إن إعلان جماعة الإخوان المسلمين بعدم المشاركة فى حكومة الدكتور عصام شرف المرتقبة إنما ينبئ باستمرار سياسة انتهجتها الجماعة منذ ثورة يناير وحتى الآن تقوم على الترفع إن صح التعبير عن المشاركة فى تولى زمام الأمور فى نظام الحكم القادم لكى يطمنئوا القوى السياسية الأخرى المتأثرة بفكرة فزاعة الإخوان. تجلت تلك السياسة فى إعلان عدم الترشح لمنصب رئيس الجمهورية وما ترتب على ذلك من فصل قيادة كبيرة مثل دكتور عبدالمنعم أبو الفتوح من الجماعة لمجرد أنه خالف قرار الجماعة ورشح نفسه للرئاسة. وكان قرار الجماعة بعدم الترشح إلا على نصف مقاعد مجلس الشعب، مؤكداً لذلك المعنى وتلك السياسة كما لو كانت الجماعة تملك أن تحصل على الأغلبية، ولكنها تترفع عن ذلك وتقبل فقط بنصف المقاعد بمنطق مشاركة لا مغالبة على حد تعبيرهم. لقد صدق الإخوان الكذبة التى كذبها النظام السابق إما أنا أو الإخوان والتى كان لها أبلغ الأثر فى سكوت الداخل والخارج على كل ممارساته غير الديمقراطية خوفا من فزاعة الإخوان التى ستحول مصر إلى إيران أو أفغانستان أخرى. الغريب فى الأمر أنه وبعد استفتاء 19 فبراير تحديدا صدق الليبراليون والتيارات الأخرى نفس الكذبة وأصبحوا مقتنعين بقوة الإخوان وقدرتهم على بسط نفوذهم على المشهد السياسى بالكامل وبدأ الحديث عن رفض فكرة الانتخابات أولاً التى سوف تأتى بالإخوان إلى الحكم وآثر الجميع السلامة وبدأوا يتحالفون مع الإخوان طمعاً فى الحصول على جزء مناسب من الكعكة. ثم تأتى قرارات الإخوان المتخبطة حول المشاركة فى جمعة 27 ثم الانسحاب من جمعة 8 يوليو وعدم المشاركة فى الاعتصام، كذلك فصل د.أبو الفتوح وطرد شباب الإخوان الذى خالف تعليمات الجماعة بعدم المشاركة. كل ذلك يبين المأزق الذى تعيشه الجماعة هل هى جزء من الثورة فعلاً أو أنها توازن الموقف بين الثورة والمجلس العسكرى. وهل نجاح الاعتصام الحالى فى تحقيق أهداف الثوار وتحقيق مطالبهم دون مشاركة الإخوان سوف يحجم من دور الإخوان فى المشهد السياسى ويضعه فى حجمه الحقيقى دون مبالغات قد تجعل قراراتهم بعدم المشاركة فى انتخابات الرئاسة أو عدم الترشح على كل مقاعد مجلس الشعب مناورة سياسية هدفها إظهارهم بمظهر المترفع الراضى بالقليل الزاهد فى الحكم والحقيقة أنهم حتى ولو لم يزهدوا لن يحصلوا إلا على نسبتهم المعروفة فى الشارع المصرى والتى لا تزيد على ربع أو خمس عدد المقاعد على أكبر تقدير. إن ظاهرة نجاح المليونيات والاعتصامات دون مشاركة الإخوان المسلمين هى رسالة لطمأنة كل من لايزال يخاف ويصدق فزاعة الإخوان، فهم وإن كانوا جزءا من المشهد السياسى فإنهم ليسوا واجهة هذا المشهد.