أكدت الدكتورة داليا الشيمى الخبيرة النفسية أن الأطفال هم أكثر الفئات التى تضررت من أحداث العنف التى ظهرت أيام الثورة. قالت الشيمي: إن الطفل يعتبر مرآة صادقة للوالدين، فهو يشعر بكل مشاعر القلق والتوتر التى يعيشون فيها ويتأثر بها، بجانب عدم قدرته على تكوين رؤية واضحة حول ما يحدث ، بالإضافة إلى قيامه بتخزين هذه الفترة فى عقله والتى تمثل خبرات حياة بالنسبة لهم تتحول فى المستقبل إلى سلوكيات عدوانية ومشاعر مضطربة من القلق والمخاوف والتوتر، جاء ذلك خلال جلسة التفريغ النفسى للأطفال من أحداث 25 يناير بمركز عين على بكرة ، والتى حضرها 13 طفلا تراوحت أعمارهم ما بين 6 إلى 11 عاما وشملت الجلسة 3 أجزاء، هى إقامة حوار مع الأطفال حول الثورة والأشياء التى أخافتهم، ورشة رسم لتفريغ المشاعر، بجانب تمثيل مسرحية كانت عبارة عن مظاهرة بكافة مراحلها. من خلال الجلسات أظهرالأطفال مدى سيطرة مشاعر الخوف والقلق والتوتر عليهم جراء سماع دوى إطلاق النار والخوف من المجرمين الذين خرجوا من السجون لمهاجمة البيوت، عبّر الأطفال من خلال خيالهم الخصب ودمج ما يشاهدونه فى أفلام الرعب، والكارتون، عن تصوراتهم لقتل المجرمين لصاحب البيت بسلاح كبير يخرج من ظهره، بالإضافة إلى تحول الثورة فى عقولهم إلى حرب بين الجيش والمجرمين، تنتهى بانتصارالجيش على المجرمين. أوضحت الدكتورة الشيمى أن معظم الأسر وقعت فى خطأ السماح للأطفال بمشاهدة جميع الأخبار والأحداث على شاشة التليفزيون على مدار اليوم، والمتعلقة باعتدءات المجرمين على الشعب، ونوعية الأسلحة التى يحملوها، وعدم القيام بعملية "فلترة" للأحداث أو تقليل عدد ساعات المشاهدة . وقد أشار الأطفال خلال الجلسة إلى أن المظاهرات قد حرمتهم من حقهم فى الخروج أو التنزه ولذلك أعلنوا ببراءة عن رغبتهم فى تنحى مبارك حتى تنتهى المظاهرات ويعاودوا ممارسة حياتهم كما كانت وهذا نص الحديث الذى دار بين الشيمى والأطفال: الشيمى : ماذا كان يحدث فى مصر الأيام اللى فاتت؟ الأطفال فى صوت واحد: ثورة ومظاهرات وناس بتموت ورعب ورصاص وقنابل وناس بتعيط بالدموع. الشيمى: يعنى أيه ثورة؟ الأطفال: الشعب يريد إسقاط النظام. الشيمى يعنى أيه؟ الأطفال: يعنى حسنى يمشى. الشيمى: إنتو كنتوا عاوزينه يمشى؟ الأطفال: أيوة يمشى الشيمى : ليه عمل أيه؟ الأطفال: يمشى عشان الناس تمشى من التحرير وماحدش يموت فى الشارع. الشيمى: يعنى أيه؟ الأطفال: يعنى ما يبقاش فى مظاهرات وإحنا نعرف نخرج نتفسح هو لو مشى الناس هتبطل مظاهرات. وقد فسرت الشيمي هذا الحديث بأن الأطفال لا يعرفون شيئا سوى حقهم فى الحركة والتنزه واللعب الآمن، مشيرة إلى أن هؤلاء الأطفال لم يكونوا مع طرف ضد طرف، ولكنهم كانوا مع "مصر" التى يريدون أن يعيشوا فيها فى حالة من السلام والأمان والحرية بغض النظر عن من يذهب ومن يأتى. وفى الجزء الثانى من الجلسة قام الأطفال بتفريغ مشاعرهم من خلال رسم أحداث الثورة كما يرونها، فكانت جميع رسومات الأطفال تتضمن الجيش بأدواته من دبابات وأسلحة، حيث أكدت الشيمى أن هذه علامة على رغبة الأطفال فى الشعور بالأمن والاطمئنان. وفى الجزء الأخير من الجلسة الحوارية قام الأطفال بأداء مسرحية عبارة عن مظاهرة، تمر بكافة المراحل بداية من المطالبة بإسقاط النظام، وصولا لخطابات الرئيس حتى إعلان التنحى، مع تمثيل المشاجرات بين الشرطة والمتظاهرين، وسقوط القتلى، ثم رفع اللافتات التى تشير إلى أن الجيش والشعب يد واحدة. وفى النهاية وجهت الدكتورة الشيمى نصائح إلى أسر الأطفال فى كيفية التعامل مع الأطفال لتجنب الآثار السلبية المترتبة على مثل هذه الأحداث، قالت: - اجعل ابنك يتحدث كثيراً ، بحيث يقول كل ما يدور في ذهنه وتصححه له ، ولا توقف حديثه مهما كان سخيفاً أو كانت الأسئلة مكررة، فربما يكون قد استمع إلى الأحداث عبر وسائل إعلام أو آخرين، ولديه رغبة في أن يكون هناك رؤية خاصة به . - إذا لم تستطع عزل الطفل عن الأحداث ، فقم بتفسير الأمر له على أنها أوقات بسيطة سوف تمر، وحدثه عن أنه في كل زمان يوجد خير وشر، قد يكون ذلك من خلال تمثيل مسرحية ينفث فيها الطفل عن مشاعره السلبية، فقد يلعب هو فيها دور الشر وتلعب الأم دور الخير الذي يقاومه ، ثم تقوم بتبديل الأدوار. - قيام الأب والأم بسرد حكايات عن الأزمات التى واجهتهم ، وكيف مرت عليهم بسلام على الرغم من أنهم كانوا يعتقدونها لن تمر. - يجب أن تحذر الأم من البكاء أو الانهيار أمام طفلها، لأن هذا يشعره بالعجز، والخوف، وبالتالي فعلى الأم التماسك قدر الإمكان.