذلك وهو ما لا يحدث مع فلسطين. وحقق العربى بتلك المواقف جماهيرية كبيرة فى مصر والعالم العربى جعلته مايسترو الدبلوماسية المصرية ما بعد ثورة يناير. وجاء خلفه محمد العرابى مؤكدا السير على نهج أستاذه كما يحب إن يسميه وأن السياسة الخارجية لابد أن تعبر عن طموحات المصريين بعد 25 يناير.
ولم ترضخ الدبلوماسية المصرية لنداءات حماسية على مدار عام الثورة بإلغاء المعاهدة على خلفية عدد من الأحداث، وتعاملت معها بعقلانية تارة وجمود ولامبالاة تارة أخرى واستطاع الوزير الحالى محمد عمرو إمساك العصا من الوسط بالإصرار على التزام مصر بكافة الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التى أبرمتها مع إسرائيل طالما التزم بها الطرف الآخر.
شهداء الحدود
برز الهجوم على السفارة الإسرائيلية فى أغسطس كنقطة سوداء فى رداء الخارجية الأبيض نتيجة تباطؤها فى اتخاذ موقف أكثر صلابة ردا على استشهاد 6 من الجنود المصريين على ايدى إسرائيليين، وتوقع المحتجون من الخارجية طرد السفير الإسرائيلى بالقاهرة أو سحب سفيرنا بتل أبيب لحين إنتهاء التحقيق، إلا أن الاستجابة لم تكن سريعة وهو ما كان سببا رئيسيا فى اندلاع أحداث الهجوم على السفارة الإسرائيلية.
ورغم انتزاع الدبلوماسية المصرية اعتذرا رسميا غير مسبوق من إسرائيل إلا أنه جاء متأخرا بعد مرور شهرين كاملين فى الحادى عشر من أكتوبر، ولم يرقَ هذا الاعتذار بأى شكل لطموحات مصر الثورة.
فلسطين.. الدولة والمعبر
تجاوزت الخارجية المصرية هواجس الأمن القومى التى كان يروجها النظام البائد حول الحدود مع فلسطين. وبينما كان يهدد أبو الغيط أى متسلل من الحدود بقطع رجله، قاد نبيل العربى أبرز المتغيرات فى دبلوماسية الثورة بقرار فتح معبر رفح فى أخر مايو 2011، لتخفيف الحصار على أهالى غزة فى تحدى قوى لكل التحذيرات الأمريكية والإسرائيلية.
وأرسى العربى قاعدة أصيلة فى حل القضية الفلسطينية بضرورة الانتقال من مرحلة إدارة الصراع الفلسطينى الاسرائيلى إلى مرحلة إنهاء الصراع وإقامة دولة فلسطين. وواصل خلفه العرابى العمل بهذه القاعدة مشددا على مواصلة تخفيف المعاناة عن شعب غزة فى حين يؤكد الوزير الحالى محمد عمرو فى كل المحافل الدولية على حق الفلسطينيين فى إقامة وطنهم ودعم مصر لطلب الفلسطينيين فى سبتمبر الماضى للعضوية الكاملة بالأمم المتحدة.
ندية اللعب مع واشنطن
اتخذت الخارجية عددا من القرارات التى رفعت من مشاعر الانتماء والعزة لدى المصريين بقرار صدر منذ أيام بتطبيق اشتراطات التأشيرة على مسئولى الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة. وتفرض تلك الاشتراطات على الدبلوماسيين ومسئولى الحكومات بتلك الدول الذهاب إلى السفارة المصرية بها لأخذ بصمة اليد للحصول على تأشيرة الدخول إلى الأراضى المصرية تطبيقا لمبدأ المعاملة بالمثل، حيث اشترطت تلك الدول فى وقت سابق تطبيق ذلك على دول شمال إفريقيا وبينها مصر تخوفا من الهجرة إلى أراضيها عقب ثورات الربيع العربى.
أمن الخليج وعقدة إيران
أكدت الرؤية المصرية أن أمن الخليج يعد خطا أحمر بالنسبة لمصر ويرى مراقبون أن الخليج من الناحية الجيوسياسية يمثل بعدا إستراتيجيا هاما لمصر لكبح أى أطماع محتمله للمد الإيرانى بالمنطقة. كما تحتاج القاهرة إلى ضخ مزيد من الاستثمارات الخليجية إليها فى ظل تراجع الاقتصاد المصرى بعد الثورة ووجود فائض نفطى هائل لدى الخليج.
وقد حرص وزراء الخارجية ما بعد الثورة على زيارة الخليج والسعودية لبحث سبل دعم الاقتصاد المصرى. وكان تصريح العرابى بأن السعودية "شقيقة كبرى لمصر" بمثابة النقطة التى أفاضت الكأس تعجيلا باستقالته بعد تصريحه أن ثمة حملة استهدفت إسقاطه منذ توليه المنصب.
من جهة أخرى تحافظ الدبلوماسية المصرية على شعرة معاوية فى علاقاتها مع إيران وسط أجواء من الحذر والريبة منذ اندلاع الثورة الإيرانية وقطع العلاقات الدبلوماسية الكاملة بين البلدين فى عام 1979. ولم تشفع خطوات عديدة تم اتخاذها من الطرفين لإعادة العلاقات بشكل كامل، حيث توالت زيارات الوفود الشعبية لطهران لتقريب وجهات النظر، وتم إعادة الرحلات الجوية بين البلدين لأول مرة فى أكتوبر الماضى وأعربت إيران عن رغبتها الشديدة لإقامة علاقات قوية مع القاهرة، إلا أن الخارجية تضع القرار أمام مجلس الشعب القادم ربما تخوفا من مد شيعى محتمل فى حالة إقامة علاقات كاملة مع طهران.
عودة مؤقتة للقارة المنسية
عادت الدبلوماسية المصرية إلى قارة أفريقيا بعد سنوات من الهجر والنسيان أعقبت محاولة اغتيال الرئيس المخلوع مبارك فى أديس أبابا عام 1995 والذى قرر وقتها عدم اللعب مع أفريقيا. وتعهدت الخارجية بالعودة بشكل أكثر فاعلية إلى القارة السمراء باليات جديدة تعتمد على الحوار والمشاركة بعيداً عن الصدام والمواجهة خاصة فيما يتعلق بقضية السد الإثيوبى على مجرى النيل وأزمة اتفاقية عنتيبى الإطارية التى وقعتها 6 دول لإعادة توزيع مياه النيل بالمخالفة للاتفاقيات المبرمة مع دولتى المصب مصر والسودان.
وتواجه الخارجية تحديات كبيرة فى إفريقيا بعد الفراغ الشاسع الذى تركته لسنوات طويلة ليستغله لاعبين آخرين أبرزهم الصين وإسرائيل.
قطر وتركيا.. الصديق اللدود
خسرت الدبلوماسية المصرية جزءا كبيرا من رصيدها بالمنطقة منذ فترة الرئيس السابق واستمر سيناريو التراجع عقب الثورة. وغابت الدبلوماسية المصرية عن العديد من الملفات الحساسة فى منطقتها وتركت الساحة طوعا وكرها لدول أخرى مثل قطر وتركيا ليقودا المنطقة ويديرا ملفات منها المصالحة السودانية واتفاق دارفور وانفصال جنوب السودان والأزمة الليبية وغيرها من الملفات شديدة التماس بالمصالح المصرية.
الأزمة الليبية
نجحت الخارجية المصرية فى التعامل مع سيناريو الثورة الليبية بذكاء لافت للنظر بتجنب أى تصريحات أو اتخاذ اى مواقف من شانها إثارة نظام القذافى ضد أكثر من مليون مصرى من العاملين والعالقين بأسرهم فى ليبيا. وتمكنت من إعادة الآلاف عبر سفن وقوارب بعضها "تركى وقطرى". ولعب العربى على وجه الخصوص دورا لافتا فى هذا الملف بالتنسيق مع السلطات الليبية لاستعادة المصريين، كما كثف الوزير عمرو من اتصالاته بالجانب الليبى لضمان مشاركة مصرية فى إعادة إعمار ليبيا إلا أن نصيب الأسد كان لدول مثل فرنسا وقطر وتركيا وهم من الداعمين الأوائل للثورة الليبية منذ بدايتها. وجاء نبأ تطبيق السلطات الليبية لاشتراطات التأشيرة على المصريين الراغبين فى العمل فى ليبيا ليعكر صفو هذه الحالة من النجاح.
خيبة أمل فى سوريا
أصاب المصريين الكثير من خيبة الأمل فى موقف الخارجية من أحداث القتل التى يمارسها نظام الرئيس السورى بشار الأسد ضد شعبه منذ اندلاع الانتفاضة السورية فى 15 مارس الماضى. ولم يختلف موقف وزراء الخارجية مجتمعين من تجنب التعليق على الأحداث الدموية فى سوريا.
وفى الوقت الذى سحبت فيه دول مثل السعودية وتركيا والبحرين والكويت سفرائهم فى دمشق، التزمت مصر صمتا رهيبا وعلق محللون وخبراء بأنه على الرغم من تفهم حالة الصمت فى الأزمة الليبية لحماية المصريين فلا مبرر لذلك فى الحالة السورية
ويرى الوزير عمرو أن سحب السفير المصرى من أسهل القرارات ولكن بقاءه مهم لإيجاد حلقة تواصل مع الجانب السورى رافضا اى محاولة للتدخل الأجنبى.
ثورة اليمن.. لا نرى لا نسمع لا نتكلم
غابت مصر بشكل شبه تام عن ثورة اليمن ورفعت الخارجية شعار "لا أرى لا أسمع لا أتكلم" تجاه أحداث القمع التى كان يمارسها الرئيس على عبد الله صالح ضد الشعب اليمنى على مدار شهور طويلة. ومنذ اندلاع الثورة اليمنية فى فبراير الماضى لم نسمع أى تعليق من الدبلوماسيين المصريين عما يحدث فى الميادين الغاضبة فى صنعاء وتعز وأن كان الانشغال مبررا بالمصريين فى ليبيا فإنه لم يكن مبررا بعد سقوط القذافى.
الدبلوماسيون فى ميدان التحرير
لم يغيب الدبلوماسيون بوزارة الخارجية عن الثورة المصرية منذ البداية، وشارك كثير منهم فى أحداثها الساخنة لأنهم جزء من نسيج الوطن. وكان بيانهم فى 27 نوفمبر تأكيدا على تفاعلهم مع ما تموج به الأيام المتتالية من أحداث. طالب عشرات من السفراء والدبلوماسيين المصريين فى الداخل والخارج بضرورة وقف العنف من قوات الأمن ضد المعتصمين بميدان التحرير والتحقيق مع المتورطين وعقد الانتخابات البرلمانية والرئاسية فى مواعيدها المحددة مع ضمان حمايتها من جانب المجلس العسكرى.
مهام جديدة لوزير الثورة
حملت الثورة مهاما جديدة لوزير الخارجية أغلبها يحمل طابعا اقتصاديا بحتا. وأكد وزير الخارجية الحالى محمد عمرو بأنه لم يعد يتحدث فى الأمور الدبلوماسية مع نظرائه فى الدول العربية والأجنبية بقدر الحديث عن كيفية تنمية الاقتصاد المصرى وضخ مزيد من الاستثمارات باعتبارها أهم ركائز التحول الديمقراطى مستفيدا من خبرته بالبنك الدولى.
وأصبح من مهام وزير الثورة الترويج للاقتصاد والاستثمار فى مصر. كما تؤكد الدبلوماسية المصرية إن عودة الاستثمارات لن تتحقق إلا بالاستقرار السياسى وبناء مؤسسات الدولة.
استعادة الأموال المهربة من الخارج
وجدت الدبلوماسية المصرية نفسها أمام واقع هروب مليارات الدولارات خارج البلاد عقب الثورة على أيدى رموز النظام السابق. وأصبح من مهامها متابعة هذا الملف من خلال سفاراتنا فى الخارج والإلمام بتفاصيل القضايا المرفوعة لاسترداد تلك الأموال. ورغم محاولات بعض الدول للمساعدة فى إعادتها إلا أن الدبلوماسية المصرية تواجه عقبات كبيرة فى ظل خضوع استرداد تلك الأموال لإجراءات قضائية ومحاكمات وفقا لقانون تلك الدول والقانون الدولى. وأصبح دورها يقتصر على متابعة ما تسفر عنه تلك المحاكمات مع الحرص على عدم التفريط فى حقوق المصريين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.