مجرد سؤال ساذج مالوش أى لازمة.. هل تزوير الانتخابات يمثل جريمة جنائية فى القانون المصرى؟. يستطيع أهل القانون البحث فى النصوص والمواد واللوائح أكثر منى.. ولكننى بدون بحث أو دراسة أستطيع أن أقرر بمنتهى الاطمئنان أننا لم نر متهماً واحداً يتم تقديمه إلى القضاء بتهمة تزوير الانتخابات. فى الانتخابات البرلمانية الأخيرة فى عهد الرئيس المخلوع.. كلنا نعرف أنها تعرضت لعملية تزوير فاضحة.. مارس هذا التزوير أكثر من 250 ألف موظف مدنى أداروا حوالى خمسين ألف لجنة فرعية.. وأمن هذا التزوير عشرات الآلاف من رجال الشرطة.. ومارس التزوير عشرات الآلاف من البلطجية المعروفين بالاسم فى كل دائرة.. ونجح بالتزوير المئات من النواب الباحثين عن الحصانة والسلطة تحت رأية عصابة الحزب الوطنى.. ومع ذلك لم يقدم شخص واحد بتهمة التزوير. قد يكون كل هؤلاء عبيد المأمور.. نفذوا تعليمات السلطة التى لا يجرأون على مخالفتها.. فلماذا لم تتم محاسبة المأمور.. لماذا لم تتم محاسبة أو محاكمة مبارك وجمال والعادلى وعز ونظيف وسرور وعزمى وغيرهم من أعضاء عصابة تزوير الانتخابات. أنا لا أفتح هذا الملف المؤلم للنبش فى الماضى ووضع المزيد من الاتهامات الجنائية على رؤوس سكان طره والمركز الطبى العالمى بطريق الإسماعيلية.. بل أقول بمنتهى الوضوح إنه طالما أن القانون لا يوجد به نص واضح وصريح وفاعل لمحاسبة من يقوم بتزوير الانتخابات فما هى الضمانات الممكنة لعدم تكرار هذه الجريمة مرة أخرى.. سوف تجرى الانتخابات القادمة بنفس الموظفين الذين انتدبوا للعمل فى اللجان الانتخابية.. وسوف يقوم بتأمينهم نفس رجال الشرطة الذين حموا التزوير والمزورين ونفس البلطجية الذين لا يجدون من يردعهم أو يفرض عليهم احترام القانون.. فما هى الضمانات التى تجعل هؤلاء يتوقفون عن لعب دور (عبد المأمور).. ما الذى يجعل موظفا يعمل فى إحدى اللجان النائية يغامر بمواجهة أوامر قد تصدر له (من صاحب نفوذ أو مال أو سلطة أو عصبية) بتسويد الأصوات أو اللعب فى الصناديق طالما أنه يعلم علماً أكيداً أن ما يفعله لا يمكن أن يعاقب عليه القانون بينما يمكن أن يؤدى "تنشيف الدماغ" والتمسك بالمبادئ إلى أضرار لا يعلمها إلا الله. من المؤكد أن المحاكمات الكثيرة التى جرت لأركان النظام السابق بتهم الفساد المالى قد جعلت أى موظف صغيرا كان أو كبير يتردد كثيرا قبل أن يؤشر على ورقة لتخصيص أراض بالمخالفة للقانون أو تقديم تسهيلات مشبوهة لرجل أعمال أو مسؤول فاسد.. ولكن غياب أى عقاب لكل من قاموا بتزوير الانتخابات يقدم رسالة واضحة وصريحة ومعلنة لربع مليون موظف فى اللجان وعشرات الآلاف من رجال الشرطة والبلطجية والمرشحين بأن تزوير الانتخابات عمل لا يخالف القانون.. ولا يستوجب العقاب وإلا فلماذا نجا مبارك وجمال وعز والعادلى وسرور وصفوت وعصابة الحزب الوطنى من أى اتهام جنائى حول هذا الموضوع.