الفريق أحمد خليفة يعود إلى أرض الوطن عقب انتهاء زيارته إلى رواندا| فيديو    حزب المؤتمر يقدم ورقة عمل لمجلس حقوق الانسان المصري حول تضمين المبادئ في برنامجه    فرص عمل للمصريين بالأردن براتب يصل إلى 350 دينار.. اعرف التفاصيل    «القاصد» يرأس لجنة اختيار عميد كلية التربية الرياضية بجامعة المنوفية    التنمية المحلية: غلق وتشميع عدد من المحال غير المرخصة وإزالة اشغالات    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع أداء إيجابي    برلماني: توجيهات الرئيس للمجموعة الاقتصادية مرحلة جديدة أكثر تنافسية    «الأمم المتحدة»: المدنيون لا يجب أن يخاطروا بحياتهم للحصول على الغذاء    سمير فرج يتحدث عن بوادر حلحلة للتوصل إلى اتفاق بشأن غزة: بدأت باتصال من الرئيس السيسي    بريطانيا تخطط لإنتاج 7000 سلاح بعيد المدى لتعزيز قوتها الاستراتيجية    محمد صلاح ينضم لقائمة الأكثر حصداً لجائزة رجل المباراة بدوريات أوروبا .. اعرف التفاصيل    الأهلي يعلن التعاقد رسميًا مع محمد علي بن رمضان    ريال مدريد ينافس باريس على الموهبة الأرجنتينية الجديدة    من أقصى صعيد مصر إلى رحاب الحرم.. كرسي «ذات الهمة» لا توقفه الصعاب    تامر حسني يشكر جمهوره على دعمهم بعد الأزمة الصحية له ولابنه آدم    وزير الثقافة: تعليق زيادة رسوم المصنفات الفنية والتعامل بالرسوم السابقة    فضائل شهر ذي الحجة.. موعد النفحات الربانية    الشيخ خالد الجندي: من يأكل أموال الناس بالباطل لا حج له    الأزهر للفتوى: الأضحية من الشاة تجزئ عن الشخص الواحد وعن أهل بيته مهما كثروا    أحكام السعي بين الصفا والمروة خطوة بخطوة | فيديو    جامعة سوهاج تطلق قافلة طبية بالمنشأة    عيد الأضحى 2025| دليلك الذكي لتخزين اللحوم بطريقة صحية    أيام التشريق.. موعدها وحكم صيامها وأفضل العبادات بها    وزير الثقافة: تعليق تنفيذ قرار زيادة رسوم المصنفات الفنية والتعامل بالرسوم السابقة    محافظ الدقهلية: الانتهاء من إنشاء ورفع كفاءة وتطوير 5 منتجعات سياحية    بدون فوائد.. الأوراق والمستندات المطلوبة للحصول على قرض بنك ناصر    وزير العمل يلتقي مسؤولة ب"العمل الدولية" ويؤكد التزام مصر بمعاييرها    الشربيني يستقبل وفدًا من وزارتي الاستثمار والبلديات وهيئة المقاولين بالسعودية    وزير الإنتاج الحربي: حريصون على التعاون مع جهات الدولة لتحقيق التنمية الشاملة    تشغيل عيادات التأمين الصحي بالدقهلية خلال عيد الأضحى المبارك.. تعرف على الأماكن والمواعيد    الخلود يقطع إعارة أليو ديانج ويعيده للأهلي قبل المونديال    محافظ بني سويف يكرم الأمهات المثاليات بمسابقتي التنمية المحلية والتضامن    وافدان جديدان يستعدان لتمثيل إنتر في كأس العالم للأندية    الجباس: الحديث عن تواجدي في بيراميدز بسبب علاقتي مع ممدوح عيد "عبث"    استشاري: الاتحاد الأوروبي بدأ التلويح للمعاملة بالمثل بعدما ضاعف ترامب الرسوم الجمركية    وكيل صحة شمال سيناء يتفقد جاهزية مستشفى نخل المركزي لاستقبال عيد الأضحى    منظمة التحرير الفلسطينية: غزة تتعرض لإبادة برعاية أمريكية وصمت دولى    المشدد 10 سنوات لعاطل لاتجاره في المخدرات بشبرا الخيمة    بيطري القليوبية: ضبط 25.5 طن لحوم ودواجن غير صالحة للاستهلاك خلال شهر    مانشستر يونايتد مستعد لتلقي عروض لبيع سانشو    الداخلية تكشف تفاصيل فيديو قيام شخص بالتعدى على ابنته بالجيزة    وزير الخارجية اللبناني ونظيره الإيراني يبحثان السبيل الأمثل لتطوير العلاقات الثنائية    توجيهات مهمة من رئيس الوزراء بشأن التحركات الدبلوماسية    وزير المالية: 50% من مستحقات الشركات في برنامج دعم الصادرات سيتم تسويتها من الضرائب أو الكهرباء    تطهير وتعقيم ونظافة الأماكن المعدة لصلاة عيد الأضحي المبارك بالقاهرة    محافظ المنوفية يتفقد منظومة العمل بمركز الدراسات الوطنية    الاتحاد السكندري: عبدالعاطي استقال على «الفيسبوك».. والمغادرة غير مقبولة    رئيس الهيئة الدولية للمسرح ينعى وفاة سيدة المسرح العربي سميحة أيوب    رسالة دكتوراه تناقش تقييم جدوى تقنية الحقن الأسمنتي كعلاج فعال لكسور هشاشة العظام    مهرجان إيزيس الدولي ينعى سيدة المسرح العربي سميحة أيوب    رئيس أساقفة الكنيسة الأسقفية يهنئ رئيس الجمهورية وشيخ الأزهر بحلول عيد الأضحى    "المطاعم السياحية": بحث ضرائب الملاهي الليلة وإطلاق شعار موحد للمنشأت    ضبط أصحاب شركة المقاولات المتورطة في التنقيب عن الآثار أسفل قصر ثقافة الطفل بالأقصر    موعد ومكان جنازة الفنانة سميحة أيوب    درجات الحرارة اليوم الثلاثاء 3 يونيو 2025 فى القاهرة والمحافظات    من الصفائح التكتونية إلى الكوارث.. كيف تحدث الزلازل ؟    مستشار الرئيس للشئون الصحية: مصر تشهد معدلات مرتفعة في استهلاك الأدوية    «كل حاجة هتبان».. هاني سعيد يرد على رحيل إدارة بيراميدز والدمج مع مانشستر سيتي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مريم أو مارى
نشر في اليوم السابع يوم 05 - 12 - 2011

جمعتنى بها منذ سنين طويلة ملاعب مدرستنا الواسعة، ونحن لم نتعلم بعد كيف نخط القلم، وكان أول ما تعلمنا كيف نبنى منازل من الرمال وننحت تماثيل من الصلصال نضعها فى تلك المنازل لنخلق بها حياة. ومنذ أن تعلمنا كيف نخلق أو نعيد خلق الحياة بالخيال صرنا صديقتين تجمعنا المدرسة التى كان يديرها رهبان، ولم تكن المدرسة فقط هى ما جمعنا أو الخيال، ولكن أشياء أخرى كثيرة، فأمى كانت تشبه أمها، وأبى كان يشبه أباها، وكان لها أخت أكبر منها كما كان لى، وكانت تحب الآيس كريم كما أحبه، أى بعبارة قصيرة موجزة كانت مارى كما يطلق عليها مدرسونا الأجانب، أو مريم كما كان يناديها مستر محمود مدرس اللغة العربية، صديقة الخطوات الأولى فى الحياة.
ولم نكن نفترق طوال سنوات الحضانة، ولكن فى السنة الابتدائية الأولى دخلت علينا مدرسة تطلب أن ينتقل بعضنا إلى فصل آخر، لأن حصة الدين قد حانت، ولم أستطع فى لحظتها أن أفهم أو أقبل لماذا يجب على مارى أن تذهب لفصل آخر، ولا تجلس إلى جوارى كعادتنا، فقررت أن أصاحبها، ولكن مدرستى طلبت منى البقاء، وشرحت لى أن المسلمات وأنا منهن عليهن أن يجلسن، والمسيحيات عليهن أن ينتقلن إلى الفصل الآخر لدراسة الدين الخاص بهن، وكانت تلك هى اللحظة الأولى لى ولها التى نعرف فيها أن هناك شيئا مختلفا فيما بيننا كفيلا بأن يجعل كلا منا يجلس فى فصل مختلف. وبعد انتهاء حصة الدين وعودة مارى حكى كل منا ما سمعه من درس، لنعرف بغريزة الأطفال ما الذى فرقنا، ومن الغريب أننا اكتشفنا أن نفس ما ذكرته مدرسة الدين الإسلامى هو نفس ما تكلمت عنه مدرسة الدين المسيحى، وكان الاختلاف الوحيد أن واحدة استشهدت بكلمات من القرآن والأخرى بكلمات من الإنجيل، وحين اكتشفنا ذلك وبنفس غريزة الأطفال ذهبنا لمدرستينا لنقل لهما إنه لا داع لتفريقنا مرة أخرى فى فصلين إن كان ما نتعلمه هو نفس الشىء، ولم تنهرانا مدرستانا أو تتعجبا، لأنهما كانتا مربيات فضليات فى زمن أفضل، بل أفهمانا وأكدا أن ما ظننا أنه اكتشاف خاص بنا هو شىء مؤكد، لأن الأديان التى أنزلها الله تتفق أكثر مما تختلف، وتتكامل ولا تتقاطع.
كانت مارى وغيرها ممن يذهبن إلى الفصل الآخر يصمن معنا فى رمضان، وكنا نحن نغنى معهن الكريسماس كارول، أو أغنيات الكريسماس فى كنيسة المدرسة.
كانت مارى تقف لتحمل لى «الفوطة» حين أرادت مدرستنا أن تعلمنا الوضوء السليم والصلاة فى جامع المدرسة الذى بناه لنا الرهبان دون أن يجبرهم أحد على ذلك، وكانت لا تأتى أبداً بسندوتشات المورتاديلا التى تحبها إلى المدرسة، لأنى قلت لها إن أمى قالت لى إنها حرام، ولا يجب أن نأكل لحم الخنزير. كانت مارى أو مريم ومازالت صديقتى، حتى بعد أن فرقتنا الأيام لقسم علمى وأدبى، ثم لكلية الطب وكلية الإعلام، ثم العمل، ثم تغيرت كثير من ملامح مصر، وتغيرت نفوس الناس وأشكالها وعلاقات البشر، ولم يتغير أبداً ما بينى وبين مارى، حتى حينما قررت أختها الهجرة وأرادت أن تقنعها بها وقفت لها معترضة كما فعلت مارى نفسها، حين شكت لى أن أولادها المتفوقين لم يتم تعيينهم فى الكليات التابعين لها لأنهم مسيحيون، قلت لها: وكم من مسلم بلا وساطة ضاع حقه.
كانت مارى تشكو لى وكنت أشكو لها أيضاً فساد الذمم الذى يجمعنا كلنا تحت مظلته، كانت تحكى عن مظالم للمسيحيين، فأرد عليها بمظالم للمسلمين، وأقول إنها مظالم مصريين، وحين اقترح عليها أبناؤها قبل الثورة بشهور الهجرة لخالتهم رفضت وبشدة أن تترك مصر بلدها.
خبر صغير يقول إن عشرة آلاف مسيحى تقدموا لطلب الهجرة خوفاً من تولى الجماعات السياسية الإسلامية الحكم.. اتصال من مارى تقول إن ولديها رقم من بين عشرة آلاف فى طريقهم للهجرة.. رسالة منى على الهاتف المحمول لمارى: «إذا هاجر أبناؤك فسيكونوا مثل الفلسطينيين الذين باعوا أرضهم ورحلوا خوفاً من بطش الصهاينة، وهم ليسوا فلسطينيين، والمسلمون المصريون ليسوا صهاينة، وعلينا مسلمين ومسيحيين إن كان بيننا، منا أو منكم، صهاينة أن نطردهم لا أن يطردونا»..
انتهت رسالتى لمارى أو مريم.. أى مارى.. أو أى مريم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.