كثيراً ما ترتبط قائمة الأكثر مبيعا باهتمامات الجمهور المباشرة، واتجاهه إلى الكتب التى تلبى المطالب الأولية لما يسمى ب"الجمهور العادى" فى فصل الصيف، الذى يعتبر موسما للموضة والفضائح الفنية، والمصايف، والرحلات، وإن تطرق الأمر إلى الكتاب فبديهى أن تكون الكتب "الخفيفة". وتحتل تلك النوعية من الكتب صدارة المشهد، وتستحوذ على اهتمامات المثقف "الصغير"، إلا أن قوائم الأكثر مبيعا هذا الأسبوع التى اعتمدنا فى استطلاعنا عنها على مكتبات مثل "ديوان، مدبولى، كتب خان، الشروق، آفاق" خالفت المعلوم عن "كتب الصيف" بورود كتب فكرية كثيرة، مثل "إخناتون الفرعون المارق"، الذى أتى فى المركز الأول عند مكتبة آفاق، أوكتاب لمحات عن أديان العالم الذى أتى فى المركز الأول أيضا عن مكتبة مدبولى، أو موسوعة اليهود واليهودية التى أتت فى المركز الخامس عند مكتبة الشروق، أو كتاب ثقوب فى الضمير الذى أتى فى المركز الثانى عند نفس المكتبة. لم تخل القائمة أيضاً من الكتب "الأكثر ورودا" فى قائمة الأكثر مبيعا، والتى سبق أن عرضناها فى الأسابيع الماضية، مثل "مصر ليست أمى، تاكسى حواديت المشاوير، ربع جرام، واحة الغروب"، ولذلك تعمدنا ألا نعرض أيا منها وبحثنا عن العناوين الجديدة فى القوائم، كما حرصنا على التنويع فى المكتبات وفى المجالات الثقافية التى تطرحها الكتب، والتدرج فى المستوى الثقافى للكتاب، بحيث نلبى جميع احتياجات قرائنا واهتماماتهم، فاخترنا أن نعرض كتاب "لمحات عن أديان العالم" الوارد ضمن قائمة مكتبة مدبولى، الذى اكتشفنا أن مترجمه أنكر اسم المؤلف وأضاف فصولا على متن الكتاب الأصلى بما يخالف مبادئ الملكية الفكرية والالتزام الأدبى تجاه القارئ. ولعل ناشر الكتاب يلتفت إلى هذا "العيب" فيصححه فى الطبعات المقبلة، كما عرضنا كتاب "ثقوب فى الضمير" للدكتور أحمد عكاشة الوارد ضمن قائمة مكتبة الشروق، لما يتميز به من استعراض حالة المجتمع الراهنة من جانب أستاذ متخصص فى العلوم الإنسانية تنازل عن صفات الكتاب الأكاديمى ليقدم شهادته الحية عن العصر الحاضر بكل ما فيه من تناقض وعشوائية. ويبدو أن هذا النوع من الشهادات أصبح يشغل اهتمام قاعدة عريضة من القراء، كما لو كانوا غير مصدقين ما يحدث أمامهم ويريدون أن يتأكدوا من أن هذا صحيح، ولذلك رأينا كتاب "ماذا حدث للمصريين" لجلال أمين، ومصر ليست أمى لأسامة غريب، وكتابى لإبراهيم عيسى، وأخيرا ثقوب فى الضمير لأحمد عكاشة، ضمن قوائم الأكثر مبيعا سواء فى الأسابيع الماضية أو فى الأسبوع الحالى. وكذلك يمكننا أن نضيف لهذه القائمة كتب وروايات سبق أن عرضناها، مثل رواية يوتوبيا للكاتب أحمد خالد توفيق الذى حرص على التصريح بأن الرواية "خيالية"، إلا أنه من الممكن أن نضيفها مرتاحى الضمير إلى نوعية كتب الشهادات، لأن أحداث الرواية تبدو كما لو كانت تقرر أمراً واقعاً، ولا تضيف شيئاً عليه إلى توقع المزيد من البؤس للشعوب العربية. وكذلك كتاب المثنوى "كتاب العشق والسلام" الذى أتى فى المركز الثانى لقائمة مكتبة آفاق، وهو مفاجأة هذا الأسبوع لما يتميز به من تحليل عميق لكتاب متفرد فى الثقافة الإنسانية، وهو كتاب المثنوى للقطب الصوفى الأكبر جلال الدين الرومى، وهذا التحليل يأتى كمحاولة علمية للتقليب فى التراث والبحث عن روابطه الخفية، وهذا ما فعله الكاتب صنع الله إبراهيم الذى اختار فى روايته "العمامة والقبعة" نفس المنهج للتقليب فى التاريخ برؤية إبداعية تجعلنا نتخيل أننا من الممكن أن نصنع تاريخنا كما نريد، وفى النهاية يأتى كتاب كابتن مصر للشاعر عمر طاهر الذى سبق أن عرضناه أيضاً، وفيه يخاطب شريحة المراهقين، عارضاً لتأملاته التى أتت على قدر كبير من الطرافة، والجدية.