مجلس الأمن يدين هجوم مليشيا الدعم السريع ويجدد رفض إقامة حكومة موازية في السودان    إسرائيل تدرس تكثيف هجماتها فى لبنان بعد تقارير عن تهريب مئات الصواريخ    «مستنيين نهبط؟».. جماهير الزمالك تنفجر غضبًا ضد الإدارة بسبب فيريرا    خبير تربوي: افتتاح المتحف الكبير فرصة ذهبية لتعزيز الهوية الوطنية بالمدارس    كجوك: إصدار عملات من الذهب والفضة احتفالاً بافتتاح المتحف الكبير    القبض على سائق متهم بهتك عرض جارته في كرداسة    السكة الحديد تُعلن العمل بالتوقيت الشتوي من منتصف ليل الخميس 30 أكتوبر    افتتاح ميدان النيل بالمنيا بعد تطويره وتركيب شاشة عملاقة لمتابعة افتتاح المتحف المصري الكبير    مصطفى وزيرى: المتحف المصرى الكبير حصل على 8 شهادات أيزو عالمية    عادل المصري: فوز المتحف المصري الكبير بجائزة فرساي شهادة عالمية    على طريقة نفرتيتي.. طلاب القليوبية يحتفلون ب المتحف المصري الكبير    وزير الخزانة الأمريكي: الصين ستعيد مشترياتها من فول الصويا الأمريكي إلى مستوياتها المعتادة    هنا الزاهد عن افتتاح المتحف الكبير: «مصرية وفخورة»    بتوجيهات شيخ الأزهر..انطلاقة جديدة وتوسُّع لمدرسة «الإمام الطيب» للقرآن الكريم للطلاب الوافدين    من الطين بنبى أبرج للسماء.. صانع أبراج الحمام: مهنة متوارثة وهذه اسرارها    «الرقابة الصحية» و«جامعة المنيا» تطلقان برنامجًا تدريبيًا مكثفًا لتأهيل الكوادر الصحية بالمحافظة    روبيو: مستعدون لتقديم مساعدات للشعب الكوبي بعد الدمار الذي أحدثه إعصار ميليسا    من قلب التاريخ يبدأ المستقبل.. فودافون مصر الشريك التكنولوجي للمتحف المصري الكبير    أمين الفتوى يوضح حكم وثواب قيام الليل    تجهيزات شاملة للطرق والمطارات لاستقبال وفود المتحف الكبير.. فيديو    رئيس جهاز حماية المنافسة يجتمع مع رؤساء أجهزة المنافسة الأفريقية    جيش الاحتلال يتسلم جثمانى أسيرين عبر الصليب الأحمر فى غزة    موظف بالمعاش يتهم خادمته بسرقة مشغولات ذهبية من فيلته ب6 أكتوبر    الأوقاف تُطلق (1010) قوافل دعوية بمراكز الشباب على مستوى الجمهورية    شاهد|«المجلس الصحي المصري»: إطلاق الدلائل الإرشادية خطوة تاريخية لحماية المريض والطبيب    تناولها بانتظام، أطعمة تغنيك عن المكملات الغذائية الكيميائية    جماهير الزمالك تنفجر غضبًا بسبب مجلة الأهلي.. ما القصة؟    لا فرق بين «الطلاق المبكر» والاستقالات السريعة داخل الأحزاب    زاخاروفا: روسيا تدعم فنزويلا في الدفاع عن سيادتها    رئيس جامعة سوهاج يلتقي طلابه ذوي الإعاقة ويشاركهم وجبة الغذاء    إصابة 4 أشخاص فى حادث انقلاب سيارة ملاكى بالطريق الزراعى فى البحيرة    ياسر عبد العزيز يكتب: مصر الكروية كاملة الأوصاف ولكن!    تداول صورة ل توروب مدرب الأهلي خلال زيارة سفارة الدنمارك بالقاهرة    منتخب التايكوندو يحقق المركز الخامس في بطولة العالم بالصين    خالد الجندي: افتتاح المتحف الكبير إنجاز عظيم للرئيس السيسي    محافظ الغربية يرفع يوجه بسرعة تجهيز الشاشات في الميادين استعدادا لحفل افتتاح المتحف الكبير    ارتفاع أسعار الفول وتباين العدس في الأسواق    بعد بيان الأهلي.. موقف إمام عاشور من السوبر المصري (خاص)    وزير الرياضة يصدر قراراً بتشكيل اللجنة المؤقتة لإدارة شئون الإسماعيلي    300 شاحنة مساعدات تغادر معبر رفح البري لدعم الشعب الفلسطيني بقطاع غزة    كواليس هزيمة برشلونة أمام ريال مدريد.. الصحافة الكتالونية تتحدث    تفاصيل قرار جديد للرئيس عبدالفتاح السيسي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 30-10-2025 في محافظة الأقصر    ضمن مبادرة «صحح مفاهيمك» وبالتعاون مع وزارة الشباب والرياضة.. الأوقاف تطلق (1010) قافلة دعوية بمراكز الشباب على مستوى الجمهورية    مدمن مخدرات.. القبض علي مسجل اعتدى بالضرب علي شخص وزوجته بالعمرانية    تأجيل محاكمة البلوجر أم مكة بتهمة بث فيديوهات خادشة    تأجيل النسخة الثالثة من المؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية البشرية 48 ساعة    عاجل الأحد المقبل بدء تسليم أراضي "بيت الوطن" للمصريين بالخارج بالقاهرة الجديدة    المشدد من 3 إلى 15 سنة ل4 متهمين بحيازة أسلحة نارية وذخائر بشبرا الخيمة    وزير الصحة: أصدرنا حتى الآن أكثر من 115 دليلًا إرشاديًا فى مختلف التخصصات الطبية    «يوم الوفاء» محافظ أسيوط يكرم أسر الشهداء وقدامى المحاربين    «نفسي أشتمنا».. يسري نصرالله ينعى المصورين ماجد هلال وكيرلس صلاح    وزيرة التضامن تشهد احتفالية الأب القدوة.. وتكرم شخصيات ملهمة    ضبط 100533 مخالفة مرورية خلال 24 ساعة    الرئاسة تكشف تفاصيل لقاء السيسي ب رئيس مجلس الوزراء الكويتي    أسعار النفط تسجل 64.52 دولار لخام برنت و60.11 دولار للخام الأمريكى    والد أطفال ضحايا جريمة فيصل: سأحاسب كل من أساء لسمعتنا    مواقيت الصلاة اليوم الخميس 30-10-2025 في الشرقية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



23 يوليو
نشر في اليوم السابع يوم 21 - 07 - 2011

يا شباب ثورة يناير.. ثورة يوليو عمل باهر وعملاق يزهو به كل من عاش تحت ظلاله
بيقين أرفض الذين يحاولون أن يجعلوا من ثورة 25 يناير المجيدة حاجزاً يحجب ما قبله، وصفحة تطوى ما عداها، أو عملية تجريف للتاريخ الوطنى الذى سبقها، أو - فى إطار المحايلات - ردماً لكل من عاشوا شبابهم فى سياقات زمنية غير تلك التى أعقبت يناير.
أحببنا أبناءنا، وأشقاءنا الصغار، وفلذات أكبادنا الذين انتفضوا فى الشتاء الماضى يلبون أشواقهم للعدل والحرية، ولكن ذلك ليس مسوغاً أو مبرراً يدفعنا لمنافقة أولئك الشباب، وقبول كل ما يأتى منهم، إذ إن ما صار يجيئنا منهم ليس - بالضرورة - صحيحاً.
وأحد الخطابات التى رافقت يناير، وأطلقها بعض النخوبيين والمتمولين من الوكلاء التجاريين والسياسيين، بعد أن قفزوا على الثورة، وروضوها، واقتادوها - فى معظم الأحوال - إلى حيث أرادوا، هو خطاب تصنيع الاستقطاب بين ثورة 25 يناير 2011، وثورة 23 يوليو 1952.
وبتنا نسمع - بإلحاح مدهش - فكرة أن ثورة يناير هى انتفاضة ضد استبداد ستين عاماً خلت.. بعبارة أخرى صارت ثورة يناير - على ألسنة هؤلاء - ضد جمال عبدالناصر وليست ضد حسنى مبارك!
وهنا لابد لنا من وقفة..
إذ أياً كانت الدوافع والحيثيات التى حركت بارونات الركوب على ثورة الشباب، ومحاولتهم الدفع نحو الصدام مع ثورة 23 يوليو بكل أبعادها المتعلقة بالتحرر الوطنى، والعدل الاجتماعى، والاستقلال فى مواجهة التبعية الدولية، والتنمية فى مواجهة التخلف، فإن استلاب الشباب لعلاقة ينبغى أن تربطهم بثورة يوليو تلك، أو دفعهم - تحت وطأة عدم المعرفة - إلى التنصل منها، أو الاعتذار عنها يعنى - بقول واحد - جعل يناير 2011 نبتة معلقة من شواشيها أو جذورها فى الهواء، ليس لها علاقة بما سبقها، ولن تكون لها صلة - والحال كذلك - بما سوف يلحقها.
وأعلم من شاء أن يتعلم أن ثورة يوليو كانت عملاً وطنياً إجماعاً بامتياز، صاغته والتفت حوله كل التيارات السياسية بما فيها الإخوان المسلمون، الذين - فى ملابسات معقدة جداً - تصادموا مع الثورة فأحدث كل طرف بالآخر عاهة سياسية تاريخية مستديمة.. ولكن ذلك لا ينفى عن ثورة يوليو أنها كانت عملاً يُنسب إلى الشعب المصرى بأسره.
وأهم ما فى ثورة يوليو أنها طرحت نفسها فى الفضاء الوطنى المصرى - منذ اللحظة الأولى - على أنها جزء من عملية مراكمة تتفاعل فى تبادلية مدهشة مع أحداث تاريخية سبقتها فى ثورة أحمد باشا عرابى 1881، وثورة سعد باشا زغلول 1919، وبينهما النضال الوطنى الرفيع والمتجرد لمصطفى باشا كامل ومحمد بك فريد.
هذه سُنة الحياة، وفطرة النضال والمناضلين، فالثورات لا تنشب فى الفراغ الكونى، ولا تعتبر نفسها الأول والآخر، لا تنظر إلى ما سبقها وفقاً لأحكام سياق تاريخى معاصر، أو آنى، أو حدثى، وإنما يعمد أصحاب العقول الكبيرة مع الوطنيين الحقيقيين إلى النظر لكل حدث، أو نقطة تحول إنسانية كبرى داخل سياقها الزمنى ووفقاً لمعطياته والتباساته.
كان المؤمنون بثورة جمال عبدالناصر يشكلون جانباً كبيراً جداً من مشهد الثورة فى ميدان التحرير، وغيره من ساحات الوطن فى يناير الماضى، أيام كان لميدان التحرير قوام يمكن تمييز مفرداته والتعرف عليها، وأيام كنا نتأمل - بفرح غامر - وجوه البنات والأولاد الذين أطلقوا نداء العدل والحرية.
كان معتنقو فكر يوليو مكوناً لا يستهان به - أبداً - فى موزاييك أو فسيفساء الثورة.
حضروا ومعهم أيقوناتهم من صور ورسوم، وأعلام، وأغانٍ رددها الجميع معهم، حتى بات الحديث عن عبدالحليم حافظ باعتباره «المطرب الأول لثورة يناير» مقولة متكررة تتواتر، ويتناقلها الجميع، لا بل إن الأغنية الأشهر لثورة يناير «يابلادى».
غابت تفاصيل ذلك المشهد، وصرنا فى مواجهة شباب آخر «يزقه بارونات الركوب على الثورة، ويوزوه، ويحرضوه».. وبات النزوع الغريب فى دمغ يوليو بالاستبداد شائعاً على نحو أدهش أى متابع، فالمفترض أن معركة يناير هى مع المستقبل، وفى المستقبل، والمفترض أنها تتسلح فى ذلك بكل مخزون مصر التاريخى، الذى تمثل ثورة يوليو جانباً معتبراً رفيع المقام منه.
ولكننا نسمع - بتكرار وإصرار - هجوماً يبغى إرضاء أطراف محلية ودولية ضد يوليو وعبدالناصر، وكأنهما الهدف الذى اندلعت يناير لتنال منه.
وفى غمرة التداعيات، واعتياد التراجع المهرول، والانحناء أمام كل ما يقوله الشباب ملقاً ومداهنة- وفى خضم تطورات خطيرة - ترتبط فى معظمها بالتكتيك الانتخابى أو بالرغبة فى تقديم بعض الشخوص إلى الصفوف الأولى حكومياً ومؤسسيا- مارس المجمتع ما جُبل عليه من ثقافة الترهل والاعتياد، ماضغاً إهانة ثورة يوليو، التى صادق بعض نجوم الارتباط بها - من فرط نفاقهم - على إطاحتها إلى أبعد بعيد.
تشاغل المجتمع وتعامى عن حماية تاريخه، وأُجبر الناس على الإلقاء بأشيائهم الحميمة، والتزام نوتة موسيقية سياسية جديدة لا تريد التناغم مع ما ورد فى نوتة أو نوت سابقة.
ولا أستطيع الجزم فى شأن طبيعة المنعطف الذى تحول فيه شباب الثوار من مطالبين بالحرية والديمقراطية إلى خصوم للقيمتين على نحو تترى قرائنه يوماً وراء آخر، إلا أننا نسجل عن أدائهم امتلاءه بكثير استعلاء واستكبار، حتى على الناس.. ملح الأرض.. فتافيت الماس.. وانتفاضة بكثير مخاصمة وإنكار حتى على وقائع التاريخ ومنجزات الحركة الوطنية.
أحببنا الشباب، وأشدنا بتحضرهم حين طفقوا يدهنون أفاريز الأرصفة وحوافها، ولكن ذلك لا ينبغى أن يفرض علينا - انصياعاً للضغط - أن نهلل حين يقومون بدهان الجرانيت الوردى المحفور الجميل فى مداخل مترو الأنفاق بالبوية البيضاء!!
كما أن ذلك لا ينبغى أن يرغمنا - انحناء أمام قوة الإجبار - أن نستحسن تلطيش كل شىء بالبوية الملونة بدءًا من جذوع الأشجار، إلى وصلات سور الكورنيش الحجرية، إلى أحواض الزهور بشارع رمسيس، إلى أرصفة شارع المطار، إلى سور حديقة بانوراما العبور الزجاجى!!
لا ينبغى ولا يجوز أن يُذِل الذين أعلنوا الثورة باسم الحرية والديمقراطية مواطنيهم، فيجثو كل من أولئك المواطنين على ركبتيه أمامهم راكعاً موافقاً على ما لا يجب الموافقة عليه.
منهج استبداد البوية هو نفسه منهج استبداد التليفزيون والصحافة، هو نفسه منهج الاستبداد السياسى، وهو - أخيراً - نفسه منهج تمزيق صفحة 23 يوليو بعد انتزاعها من كتاب التاريخ كما أراد بعض بارونات الركوب على الثورة وحرضوا شبابها.
ثورة يوليو 1952 - يا شباب ثورة يناير - هى إجابة مصرية على تحدى الخمسينيات والستينيات، قدمت فيها الجماعة الوطنية اجتهادها الذى أصاب أحياناً، وأخطأ أحياناً، ولكنه- فى التحليل الأخير - كان عملاً باهراً وعملاقاً، يزهو به كل من عاشوا تحت ظلاله الوارفة، ويستلهمه كل وطنى حقيقى أنجبه هذا البلد بعد 1952.. وتجاوب بعض الشباب مع افتعال أو اصطناع الخطوات مع ثورة يوليو «الذى يقوم بارونات ركوب الثورة يترويجه وتسويقه» هو أحد المعاول التى ضربت - من الأساس - مشاعر ارتباط الشعب بأولئك الشباب.
ثورة يوليو هى: جلاء الاستعمار البريطانى، والإصلاح الزراعى، وبناء السد العالى، وتأميم قناة السويس، وهزيمة العدوان عام 1956، وفى حرب الاستنزاف المجيدة، وبناء قاعدتى الصناعة الوطنية، والتقدم العلمى والتقنى، والارتباط بجماعة من الدول النامية ودول عدم الانحياز، اتسع حضورها وتأثيرها باطراد، وبناء جيش وطنى قوى.
وبالذات تلك الأخيرة.. «بناء جيش وطنى قوى»
اليوم هناك من يتخذ من عدائه لثورة يوليو - التى قام بها الجيش - رأس حربة يصوبه إلى الدور الذى تقوم به المؤسسة العسكرية الآن فى حماية الثورة وبناء النظام الديمقراطى.
واليوم هناك من يحاول خلط كراهيته لثورة يوليو بكراهيته لإسهام العسكر، فى تصنيع مستقبل البلد، وبناء نظامها الجديد.
هناك من يحاول إيجاد ثقافة ضد الجيش «محور الفكرة الوطنية المصرية» لأنه - ببساطة - يكره حضور تلك الفكرة الوطنية، أو وجودها من الأصل والأساس.
الجيش الذى قام بثورة يوليو، هو الجيش الذى انحاز لثورة يناير ومكن لها.
ومن يريدون تعميق الهوة الحالية بين الشباب والشعب يعمدون إلى انتزاع ثورة يوليو من ذاكرة ووجدان أولئك الشباب.
....................
فهمنا أم نعيد من الأول؟!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.