حضور الرئيس السابق حسنى مبارك وأولاده للمحاكمة ووقوفهم داخل القفص الحديدى أمام القضاء المصرى.. حدث تاريخى لم يذهل فقط المصريين بل أذهل العالم كله، لتكتمل حلقات ثورتنا الوطنية السلمية البيضاء وتجسد واحدة من أفضل الثورات فى العالم على مرّ التاريخ الحديث والمعاصر. ولعل المحاكمة أرسلت برسائل ثلاث رئيسية.. الأولى ربانية بمعنى الكلمة فى هذا الشهر الكريم، ليرى كل مظلوم فى الدنيا قبل الآخرة أن الله سبحانه وتعالى عادل "يمهل ولا يهمل" وصدق ربنا عندما قال فى محكمه "ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون". الرسالة الثانية، هى تجدد الثورة بتلقائيتها، لتؤكد يوما بعد يوم أنها وطنية خالصة، ولم يتدخل فيها أى عنصر خارجى، حيث بدأت عفوية بمجموعة من أنبل وأطهر الشباب من مختلف التيارات والقوى السياسية، ثم انضمت إليها جموع الشعب لتتصاعد وتيرتها وتجتاز كل العقبات.. وكلما اعتقدنا أن الثورة لم تفعل شيئاً.. تفاجئنا الأيام أن ثورتنا المصرية الخالصة عفية وقوية وولادة، وها هو مشهد الرئيس السابق وأركان نظامه فى قفص المتهمين يؤكد على ذلك، حيث لم تكتف الثورة بخلعهم من الحكم، بل استكملت مسيرتها، لكى يقفوا أمام العدالة فى مشهد مهيب سوف ينعكس إيجابا على مستقبل مصر لترسى الثورة أهم مبادئها، وهو الاحتكام إلى القانون لنبدأ مرحلة جديدة نرسخ فيها مفاهيم المساوة والعدل فى مصر الجديدة. الرسالة الثالثة، وهى وفاء جيشنا الوطنى الباسل بما عهد به ليقطع بعض الألسنة المتطرفة التى اتهمته بخيانة الثورة والسعى إلى القفز على السلطة وعقد الصفقات مع بعض التيارات السياسية.. وغيرها من الاتهامات التى أرادت النيل من مشروعنا النضالى، فى وقت نحن فى أحوج ما نكون إلى دعم ومساندة مؤسستنا العسكرية الوطنية، لمواجهة الأخطار التى تحيط بنا من كل جانب، خاصة من جهة العدو الصهيونى. وبالطبع لا يعنى ذلك إغفال حق المصريين الوطنيين الذين تظاهروا أو اعتصموا فى مختلف ميادين مصر، لكى يضغطوا من أجل مطالب عادلة، وعلى رأسها انتزاع حق الشهداء من مجرمى النظام السابق.. ولكن حذارى من المتطرفين من مختلف التيارات الليبرالية واليسارية والإسلامية الذين يريدون إشعال الوطن بالفتن والصراعات وتعطيل عجلة الثورة.. فهؤلاء لا يعرفون إلا لغة الحقد والكراهية والتخوين.