نقيب المحامين يدعو مجلس النقابة العامة و النقباء الفرعيين لاجتماع السبت    أحمد حمدي لاعب الزمالك يثير التكهنات: هل دخل حسابي 1700 يورو؟    خلافات أسرية.. وفاة شخص وإصابة شقيقه في مشاجرة مع صهره بالفيوم    محافظ الدقهلية في زيارة مفاجئة لجمصة: رفع مستوى الخدمات استعدادًا للصيف    نائب محافظ دمياط تتابع معدلات تنفيذ مشروعات "حياة كريمة"    قافلة "الصمود".. اختبار للمواقف الإقليمية وتحرك شعبي يعيد الزخم للقضية الفلسطينية(تقرير)    مديرة الاستخبارات الوطنية الأمريكية: العالم أقرب من أي وقت مضى إلى حافة الإبادة النووية    صيحة تحذير.. فلننتبه!    صور| أسماء أوائل الشهادة الإعدادية الأزهرية في قنا    «حال عدم جاهزيته».. شوقي يتوقع بديل وسام أبوعلي بتشكيل الأهلي أمام إنتر ميامي    خاص| الدبيكي: لجنة قطاع العلوم الصحية تبدأ أولى خطواتها لإصلاح تطوير التعليم الصحي في مصر    عيار 21 الآن بعد الانخفاض الجديد.. أسعار الذهب اليوم الخميس 12 يونيو 2025 بالصاغة    العربيات اتعجنت، مصرع شخصين وإصابة 5 آخرين في تصادم سيارتين بجرار زراعي بالبحيرة (صور)    مشاجرة عائلية بسبب خلافات نسب في الفيوم تنتهي بوفاة رجل وإصابة شقيقه    كيف يكون التعليم منتجًا؟    آكسيوس: نتنياهو يطلب وساطة أمريكا للتوصل إلى اتفاق مع سوريا    10 قروش تراجعًا بسعر الدولار مقابل الجنيه في البنوك عقب عطلة عيد الأضحى    تراجع مبيعات تيسلا للشهر الخامس على التوالي    ملف يلا كورة.. طبيب الأهلي يُطمئن ريبييرو.. عودة ميسي إلى ميامي.. وظهور غير معتاد لأحمد شوبير    الزمالك يتقدم بشكوى جديدة ضد زيزو عقب الانتقال إلى الأهلي    السومة يتحدى مرموش وربيعة.. مهاجم سوريا يدعم قائمة الوداد في كأس العالم للأندية    مرتجي: تمنيت ضم زيزو منذ 3 سنوات.. وهذا ما قاله لي عن جماهير الأهلي    بقيادة محمد شوقي.. مصدر يكشف ليلا كورة الجهاز الفني الجديد ل زد    نائب محافظ مطروح يبحث آلية استقبال المخلفات الصلبة بالساحل الشمالي خلال موسم الصيف    «الري»: الإجراءات الأحادية لإقامة السدود تُهدد الاستقرار    ننشر أسماء أوائل الشهادتين الإبتدائية والإعدادية الأزهرية بالمنيا    أسعار اللحوم اليوم الخميس في الأسواق بعد انتهاء عيد الأضحى    ظهرت رسميًا.. نتيجة الصف الثالث الابتدائي 2025 في الجيزة بالمساعد الذكي والخط الساخن (رابط)    درجات الحرارة في مدن وعواصم العالم اليوم الخميس.. والصغرى بالقاهرة 36    انهيار جزئى لسور عقار قديم غير مأهول بالسكان فى المنيا دون خسائر    وفاة تاجر الذهب بالبحيرة متأثرًا بإصابته على يد شخصين    أحدهما ل يائير يعقوب، نتنياهو يزعم استعادة جثتين لرهينتين في قطاع غزة    حسن الرداد يكشف حقيقة سفر الفنانين لتشجيع الأهلي في كأس العالم للأندية: "تقل دم وسماجة"    أسرة فتاة الشرقية أمام النيابة: مكناش نعرف أن زواج أقل من 18 سنة غير قانوني والعريس مثالي    "هيكون نار".. تركي آل الشيخ يشوق متابعيه لفيلم الفيل الأزرق 3    بعد تعافيه من عملية القلب، صبري عبد المنعم يوجه رسالة لجمهوره    international fashion awards" يُكرم منة فضالي بلقب "ملهمة الموضة fashion muse"    مصطفى كامل يطلب الدعاء ل نجل تامر حسني بعد خضوعه لجراحتين دقيقتين    آداب الرجوع من الحج.. دار الإفتاء توضح    حكم توزيع لحوم الأضحية بعد انتهاء أيام عيد الأضحى    الطب البيطري: نجاح عملية ولادة قيصرية لقطة بالغربية -صور    استشاري يحذر من قلة النوم وتأثيره على الصحة العامة    محافظ المنوفية: لا تهاون فى مواجهة مخالفات البناء والتعامل بحسم مع أى تعديات    بعثة الأخضر تصل إلى أمريكا للمشاركة في بطولة الكأس الذهبية    المخرج محمد حمدي ل«البوابة نيوز»: نجوم السوشيال ليسوا بدلاء للممثلين.. والموهبة هي الفيصل    هل لديك نظر حاد؟.. اعثر على حبات جوز الهند الثلاثة في 12 ثانية    بالأسماء.. تعرف على أوائل الشهادة الإعدادية الأزهرية بالمنيا 2025    وزارة السياحة: تنسيق محكم وخدمات متميزة لضيوف الرحمن    روسيا.. هجوم بمسيرات أوكرانية يستهدف مقاطعتي خيرسون وزابوريجيا    1.36 تريليون دولار إجمالي عجز الموازنة الأمريكية منذ بداية العام    وزير الخارجية الأردني يؤكد ضرورة تكاتف الجهود لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة    الأوطان ليست حفنة من تراب.. الأوقاف تنشر نص خطبة الجمعة المقبلة    الصحة: ميكنة 11 مركزًا لخدمات نقل الدم القومية وتعزيز البنية التحتية    لمرضى السكري.. 6 مشروبات طبيعية لترطيب الجسم في الصيف دون رفع السكر    وزير الزراعة: تشجيع صغار المزارعين على التوسع في زراعة القمح    حزب «مصر القومي» يكثف استعداداته لخوض انتخابات مجلسي النواب والشيوخ    اعتماد وحدة التدريب بكلية التمريض الإسكندرية من جمعية القلب الأمريكية    محمد ثروت يدعو لابن تامر حسني بالشفاء: "يارب اشفه وفرّح قلبه"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حِنكش حكاية لا تنتهى.. قصة قصيرة لمحمد دسوقى
نشر في اليوم السابع يوم 03 - 03 - 2011

يمشى حنكش – كلب- فى الشارع يلهث، وقد أعياه التعب، وأنهكه العجز، أثقلته الحمول، وألهبت الأيام ظهره، وقرح المالكون له عنقه من كثرة ما أوثقوه بالسلاسل والحبال.
يمشى حنكش وهو يجتر وراءه أحمالاً وأحمال، ويجتر ذهنه عوادى الدهر وقسوة الأيام، يتلفت يمنة ويسرة، لا يدرى أين يذهب؟ ولا يدرى فى أى كنف يحتمى؟ فقد اعتاد أن يعيش فى كنف سيد، وآثر ذلك على أن يعيش بذاته ولذاته.
يرى الكثيرون ولكنهم لا يصلحون أن يعيش فى كنفهم، يقابله كلب يمشى مختلاً يهز زيله وينبح بقسوة ليرعب هؤلاء الأطفال الذين يحاولون أن يلفوا الطوق حول رقبته، ويرى كلباً آخر يمشى مع سيده الممسك بسلسلة حديدية تنتهى بطوق ملتف حول عنقه.
ينظر إلى هذا الكلب النابح ليرعب من يحاولون لف الطوق حول رقبته.. ثم ينظر إلى نفسه فيرى أنه لا يمكنه أن يعيش كذلك مثله.. فهو قد خلق ليعيش فى كنف سيده.. وكلما فارقه سيد اشتاق إليه، فالكلاب بطبعها تحب أسيادها مهما كانوا قساة عليها، فدائماً ما يحن إلى سجانه، ودائماً ما يرغب فى معذبه.
ينظر إلى الكلب الآخر المربوط إلى يد سيده فيغبطه على حظه بهذا السيد.. يحرك رقبته فيحس فيها بشىء غريب، نعم لقد عرف مصدر هذا الإحساس.. إن سببه هو غياب ذلك الطوق عن عنقه.. فقد اعتاده حتى ألفه، بل إن إزالته عن عنقه سببت له آلاماً بها.
يرى أمامه أسياداً بلا كلاب، يتحير فى اختياره بينهم، كما أنه لا يريد أن يختار، بل يريد أن ياتى السيد إليه فيربط الطوق حول رقبته وهو – حنكش - يتقبل ذلك فى خضوع، نظر إلى السادة مرة أخرى، أما أحدهم فيمسك فى يده عظمة يلوح له بها، وأما الآخر فيمسك فى يده عصا وفى اليد الأخرى طوق من تلك الأطواق التى تلف حول أعناق الكلاب، وآخر يغريه بكلبة حسناء، وذاك يمسك فى يده كيساً من أكياس طعام الكلاب المستورد.
أخذ يتذكر تاريخه مع السادة، وتتابعهم عليه، إنه يتذكر أول ما يتذكر سيده الأول الذى ورث حنكش عن أبيه، عندما كانت أم حنكش ملك والده، كان حنكش يسكن فى كوخ قذر على أطراف قصر منيف، يمر بداخله عندما يتجول به سيده فى حديقة القصر أو بداخله، عندها يرى الحدائق الغناء والقصر بعمدانه الرخامية وأرضياته اللامعة، وتماثيله النحاسية، والحوائط عليها الساعات المرصعة بالذهب، يرى أكوابا وأباريق من الفضة.
كان سيده وساداته يشيرون إليه بعنجهية وهم يجلسون فى الحديقة، فيأتى إليهم مهرولاً يقف تحت الطاولة التى يأكلون عليها، يلقون له بين كل حين وحين قطعة من اللحم أو الدهن تحت أقدامهم فينقض عليها ليأكلها شاكراً، واستمرت الأيام كذلك، أحياناً يلعب معه سيده فيضع له قطعة اللحم على قدمه فيأتى حنكش ليلتهمها.
وظل الأمر كذلك حتى ذهب سيده ذات مرة إلى قصره الآخر من باب التغيير، فهجم على القصر مجموعة من الأشخاص، ونصبوا خياماً وعششاً فى الحديقة التى كانت غناء، وبنوا عشة أمام باب القصر حتلى ينغلق تماما ولا يتمكن سيده من العودة إليه، ثم أنزلوا باقى السادة من القصر وألقوا بهم فى الشارع أو أسكنوهم فى العشش والخيام، وسكنوا هم القصر مكانهم.
" أذكر يومها عندما تركت القصر عانيت من التشرد، عشت حياة من الحرية لم أتحملها، فعدت إلى القصر صاغراً، أمسك بى سيدى الجديد، ووضع كمامة على فمى وأوثق أطرافى الأربع فى بعضها وألقى بى فى أحد الأكواخ، كنت آكل جلد الطيور وعظامها، أجلس مع سيدى مشدود الوثاق مكبل ومكمم الفم، حتى لا أنبح أو أفكر فى النباح أصلاً، فى الصباح أصحو على لسعات من كرباجه تلهب ظهرى، ثم يرسلنى لمطاردة أحد الكلاب التى أعرفها فى الشارع، كان يتركنى أرفل فى قيودى منهك متعب لا حول لى ولا قوة، حتى أن قطة تجرأت فى يوم ما وتغوطت على وجهى، تألمت كثيراً وبكيت وهنى وضعفى، تحينت الفرصة وهربت منه، ولكن سرعان ما عدت إليه بعد أن وجدته وحيداً مقهوراً، لازمته حتى موته، وبكيت عليه رغم ما فعله بى.
ثم جاءنى سيد جديد من أصحابه أطعمنى طعام من أطعمة الكلاب المستوردة، لم يعذبنى ولم يجلدنى كسابقه، سعدت به وعددته سيداً لزمنا جميلاً، مكننى من الإمساك بالقط الذى تجرأ وتغوط على وجهى وكذلك فعلها بعدد من كلاب الشارع الذى أقطنه، وما إن هممت بالتهامه حتى وجدته يركلنى فى وجهى ويشد وثاقى دون داع، ثم كمم فمى كذلك، حتى كرهتنى كلاب الشارع لأنى لم آخذ لهم بثأرهم حينما كان بإمكانى ذلك، هربت من هذا السيد أيضاً، ولكن فى كل مرة أشتاق إلى الذل والهوان أشتاق للسمع والطاعة، أشتاق إلى تأدية الأوامر".
عاد إلى القصر ليجد سيدا آخر، هذا السيد كان قد باع القصر وحديقته وحمام السباحة حتى العشش والخيام بيعت، بل إنه كان ينوى أن يبيع الكوخ الذى يعيش فيه حنكش، كان هذا السيد يربطه ويضربه ويجوعه، حتى ساء حاله وهزل جسده، وهرمت هيئته، ولكنه لم يفكر يوماً ما فى إغضاب سيده، لم يفكر يوماً فى عصيان أوامره . كان للخنوع عنده لذه وللسمع والطاعة عنده نشوة خاصة، يسبح بحمد أسياده، فيكفى أنهم يؤكلوه هم أحيانا يجوعوه ولكنهم لم يتركوه يموت جوعاً، فهم لا يريدون له الموت، لأنه إن مات حنكش فلن يجدوا من يسودوه، ولن يجدوا من يذلوه ويعذبوه، لن يجدوا من يشبعوا فيه رغباتهم فى التسلط والسادية، هم لم يختاروا حنكش لقوته رغم عظمتها، أو لشجاعته المكمونة، ولكنهم اختاروه، لأنهم لم يجدوا من يرضى بهم سادة إلا حنكش، إنه لو تركهم ما مات جوعاً ولكنه سيجد ما هو أهم من الأكل والشرب، سيجد الحرية التى لم يراها إلا كومضات خاطفة، سيمضى دون ربط طوق على رقبته ودون جلد أو تعذيب، ولكنه كلما ترك الطوق حن إليه وكلما كف الجلاد عن جلده التهب ظهره حتى صار الجلد علاجه وأصبح التجويع تسليته.
يتتابع عليه السادة وهو باق وخالد، ولكنه لم يجد حتى الآن ما يستفزه للنباح وإظهار قوته وشجاعته.
تنبه إلى السادة الذين يتقدموا نحوه لكى يظفر به أحدهم، ولكنه لم يتيقن وما زال لا يجزم بمن فيهم الأحق بطاعته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.