"الجبهة الوطنية" يعلن تشكيل الأمانة المركزية للطاقة والتعدين    رئيس شعبة الدواجن: لا ننكر وجود أمراض وبائية لكن هناك مبالغة في أرقام النفوق    ترامب: روسيا وأوكرانيا ستبدءان على الفور مفاوضات وقف إطلاق النار    إسرائيل تفرج عن 10 أسرى من غزة    نيكوشور دان رئيسًا لرومانيا... فمن هو؟    صاروخية إمام عاشور تنافس 3 أهداف على الأفضل في جولة الدوري    رئيس إنبي: إلغاء الهبوط ضرورة استثنائية.. والدوري الجديد ب21 فريقًا (فيديو)    النيابة العامة تُجري تفتيشا لعدد من مراكز الإصلاح وأقسام الشرطة في عدة محافظات    حبس المتهمين بسرقة كابلات كهرباء من منطقة تحت الإنشاء بالسلام    حلمي النمنم: «سلماوي» مثقف لا يعيش في برج عاجي    كلام في السينما.. بودكاست من تقديم الناقد الفني عصام زكريا على قناة الوثائقية    ألمانيا تلمح إلى التخلي عن معارضتها للطاقة النووية وتقربها من الموقف الفرنسي    رونالدو ينافس بنزيما على جائزة أفضل لاعب في الجولة 32 من الدوري السعودي    الضرائب توضح عقوبة فرض المطاعم والكافيهات غير السياحية 14% قيمة مضافة على الفاتورة    مدحت بركات يزور مجلس الشيوخ بدعوة من تحالف الأحزاب المصرية    اعتزال الفنان عبد الرحمن أبو زهرة الحياة الفنية والإعلامية نهائيًا    خارجية أوكرانيا: تبادل الأسرى خطوة إنسانية مهمة.. ومستعدون لهدنة ال30 يوما    فيلم "المشروع X" يتصدر منصة أكس    جولة للأطفال بقصر محمد علي ضمن احتفالات قصور الثقافة باليوم العالمي للمتاحف    هل يجوز للمرأة أداء فريضة الحج عن زوجها أو شقيقها؟.. أمينة الفتوى: هناك شروط    وزير الصحة: عدد المستفيدين من التأمين الصحي الشامل 12.8 مليون مواطن حاليا    «للرجال 5 أطعمة تحميك من سرطان البروستاتا».. تعرف عليهم واحرص على تناولهم    البابا تواضروس: لبنان لها مكانة خاصة لدى المصريين    خالد الجندي: الحجاب لم يُفرض إلا لحماية المرأة وتكريمها    ما حكم تأخير الصلاة عن وقتها؟.. أمين الفتوى يجيب    قصور.. ثقافة!    إيرادات الأحد.. "سيكو سيكو" الأول و"نجوم الساحل في المركز الثاني    مزارع الدواجن آمنة إعلامى الوزراء: لم نرصد أى متحورات أو فيروسات    خلال لقائه البابا تواضروس.. الرئيس اللبناني: مصر بكل ما فيها قريبة من قلب شعبنا    إزالة 230 حالة إشغال وتعدٍ ب السوق التجارية في إدفو ب أسوان    ما حكم صيام يوم عرفة للحاج وغير الحاج؟    ب"طعنة في القلب".. إعدام قهوجي قتل شابًا أمام مقهى بالجيزة    رئيس جامعة دمياط يفتتح المعرض البيئي بكلية العلوم    رسميًا.. المجلس الأعلى للإعلام يتلقى شكوى الزمالك ضد إعلان "اتصالات"    البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية يطلق خطة تحويل «القاهرة» إلى مدينة خضراء    موعد امتحانات الشهادة الإعدادية بالمنيا 2025.. جدول رسمي    إصابة صاحب فرن بطعنة نافذة في مشاجرة على الخبز    محمد صلاح يكشف كواليس تجديد عقده مع ليفربول    رسوم ترامب الجمركية تلقي بظلال سلبية على توقعات نمو الاقتصاد الأوروبي    الموساد يكشف عن 2500 وثيقة وصورة وممتلكات للجاسوس الإسرائيلي إيلي كوهين    على نفقته الخاصة.. الملك سلمان يوجه باستضافة 1000 حاج وحاجة من الفلسطينيين    انضمام نوران جوهر وزياد السيسي ل "روابط" استعدادا لأولمبياد لوس أنجلوس 2028    الإسراع بتعظيم الإنتاجية.. وزارة البترول تكشف معدلات إنتاج حقول بدر الدين    قتلى وجرحى بانفجار في جنوب غرب باكستان    وزير الإنتاج الحربي: نعمل على تطوير خطوط الإنتاج العسكرية والمدنية    تقارير: لايبزيج يفاضل بين فابريجاس وجلاسنر لتدريب الفريق بالموسم الجديد    وزارة الصحة تدعم مستشفى إدكو المركزي بمنظار للجهاز الهضمي    السعودية: إطلاق المعرض التفاعلي للتوعية بالأمن السيبراني لضيوف الرحمن    محافظ الدقهلية يكرم عبداللطيف منيع بطل إفريقيا في المصارعة الرومانية    الزمالك يُنفق أكثر من 100 مليون جنيه مصري خلال 3 أيام    «الشيوخ» يستعرض تقرير لجنة الشئون الاقتصادية والاستثمار    تعرف على طقس مطروح اليوم الاثنين 19 مايو 2025    ضبط 5 أطنان أرز وسكر مجهول المصدر في حملات تفتيشية بالعاشر من رمضان    إطلاق مبادرة لخدمة كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة بالإسماعيلية    صندوق النقد يبدأ المراجعة الخامسة لبرنامج مصر الاقتصادي تمهيدًا لصرف 1.3 مليار دولار    محافظ الإسماعيلية يتابع انطلاق فوج حجاج الجمعيات الأهلية للأراضى المقدسة    قبل أيام من مواجهة الأهلي.. ميسي يثير الجدل حول رحيله عن إنتر ميامي بتصرف مفاجئ    هل يجوز أداء المرأة الحج بمال موهوب؟.. عضوة الأزهر للفتوى توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مقعد فى أعلى التياترو
نشر في اليوم السابع يوم 02 - 11 - 2011

رحل «أحمد حمروش» فى الأسبوع الماضى قبل أن تتاح لى الفرصة التى كنت أنتظرها لأعترف له بالدور المهم الذى لعبه فى حياتى، ولأشكره لأنه كان واحدًا من كثيرين فتحوا أمامى باب السير فى طريق النشوات العليا، فسعدت به، ودست فى أشواكه، ورضيت به فى كل الأحوال.
كنت فى الثالثة عشرة من عمرى حين صدر - بعد ثلاثة أسابيع من قيام ثورة 23 يوليو 1952 - العدد الأول من مجلة «التحرير» لتكون لسان حال ما كان يعرف أيامها ب «حركة الجيش»، ولأن غلاف المجلة لم يكن يحمل - كعادة المجلات المصورة فى ذلك الزمان - صورة لامرأة جميلة من سيدات المجتمع أو نجمات هوليوود، أو حتى لشخصية سياسية بارزة، بل صورة لمجموعة من الفلاحين الحفاة، الذين أرى مثلهم فى قريتى، فقد اجتذبنى لشرائه!
وما كدت أقلب صفحاته حتى وجدت بين يدى مجلة مختلفة، يحرر معظم موادها صحفيون شبان، كان الكثيرون منهم يخطون أولى خطواتهم فى عالم الصحافة، كان على رأسهم اليوزباشى «النقيب» «أحمد حمروش»، وتهتم بعالم مختلف عن العالم الذى تعودت أن أقرأ عنه على صفحات أمثالها من المجلات المصورة، فلا تقارير عما يجرى من مشاورات بين أقطاب السياسة فى الفنادق الفخمة، ولا حوارات مع فنانات حول ما يحتويه دولاب ملابسهن من فساتين، بل ريبورتاج عن أحوال الفلاحين الذين يعملون فى التفاتيش الزراعية الكبيرة، وتقارير عن حركة «الماو ماو» التى يقودها «جومو كينياتا» وتهدف لتحرير «كينيا» من الاستعمار، وعن الصراع بين الملك «محمد الخامس» وعملاء الاستعمار الفرنسى فى مراكش، وقصة ل «يوسف إدريس»، ومقال ل «طه حسين»، يطالب فيه قادة حركة الجيش بأن يتخففوا من الحرج الذى يدفعهم للإصرار على وصف ما قاموا به فى 23 يوليو بأنه «حركة» أو «نهضة»، وأن يطلقوا عليه الاسم الذى يستحقه وهو أنها «ثورة».. وكان مع العدد ملصق هدية يصور جنديّا شال السلاح وتحته عبارة «الجيش يحمى الدستور».
ومع أن اسم «أحمد حمروش» قد اختفى من رئاسة تحرير «التحرير» بعد أن اعترض عدد من أعضاء مجلس قيادة الثورة على «التوجه اليسارى» للمجلة، فقد ارتبط اسمه فى ذهنى بذلك النوع من الصحافة، الذى يهدف لتثقيف القارئ وإيقاظ وعيه، وليس لتسليته وتغييب وعيه، فأخذت أشد الرحال خلف صحافة «أحمد حمروش - النوع والشخص - فعثرت على عدد غير قليل منها، وعثرت عليه هو نفسه بعد حوالى ثلاثة أعوام، أمضى بعضها سجينًا، وبعضها الآخر يدرس فى «كلية أركان الحرب»، عندما أصدر - فى بداية عام 1956 - مجلة شهرية باسم «الهدف».
كانت مطبوعة ثقافية رائدة، تجمع بين الاهتمام بالدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وبين الاهتمام بقضايا الأدب والفن والثقافة.
وفيما بعد التحق «أحمد حمروش» بأسرة تحرير جريدة «الجمهورية»، تولى رئاسة تحرير «كتب للجميع» وهى سلسلة كتب شهرية فجدد شبابها، ونشر أعمالاً لكتاب مختلفين، ثم حولها إلى مجلة ثقافية وغير اسمها إلى «الكاتب»، وتولى رئاسة تحرير «روزاليوسف» لعدة سنوات فى الستينيات.
كان «أحمد حمروش» عضوًا فى تنظيم الضباط الأحرار، ينتمى إلى الجناح اليسارى منه، الذى أقصى عن المناصب التنفيذية فى حكوماتها ومؤسساتها، بسبب مساندته - خلال أزمة مارس 1954 - لمطلب عودة الجيش لثكناته، فنشط مع آخرين ينتمون إلى تيارات قريبة من رؤاه، على جبهة الثقافة فى محاولة لتأسيس وعى مختلف، يجذب الثورة يسارًا، ويوازن ضغوط التيارات اليمينية التى كانت تحاول اجتذابها نحو فاشية عسكرية صريحة.
وربما لا يتذكر كثيرون أن «أحمد حمروش» كان هو الذى وضع حجر الأساس فيما أصبح يعرف الآن ب «نهضة المسرح المصرى فى الستينيات» عندما تولى إدارة المسرح القومى فاتجه بعروضه بعيدًا عن الكلاسيكيات المترجمة، ليقدم أعمالاً عصرية ل «شتاينبك» و«آرثر ميلر» و«هوارد فاست»، وأعمالاً مؤلفة للجيل الذى صنع هذه النهضة مثل «نعمان عاشور» و«ألفريد فرج» و«سعد الدين وهبة».
أما أنا فلا أنسى أن «أحمد حمروش» قد أتاح لى، آنذاك، أن أدخل المسرح وأن أشاهد عروضه، بعد أن خفض سعر التذكرة، فاستطعت أن أحصل على مقعد فى أعلى التياترو، وأن أشاهد أمينة رزق وحسين رياض وسميحة أيوب وسناء جميل، وسط حشد من تلاميذ المدارس والعمال والعوام، ولم أدفع سوى سبعة قروش فقط، كانت كل المصروف الذى أتقاضاه فى الأسبوع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.