أطلق عدد كبير من المثقفين السوريين، ما أسموه باللجنة الشعبية لنصرة سوريا، فى بيان أصدروه ووقعوا عليه أسماءهم وأكدوا فيه أن المواجهة الدموية التى اختارها النظام السورى المتهالك تعبر عن وعى السلطة المأزوم والمتشرزم فى دمشق، والذى لا يراعى غير الحلو الدموية والممارسات الوحشية سبيلا إلى التعامل مع الانتفاضة الشعبية التى يخوضها السوريون ضده. وذكر المثقفون السوريون فى بيانهم "لقد سطر السوريون الأحرار في ثورتهم السلمية، وما يزالون، أروع الدروس في مقاومة الاستبداد، وكسروا جدار الخوف والقهر، وراحوا بصدورهم العارية يتصدون للرصاص والقناصة والدبابات، ويهتفون بملايين الحناجر لسورية حرة ديمقراطية أبية لا تقبل الحكم الاستبدادى العائلى الفاسد، ولا ترضى بغير العزة والكبرياء. وتابع نص البيان: إننا، نحن الموقعين أدناه، إذ نشهر "اللجنة الشعبية لنصرة سورية"، فإننا نقف في الخندق ذاته، وفى هذه اللحظة التاريخية الحاسمة، مع الشعب السورى في مواجهته البطولية من أجل إخراج الشمس من قمقمها، وإعلان النهار العظيم. إن المواجهة الدموية التى اختارها النظام السورى المتهالك تعبّر عن وعى السلطة المأزوم والمتشرذم في دمشق، والذى لا يرى غير الحلول الدموية، والممارسات الوحشية سبيلا إلى التعامل مع الانتفاضة الشعبية العارمة التي يخوضها سوريون نبلاء أحرار أطهار لم يرف لبشار الأسد جفن وهو يصفهم بالحشرات، كما فعل من قبله الطغاة الذين لفظهم التاريخ، وقيّد أسماءهم فى سجلات العار. ولا يسعنا، في الوقت نفسه، إلا أن ننظر بشك كبير، وريبة لا اتساع لها إلى الذين ينظرون إلى ما يجرى فى سورية باعتباره وجهة نظر، ونؤكد أن إغماض العين عما يجرى في سورية، يجعل المجال متاحا أمام التشكيك بقدرة من يدعمون النظام الدموي في دمشق على بلورة موقف متقدم من قضايا وطنهم، وبالتالي عجزهم عن مقارعة السلطات، وتبنى أشواق الناس وتطلعاتهم. إننا نستهجن أن يصل الحد ببعض العاملين فى الفضاء العام إلى صرف الأبصار عن ويلات البشر، والنظر من ثقب المصالح الضيقة إلى ما يجرى فى سورية، بل إن تلك المصالح الضيقة والمنبوذة تسمح لأصحابها أن يلوّنوا خطابهم كيفما يشاؤون، فهم لا مانع لديهم أن يصدّروا البيانات الملتهبة ضد ما جرى ويجرى في تونس ومصر والبحرين واليمن وليبيا والأردن، لكن حينما يصل الأمر إلى النظام السورى فإنهم يرتبكون ويتلكأون ويتأتئون ويتهامسون، كأن الدم في سورية أرخص من الدم الذي أريق في سواها من بلاد العروبة المنتفضة! ولئن كنا ننادى، مع شرفاء سورية وأحرارها، بأن الحفاظ على وحدة الوطن السورى أمر مقدس لا تفريط فيه، ونرفض بشدة دعوات التدخل فيه مهما كان مصدرها، فإننا نؤكد فى الوقت نفسه أن أى شعار مهما كان نبيلا مثل "المقاومة" و"الممانعة" لا يوفر غطاءً، ولا بأى شكل من الأشكال، لكى يقتل النظام أبناء شعبه وأطفاله، ويزج بحرائره وأحراره فى المعتقلات ويشرد عشرات الألوف، ويقتحم بالدبابات والطائرات البيوت الآمنة، ويروع الناس، ويقتل المدنيين الأبرياء، ويشوه أجسادهم، ويقتلع حناجرهم! إننا نقف بكل قوة وعزم إلى جانب السوريين الأحرار في مقاومتهم المدنية العنيدة من أجل الحرية، كما وقفنا معهم في احتضانهم للمقاومة الوطنية ضد المشروع الصهيونى التوسعى، ونترحم على أرواح الشهداء الذين سقطوا على مذبح الكرامة والانتصار، وندعو إلى التشديد على حق الشعوب العربية في الحرية والتحرر من المحيط إلى الخليج، فزمان الربيع العربى لن يتوقف قبل أن تزهر وروده في كل مكان، وتقتلع أزمنة العبودية والاستبداد والحكم الفردى الغاشم. ووقع على البيان الكاتب إبراهيم غرابية والصحفى ياسر أبوهلالة، والناشط السياسى محمد الحسينى وسائد كراجة وحاكم الفايز وأمجد قورشة، وعاكف الزعبى، وسماح بيبرس، وإبراهيم جابر إبراهيم وجميل النمرى ويوسف ربايعة، ومحمد خير مامسر، ومهند مبيضين، وبريهان قمق، وزليخة أبوريشة، وخالد الكلالدة، وبسمة النسور، وعماد حجاج، ومحمد جميل الحوامدة، وعبير عيسى، وجمانة غنيمات، وسمر دودين، ومحمد الجالوس، وزياد العنانى، وإبراهيم نصر الله، ومعن البيارى وأسامة الرنتيسى، والناقد الأردنى فخرى صالح، والشاعر موسى حوامدة، وآخرون.