كان يفترض أن أكتب هذا المقال ليلة السابع من يناير، بمناسبة عيد الميلاد المجيد، لأهنئ فيه إخوتى الأقباط بعيد ميلاد سيدنا المسيح عيسى بن مريم، عليه السلام، لكننى فوجئت ببيان الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح، أمس، والذى نشرته "اليوم السابع"، وجاء فيه أنه لا تحل مشاركة ولا تهنئة غير المسلمين فى المناسبات الدينية، التى هى من أخص ما تتميز به الشرائع باتفاق، مؤكدة على أنه ليس فى ترك التهنئة أو المشاركة اعتداء أو ظلم أو ترك للأحسن، كما يظن البعض، مشيرة إلى أن هناك من طوائف النصارى من لا يهنئ الطوائف الأخرى بما اختصت به من أعياد، بحسب معتقداتهم ولا يشاركهم فيها. الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح، أكدت فى ردها على سؤال حول حكم تهنئة غير المسلمين بعيد القيامة ونحوه من الأعياد الدينية، أن الأصل فى الأعياد الدينية أنها من خصوصيات كل ملّةٍ ونحلةٍ، موضحة أن المسلمين لا يعتقدون فى صلب السيد المسيح، عليه السلام، ولا يحل لهم بحال التهنئة بقيامته المدعاة، مستشهدة بقول الله تعالى فى سورة النساء، (وما قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ ولكن شُبِّهَ لَهُم). أما ما يتعلق بالمناسبات الدنيوية، فأكدت الهيئة فى فتوى للدكتور على السالوس، رئيس الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح، أنه لا حرج فى بر غير المسلمين والإقساط إليهم، ولا تهنئتهم - فى الجملة- بمناسبات زواج أو ولادة مولود أو قدوم غائب، وشفاء مريض وعيادته، وتعزية فى مصاب، ونحو ذلك، لاسيما إذا كان فى هذا تأليف للقلوب على الإسلام، وإظهار لمحاسنه. انتهت الفتوى، وقد قررت ألا آخذ بها، وألا أتعامل معها، فالإسلام الحنيف يعترف بكل الأنبياء والرسل والرسالات التى سبقته، فكيف لا أهنئ إخوتى الأقباط بعيد ميلاد السيد المسيح، وكيف لا أحتفل به، ومن شروط الساعة فى الإسلام عودة السيد المسيح، وأن يصلى خلفه المؤمنون فى زمن عودته. التهنئة واجبة للإخوة الأقباط، رغم فتوى الهيئة الشرعية السلفية، فقد عاش المصريون والأقباط معاً أكثر من أربعة عشر قرناً فى هذه البلاد، تشاركنا فى الأرض والوطن.. وحاربنا معاً من أجل استقلاله وتحريره، وسالت دماؤنا وامتزجت على هذه الأرض الطاهرة التى باركها الله سبحانه وتعالى. ولكل أصدقائى الأقباط، عيد ميلاد مجيد، وسنظل نحيا فى مصر معاً، وكما كنا دائماً، فنحن أمة واحدة، تجرى فى عروقنا دماء واحدة، ولا يستطيع أحد أن يفرقنا أو يمنعنا عن حب بعضنا البعض وتبادل الود والمودة.. مهما ظهرت من فتاوى.