فى واقعة هى الأولى منذ عقود طويلة، أن يستقبل رئيس الوزراء كاتباً صحفياً ينتمى إلى "الوفد"، ويرأس تحرير الجريدة الناطقة بلسانه، ويسند إليه مهمة وزارة الإعلام وتشكيل رأى عام وطنى نحو القضايا الخلافية والرؤى المتزاحمة التى تعيشها مصر خلال تلك الأيام. الكاتب الصحفى أسامة هيكل رئيس تحرير جريدة الوفد، وأحد أبرز كتاب الأعمدة فى عدد من الصحف المصرية، الذى تولى رئاسة تحرير جريدة الوفد خلفا للراحل سعيد عبد الخالق فى يناير الماضى، واستطاع تطوير الجريدة، والنهوض بسياستها التحريرية على مدار الأشهر الماضية، بشكل لفت إليه الأنظار، وقاده إلى أن رشحه البعض لتولى وزارة الإعلام التى كانت الحكومة الحالية ترغب فى إلغائها والاستغناء عنها، إلا أن الأخيرة وجدت ضرورة وجود وزارة للإعلام مؤخرا. هيكل الذى اجتمع مع شرف اليوم، وكان أول رئيس تحرير بالانتخاب فى مصر خلال تجربة أجرتها جريدة الوفد بين عدد من الصحفيين، حتى فاز برئاسة تحرير العدد اليومى للجريدة، ويعتبر أول صحفى يتولى وزارة فى مصر منذ أكثر من 35 عاما، فقد كان آخر الوزراء الصحفيين محمد حسنين هيكل فى عهد الرئيس جمال عبد الناصر. أكد هيكل فى أول تصريح له بعد تكليفه بمهام وزارة الإعلام، أنه سيعمل على تلافى السلبيات التى ظهرت فى الإعلام خلال الفترة الأخيرة، وأنه سوف يعيد هيكلة الإعلام المصرى لزيادة قدرته التنافسية فى مناخ من الحرية خلال الفترة المقبلة. هيكل الذى كان يعمل مندوباً لجريدة الوفد فى المؤسسة العسكرية ورئاسة الجمهورية، وعمل محرراً لهذا الشأن فترة طويلة، تزيد عن 20 عاما، يواجه تحديات ضخمة حال توليه مهام المنصب الجديد، خاصة فى ظل الديون المتراكمة على اتحاد الإذاعة والتليفزيون، والتى تقدر بأكثر من 15 مليار جنيه، وفقا لتقديرات الجهاز المركزى للمحاسبات، إلى جانب التضخم الإدارى الذى يعانى منه اتحاد الإذاعة والتليفزيون الذى يعمل به آلاف العمال والفنيين، بالإضافة إلى المشكلات المتعلقة بإدارة التليفزيون المصرى الذى فقد جزءاً كبيراً من مصداقيته خلال فترة الثورة، وساهم النظام السابق بشكل كبير فى تهميش المضامين الإخبارية به، وعدم الاستفادة من إمكانياته المتاحة. البعض يرجع قرار اختيار هيكل لوزارة الإعلام إلى المؤسسة العسكرية التى عمل محرراً لها فترة طويلة، والتأكيد أن عصام شرف مجرد منفذ لقرار المجلس، حيث كان الأخير مصراً على ضرورة إبعاد وزارة الإعلام عن التشكيلات الوزارية وإطلاق حرية الإعلام دون توجهات. خبراء الإعلام والسياسة يؤكدون أن تولى هيكل وزارة الإعلام فى تلك الفترة أشبه بانتحار.. خاصة فى ظل الظروف التى تمر بها مصر، وصعوبة تحقيق التوازن المطلوب فى وجهات النظر بين مؤيدى النظام القائم والمجلس العسكرى، ومطالبات الثوار التى تتسع دائرتها يوما بعد الآخر، وستكون جمعة الإصرار المقبلة أول تحد حقيقى يواجه هيكل.