التشعيع.. مصر ومستقبل صديق للبيئة.. إنتاج كواشف تشعيع الدم وتصديرها للبرازيل..يقلل الفاقد فى تخزين القمح.. ورئيس المركز القومى لبحوث الإشعاع: نستهدف التوسع فى الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية لخدمة المجتمع

الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية أصبحت أمرا لا غنى عنه فى أى دولة تسعى لتحقيق النمو الاقتصادى والاجتماعى، وتضع مصر على رأس أولوياتها التوسع فى الاستخدام السلمى للطاقة الذرية، والتى تشمل توليد الكهرباء من الطاقة النووية وتوظيف الإشعاع الذرى فى تعقيم المواد الغذائية والمستلزمات الطبية التى تجعل عمرها الافتراضى أطول وبجودة عالية، علاوة على استخدام التشعيع فى استخراج علاج لأمراض متعددة منها الأمراض الجلدية والقدم السكرى ومستلزمات التجميل، كل هذا بالإضافة إلى الحفاظ على السلع الاستراتيجية للدولة مثل القمح والتمور من خلال الحفظ بالإشعاع، والذى يجعل المنتجات المصرية الأعلى جودة على مستوى العالم، وبدأ مؤخرا عدد من مصنعى مهمات الكهرباء فى تعريض الكابلات الكهربائية للتشعيع لتحسين خصائصها وإطالة عمرها الافتراضى.

- مصر تنتج كواشف تشعيع الدم وتصدرها للبرازيل
كشف الدكتور ياسر شعبان، الباحث بالمركز القومى لبحوث وتكنولوجيا الإشعاع، أن كواشف تشعيع الدم تستخدم فى عمليات تشعيع الدم وبعض مكوناته لمرضى الأورام، وهى كواشف كيميائية تعتمد على حدوث تفاعل كيميائى معين، ما يظهر تغيرا لونيا واضحا من اللون الأصفر إلى الأحمر عند جرعات منخفضة تصل إلى 25 جراى.
وأكد شعبان، أنه فى الوقت الحاضر الطريقة الوحيدة المقبولة لمنع مرض نقل الدم هى تشعيع الدم ومكوناته قبل عملية نقل الدم، كاشفا أن مصر كانت تستورد كواشف تشعيع الدم من الخارج ، ما يتطلب المزيد من العملة الصعبة، وتم إجراء بحوث عديدة وتخليق بعض المواد الجديدة التى لها حساسية عالية للإشعاع المؤين، حتى توصل الفريق البحثى المكون من الدكتور عاطف عبدالحميد رئيس هيئة الطاقة الذرية السابق، والدكتور ياسر شعبان والدكتور أحمد محمد بيومى، إلى مكون خلطة تصنيع كواشف تشعيع الدم، وتم بالفعل إنتاج كواشف تشعيع الدم RadAver عام 2015 بالمركز القومى لبحوث وتكنولوجيا الإشعاع بهيئة الطاقة الذرية.

- استيراد الكواشف اللونية الإشعاعية من مصر لتعقيم المواد الغذائية والطبية

قالت الدكتورة وفاء بشير، المشرف على مشروع إنتاج الكواشف اللونية الإشعاعية بالمركز القومى لبحوث وتكنولوجيا الإشعاع، إن هذه الكواشف تستخدم فى عمليات تعقيم المواد الطبية ومعالجة الأغذية بالإشعاع، وهى كواشف كيميائية تعتمد على حدوث تفاعل كيميائى معين، ما يظهر تغيرا لونيا واضحا من اللون الأصفر إلى الأحمر ثم إلى البنفسجى عند التعرض للإشعاع.

وأوضحت بشير، فى تصريحات خاصة ل«اليوم السابع»، أن هذه المواقف تلصق على العلب التى تحتوى على المواد الطبية والغذائية التى تعقم بالإشعاع، وذلك لكى يتم التأكد من سلامة عمليات التشعيع طبقا للمعايير الدولية، وتابعت أنه فى بداية الأمر كانت مصر تستورد الكواشف الإشعاعية اللونية من الخارج مما يتطلب المزيد من العملة الصعبة وتوصل الفريق البحثى المكون من الدكتور فؤاد عبدالرحيم والدكتورعاطف عبدالحميد عبدالفتاح رئيس هيئة الطاقة الذرية السابق، والدكتورة هالة عز الدين، إلى مكون خلطة تصنيع الكواشف اللونية.

وأشارت بشير، إلى أن إنشاء مصنع الكواشف الإشعاعية اللونية بهيئة الطاقة الذرية حقق العديد من المميزات، منها: وقف استيراد الكواشف الإشعاعية وتوفير العملة الصعبة، وإنتاج كواشف للأشعة فوق البنفسجية، وقد تم تسويقها عبر إحدى الشركات الأمريكية وتوزيعها فى الصين.


- التشعيع الإلكترونى فى تخزين القمح وتقليل الفاقد منه

وأكد الدكتور حسن عبدالرحيم، نائب رئيس هيئة الطاقة الذرية الأسبق، أن سوء تخزين الحبوب الغذائية ومن بينها القمح يؤدى إلى ارتفاع نسبة الفاقد أثناء التخزين، مؤكدا أن وسائل وطرق التخزين للحبوب الغذائية فى مصر بدائية، ما يؤدى إلى ارتفاع نسبة الفاقد، وبالتالى يزيد من الفجوة الغذائية مما يحمل الخزانة العامة للدولة المزيد من الأعباء.

وكشف فى تصريحات خاصة ل«اليوم السابع»، أنه يمکن تقليل الفاقد فى تخزين الحبوب بشكل عام والقمح بشكل خاص باستخدام التشعيع الإلكترونى، حيث إنه يستخدم بدلا من التدخين الكمياوى للتحكم فى مهاجمة الحشرات ومكافحة الآفات للحبوب، إلى جانب القضاء على التلوث الذى يحدث بعد المعالجة فإن الحبوب يمكن الاحتفاظ بها لمدة أطول دون فقد ملحوظ فى جودتها، كما أن تشعيع الحبوب لا يترك أى بقايا، فضلا عن أن التشعيع لا ينتج عنه تغير ملحوظ للقيمة الغذائية للمنتج.

وأوضح «عبدالرحيم» أن التشعيع تقنية آمنة وصديقة للبيئة، وهى إحدى أهم الطرق المعتمدة لدى معظم الدول المستوردة للتمور، خاصة أن الحفظ بالتشعيع يتم بعد التعبئة والتغليف، لذلك هذه الطريقة آمنة للغاية، وأن التمور ليست المنتج الزراعى الوحيد الذى يحفظ بالمعالجات الإشعاعية فبعض الفواكه الأخرى سريعة التلف كالمانجو والجوافة والفراولة تتم معالجتها إشعاعيا فى دول جنوب شرق آسيا وأمريكا، والذى بدوره يؤدى إلى إطالة فترات التخزين إلى مدد طويلة والمحافظة عليها من التلف السريع، وبالتالى تقليل الفاقد منها الذى يصل إلى 40 %.

- نقلة جديدة فى صناعة كابلات الكهرباء

فيما أكد الدكتور محمد رجائى، مدير وحدة المعجل الإلكترونى بالمركز القومى لبحوث وتكنولوجيا الإشعاع بهيئة الطاقة الذرية، أن صناعة كابلات الكهرباء فى مصر ستشهد طفرة كبيرة خلال الفترة المقبلة، مؤكدا أنه يتم استخدام المعجل الإلكترونى لتعرض الكابلات الكهربائية للتشعيع لتحسين الخواص الخارجية لها.

مضيفا فى تصريحات خاصة ل«اليوم السابع» أنه يتم حاليا تعقيم كابلات الكهرباء المصنعة فى مصر باستخدام الإشعاع لتحسين الخواص الخارجية، موضحا أن تعرض الكابلات الكهربائية للتشعيع يزيد من عمرها الافتراضى وجودتها ويجعلها تتحمل درجات حرارة مرتفعة جدا ولا تنصهر، وبالتالى تجنب حوادث الكهرباء الناتجة عن انفجار الكابل بسبب تعرضه لدرجات حرارة مرتفعة جدا، وقال إن المعجل الإلكترونى يستخدم فى العديد من التطبيقات التجارية، منها: تنقية المياه - فحص البضائع - إنتاج النظائر المشعة.


ويعتبر المركز القومى لبحوث وتكنولوجيا الإشعاع أحد المراكز البحثية التابعة لهيئة الطاقة الذرية، الذى يستخدم فى العديد من المجالات منها البحثية والخدمات التشعيعية سواء فى مجال الطب أو المنتجات الزراعية وغيرها، وهو ما أوضحته الدكتورة سحر أحمد إسماعيل رئيس المركز القومى للبحوث وتكنولوجيا الإشعاع، فى حوارها ل«اليوم السابع»، وفيما يلى نص الحوار:

فى البداية ما هى مجالات نشاط المركز القومى لبحوث وتكنولوجيا الإشعاع؟

المركز يضم العديد من المجالات سواء البحثية أو الخدمات التشعيعية، حيث يهتم من خلال الشعب والأقسام العلمية بإجراء البحوث العلمية فى مجال الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية، والتى تتعلق بإيجاد الحلول الملاءمة والمناسبة للعديد من المشاكل فى المجالات المختلفة كالصناعة والزراعة والطب والبيئة، والتى تهدف إلى خدمة الإنسان والمحافظة على صحته ودفع عجلة التنمية ودعم الاقتصاد الوطنى، وتستهدف هيئة الطاقة الذرية التوسع فى الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية لخدمة المجتمع خلال الفترة المقبلة.

ما الخدمات التشعيعية التى يقدمها المركز القومى لبحوث وتكنولوجيا الإشعاع؟

أولا الوحدات والمرافق الخدمية الآتية: وحدات التشعيع الجامى بموقعى المركز بالقاهرة «مدينة نصر» والإسكندرية وهى الوحدات الوحيدة بجمهورية مصر العربية والتى تقدم الخدمات التشعيعية كمعالجة وحفظ الأغذية بالإشعاع، وهذه هى الطريقة الوحيدة الآمنة صديقة البيئة والمقبولة عالميا والتى تهدف إلى المشاركة فى تحقيق استراتيجيات الدولة التالية:

- تحقيق الأمن الغذائى

- منع عمليات التخزين فى محاصيل البصل والثوم والبطاطس وهى من المحاصيل الاستراتيجية وذلك لتقليل كمية الفاقد فيها.

- القضاء على الميكروبات المفسدة والتى تتسبب فى فساد وتلف اللحوم والدواجن والأسماك، ما يعمل على المحافظة على جودتها.

- تحقيق سلامة الغذاء وذلك عن طريق القضاء على البكتيريا الممرضة الموجودة بالغذاء وعلى الفطريات المفرزة للسموم الفطرية وعلى الطفيليات الضارة بصحة الإنسان.

- تعزيز التصدير للخارج وذلك عن طريق التخلص من الآفات والحشرات التى تصيب كثيرا من الأغذية «الفواكه والخضراوات الطازجة والتمور والحبوب.. إلخ»، ما يعمل على تسهيل والتغلب على متطلبات الحجر الزراعى عند تصديرها.

- تبلغ عدد الشركات التى تطلب هذه الخدمة والتى تأتى إلى المركز نحو 440 شركة منها نحو 60 % مستلزمات طبية و40 % منتجات غذائية من أهم التطبيقات والخدمات التشعيعية التى يقوم بها المركز من خلال استخدام وحدات التشعيع الجامى هو التعقيم الطبى التام وألا يتم فيها التخلص من جميع أنواع الكائنات الحية الدقيقة.



ما المواد والأدوات والمستلزمات والمنتجات الطبية التى يتم تعقيمها بالمركز؟

تعتبر أهم الأدوات والمستلزمات والمنتجات الطبية التى يتم تعقيمها بالمركز كالآتى: «السرنجات - مرشحات الغسيل الكلوى - أنابيب ومعدات نقل الدم - الخيوط الطبية - القفازات - القطن والشاش الطبى - ملابس وأقنعة الأطباء المستخدمة فى العمليات الجراحية - صمامات القلب الصناعية - المسامير المستخدمة فى جراحات العظام - المواد الخام المستخدمة فى صناعة الدواء - مساحيق التجميل - العبوات الفارغة المستخدمة فى تعبئة القطرات والأدوية - وغيرها».

هل تقنية التعقيم بالتشعيع معروفة بالعالم؟

التعقيم الطبى بالإشعاع هو التقنية الوحيدة والفريدة المستخدمة على نطاق واسع عالميا، فعلى سبيل المثال وصل عدد الوحدات التى تقدم هذه الخدمة على المستوى العالم 300 وحدة تشعيع منها 120 وحدة فى أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية ومنها 100 وحدة تشعيع فى الصين وحدها.


هل هناك خدمات أخرى يقدمها المركز؟

يوجد معمل مرجعى بالمركز لقياس الجرعات الإشعاعية العالية لضبط الجرعات الإشعاعية المستخدمة فى أغراض تشعيع الأغذية والتعقيم الطبى والارتباط بالمعامل القياسية المرجعية العالمية، إذ تم ربط أنظمة قياس الجرعات الإشعاعية بالمركز بالمعمل المرجعى للوكالة الدولية للطاقة الذرية والمعمل المرجعى البريطانى للقياس والمعابر، ومعمل الحمل البكتيرى الذى يختبر الحمل البكتيرى قبل وبعد التشعيع، وذلك للتأكد من إتمام عملية التعقيم، هذان المعملان يهدفان لضبط جودة التعقيم الإشعاعى للمنتج، بالإضافة إلى معمل معايرة أجهزة القياس الإشعاعى المستخدمة فى الشركات الصناعية والوحدات الطبية، كما يقوم المركز بإجراء المسح الإشعاعى وتحليل تركيزات المواد المشعة، فى عينات التربة المصاحبة من استخراج البترول ووضع الإجراءات الوقائية اللازمة فى تلك الحالات.

كما يوجد أيضا بالمركز المعامل المركزية للقياسات والتحاليل العلمية المختلفة وتحتوى هذه المعامل على أحدث الأجهزة للتحاليل والقياسات المتطورة والمستخدمة فى مختلف مجالات البحث العلمى والتى تخدم جميع الباحثين بالمركز والهيئة.


هل تعقيم المستلزمات الطبية بالإشعاع يتم فى أى جهة أخرى غير المركز؟

المركز القومى لبحوث وتكنولوجيا الإشعاع هو الجهة الوحيدة فى مصر التى تقوم بتعقيم المستلزمات الطبية والصيدلانية المتداولة داخل جمهورية مصر العربية، بالإضافة إلى حفظ المنتجات الزراعية مثل التوابل وبعض المواد الغذائية خاصة التى يتم تصديرها للخارج.

هل التعقيم بالإشعاع أمر إلزامى للمنتجات داخل مصر؟

نعم، حيث إنه الطريقة المختارة على المستوى العالمى وتلك الطريقة بديلة للطرق القديمة باستخدام ثانى أكسيد الإثيلين التى تترك بقايا سامة بالمواد تحت التعقيم، وهو ما أصبح ممنوع دوليا، وهذا يعنى أن التعقيم بالإشعاع وسيلة آمنة للإنسان والبيئة.