تأمرنا السندريلا بالفرح، وتقول والدموع فى عينيها "شيكا بيكا وبوليتيكا ومقالب أنتيكا.. ولا تزعل ولا تحزن.. اضحك برضه يا ويكا" حاضر يا سندريلا، سنضحك برغم أننا لا نعرف للضحك سببا، وسنضحك، متجاهلين أن "الضحك من غير سبب قلة أدب". سنضحك يا سندريلا لأنك تريدين ذلك، اطلبى ما شئت، وسننفذ أوامرك، أنت السندريلا، جاءتك إليك الساحرة "خصيصا" حينما رأت دمعتك، فأطعمتك وكستك وزينتك، لتقابلى أميرك الوسيم، وحينما ذهبت إليه؛ أحبك وفضلك واصطفاك على نساء العالمين، وقبل أن يأتى ميعاد الرحيل، تركت له من نفسك تذكارا، ليتبعه الأمير مقتفيا أثرك، أسكتى يا حكاية، الأمير لم يجد السندريلا، والسندريلا مازالت تبكى فى انتظار الأمير، غير أنها مازالت تدعونا إلى الضحك " ها ها ها ها ع الشيكا بيكا" تبكى السندريلا من قلبها، بكاء دائما وعميقا وصامتا، تضحك السندريلا من شفتيها فيحسبها الساذج سعيدة مسرورة تقول السندريلا "أنا راح منى كمان حاجة كبيرة، أكبر من إنى أجيب لها سيرة، قلبى بيزغزغ روحه بروحه، علشان يمسح منه التكشيرة، ادعوله ينساها بقى ويضحك. آمين آمين آمين يا سندريلا آمين، ندعو لك أن تجدى فى عالم الآخر ما لم تجدينه فى عالمك الردئ، ندعو لعيونك أن تكتسب تألقا من الذى منحتينا إياه، وندعو لوجهك أن يتمتع بالراحة بعد إرهاق، والسكون بعد التوتر، والبسمة بعد التكشيرة، ندعو لك بالبهجة التى منحتيها لملايين المتعبين، ندعو لك بأن تجدى بجوارك مرآة وعروسة، لتقولى للمرآة يا مرايتى يا مرايتى من أجمل مني؟ فتقول لك: أنت أجمل الجميلات يا سعاد، فيفرح قلبك "بجد" بدلا من أن يزغزغ "روحه بروحه" ندعوا لك بطفلة صغيرة جميلة، تمسحين على جبينها فتستريحي، وتغنى لها فتطربى، طفلة تشبهك تماما، تعيد إليك طفولتك المفقودة وأمومتك المشتهاه، غن لها يا سعاد ومشطى شعرها كما أردت لتصبح الطفلة طفلتان وثلاثة وأربعة وألف، ألف طفلة يا سعاد، يرتدين فساتينا بيضاء، ويعزفن الموسيقى، ويطاردن الفراشات ويقطفن لك الورود، ألعبى معهم كما لم تلعبي، وافرحى بهم ولهم، ليعوضونك عما فقدت. عشر سنوات مضت على رحيلك يا سعاد، والسندريلا مازالت "سندريلا" لم يعترف وجداننا بما لحق بك من تنكيل وإهمال وترهيب لم نقبل لصورتك النافذة فى القلب كطعنة نور أن تهتز، لم نسمح بأن تعلق بثوبك شائبة، لم تجرجرنا المهاترات والادعاءات إلى ما لا نحب، وظللنا نحبك، نرى فيك الحبيبة الفاتنة، والصديقة الحانية، والطفلة التى تاهت فى بحر الهوا ونسى "عم حزنبل" أن يرجعها إلى بيت أهلها، أو حتى يخبرها بطريق العودة، بيننا وبينك عيش وملح وحلم ووطن يا سندريلا، وبيننا وبينك لوح زجاج شفاف ومعتم، نراك ولا نراك، نشعر بأنفاسك ولا تدفئنا حرارتها، نسمع صوتك ثم نصغى السمع فنعرف أنه صوتنا الذى ينبع من القلب، غاب عنا الصوت يا سندريلا، حتى الصوت بخلو علينا به، كنت تنوين أن تحفظى لنا صوتك معطرا بأشعار صلاح جاهين، لكنهم لم يعطوك فرصة كافية لإتمام التسجيل، حرموك من أن تمارسى صلاتك الشعرية الأخيرة، مع طفلك وأبيك وصديقنا الأروع جاهين، وحرمونا من اكتمال الحدوتة لتعود ست الحسن إلى شاطرها الحسن. ألبست فستان الفرح الذى كنت به تحلمين؟ مازال صوتك كسيرا يرن فى الآذان متوسلا أحد أزواجك "نفسى ألبس فستان فرح" فيرد "مش مهم مش مهم" فتختارى أن تكسرى فرحتك وتنتقصى من حلمك لكى لا تغضبيه أو تعصى كلامه، أنت طيبة يا سندريلا، طيبة وحنون، لكن أولاد الأفاعى لم يمهلونك وقتا كافيا لتعدى حقيبتك وتحتفظى بعطورك، وهداياك الصغيرة، خافوا أن يفضحهم جمالك ويكشف مدى قبحهم، فتستروا على القبح بقبح أكبر، خافوا من أن يكشف صوتك سوأتهم فتفوح منهم رائحة العطن، فألقوا بك فى الهواء، أخرس أيها الواقع، لم تسقط السندريلا على الأرض ظلت هائمة فى الفضاء، تداعب الأطفال فى نومهم، وتؤنس العشاق فى ليلهم، وتحضر إذا ما طلبها وحيد، فقط نادها واغمض عينك، وتنسم عبيرها، وقل بقلب خاشع: يا سندريلا.