صدر حديثاً عن "بيت الياسمين" مجموعة قصصية بعنوان "شخص صالح للقتل" للكاتب شريف صالح، وتضم المجموعة 65 نصاً ما بين قصة قصيرة وقصيرة جداً. يشتغل الكاتب من خلالها على تقنيات التكثيف واللقطة البصرية واللحظة الإنسانية العابرة، وما تثيره من مفارقات ومشاعر متناقضة، فى رهان على أن تكون ثمة حمولة سردية وحكائية ولو فى سطر واحد، ودون أن تفقد النصوص عفويتها وبساطتها وطابعها الإنسانى والحكائى، وتتورط فى الغموض والإلغاز والمجازات الشعرية. وتحمل نصوص المجموعة عناوين مثل: صلعة عواطف، أخت الشيخ هريدي، شخص صالح للقتل، عفريت الأسانسير، يد فاطمة، عراقى، فى مديح البيرة، الصلاة بإمامين، حفلة رجم، بنت فوق صخرة، موسيقى للأعرج، الراجل اللى واقف ورا عمر سليمان، المشهد الأخير لآدم وحواء، صوت الموت، لمس الثدى، الزخنوق، فداك يا آيشواريا، منديل لى ومنديل لها، رائحة البول، ونكسة نصرة، لحظات عابرة، ومفارقات تقتنصها عين السارد بتعاطف ومحبة، آتية من عمق الذاكرة وفوضى الصور الحلمية التى تذهب بنا إلى بيئات أسطورية وواقعية، إلى أعماق الريف وهامش المدينة والغربة فى الخليج. وكما تتورط النصوص فى الهموم والتفاصيل الإنسانية، فهى متورطة أيضاً فى تابوهات السياسة والدين والجنس، فلحظة تخلى الرئيس المخلوع حسنى مبارك عن السلطة، والتى ذاع صيتها تحت عنوان "الراجل اللى واقف ورا عمر سليمان"، يخضعها الكاتب للتحليل والتأمل فى خمسة نصوص متفرقة.. بالتوازى مع نص آخر بعنوان "الآثار المدهشة لابتلاع لفافة بانجو" يستدعى بطريقته الخاصة مصرع الشهيد خالد سعيد الدال على عصر التعذيب، والذى كان إحدى شرارات ثورة 25 يناير. وللخطاب الدينى المتشنج نصيبه بين نصوص مجموعة "شخص صالح للقتل" كما فى قصة "فداك يا آيشوريا" التى تعيد بناء واقعة جلد بعض الصوماليين على يد الشرطة الدينية بزعم مشاهدة أفلام هندية، أو تلك القصة ذات الطابع الرمزى "الصلاة بإمامين"، فهل تنجح مثل هذه الصلاة؟! وإذا كانت بعض النصوص تأتى من وقائع وتجارب إنسانية، فإن بعضها الآخر يأتى من الميديا كالصحف والقنوات التلفزيونية، بكل ما لها من سطوة على الجمهور، وما تمارسه من تضليل، فثمة نصوص تعيد استقراء الميديا والاشتغال على اللحظة التلفزيونية وقصاصات الصحف مثل مشهد خطاب أوباما فى جامعة القاهرة، أو مشهد "الغازية لازم تنزل" من أحد أفلام الأبيض والأسود. إضافة إلى نصوص أخرى أقرب إلى الحكايات الرمزية ذات اللغة الشاعرية مثل نص "ماء على ماء"، "أنين المكاء"، "عودة الجثث"، "صوت الماء"، و"زهرة نارية". ومن أجواء المجموعة فى قصة "فتاة أوباما": "لن أُناقش تفاصيل خطاب أوباما فى جامعة القاهرة! لنفترض أنه ألقاه من فوق منبر المسجد الأموى فى دمشق أو على ضوء شمعة فى ممر معتم داخل سجن أبو غريب، ما الذى كان سيتغير؟.الأفضل أن أحدثكم عن تلك الفتاة الأميركية من أصل مغربى التى استرخت مثل قطة سيامية فى شرفة المقهى، مطمئنة إلى الصمت وجواز سفرها الأميركي. كانت جالسة هكذا، من قبل أن يبدأ أوباما فى إلقاء الخطاب هادئة، لا مبالية، فقط تتأمل زرقة البحر أمامها وتنفث دخان الشيشة من بين شفتيها، بلذة صوفية". وتعد "شخص صالح للقتل" ثالث مجموعة قصصية تصدر للكاتب شريف صالح، بعد"مثلث العشق" 2009 عن دار العين، و "إصبع يمشى وحده" عن دار المحروسة 2007. وكان الكاتب فاز أخيراً بالمركز الأول فى مسابقة دبى الثقافية فى مجال القصة القصيرة عن مخطوط مجموعته القصصية الرابعة "بيضة على الشاطئ"، كما فاز قبل أشهر قليلة بجائزة الشارقة للإبداع المسرحى عن مونودراما "رقصة الديك". وله تحت الطبع كتاب "تحولات الحكاية: اللص والكلاب نموذجاً" وهو فى الأصل بحث نال عنه الكاتب درجة الماجستير فى النقد من أكاديمية الفنون، ومن المتوقع أن يصدر قريباً عن الهيئة العامة لقصور الثقافة ضمن سلسلة كتابات نقدية.