جمع غفير يلتفّون حول جثة, تغطيها أوراق صحيفة، عدا أطرافها الأربعة، تتدلّى فى الفراغ ، لغط كبير بين الناس، مصمصة شفاه، أسى ممزوج بحسرة على وجوه بعضهم، ترحّم على الفقيد، طلب المغفرة له، بينما انشغل الباقون بالبحث عن كيفية وفاته . فقد صحوت اليوم على ضجة، كلمات طائشة وصلت لأذنى عن جسد ملقى على ظهره بمنتصف الشارع، عيناه شاخصتان لأعلى، بكامل ملابسه، تبدو على وجهه نظرة رضاء لا تناسب من زاره ملك الموت منذ قليل، حافظة نقوده متخمة بأوراق نقدية، تطوّع جار خرج على المعاش منذ فترة بعيدة، للتفتيش بجيوب الميت بحثاً عن أوراق رسمية تكشف عن هويّته، وجد مستندات كثيرة ليس من بينها ما يبحث عنه، التفت إلينا ثم أشار بيأس بضرورة إبلاغ الشرطة . تقديراً للموت، قام شاب يعشق كرة القدم، بشراء نسخة من أحد الجرائد القومية، وزّع صفحاتها على جسد الفقيد، باستثناء أيديه ورجليه، عجز عن سترهم فتركهم فى الهواء تداعب الريح شعيرات ساقيه وساعديه .. وقفنا جميعاً ننظر من أعلى للمسجى على الأرض، بينما بعضنا يختلس نظرات للجريدة لقراءة تحليل عميق بصفحة الرياضة.