أنفلونزا الخنازير.. وباء اجتاح العالم بأسره فتحول إلى شبح مرعب يلاحقنا أينما كنا.. كثر الحديث عنه حتى بات شغلنا الشاغل، مما ولدّ شعوراً عاماً بالتوتر والخوف وصل فى بعض الأحيان إلى المستوى «المرضى» الذى يحتاج التوقف عنده. وترى الدكتورة داليا الشيمى، مدير مركز «عين على بكرة» للمساندة النفسية والتنمية الأسرية، أن المسؤولية فى مواجهة هذا «الخوف المرضى» من أنفلونزا الخنازير تقع على عاتق عدة جهات منها الآباء والأمهات، والجهات التعليمية، والمجتمع بشكل عام. وأكدت داليا الشيمى أن الأطفال من أشد شرائح المجتمع احتياجاً للدعم النفسى فى مثل هذه الأزمات، واضعة بعض الخطوات العملية التى من خلالها يمكن أن نوفر قدراً من الأمان للطفل كى لا يشعر بالرهبة المبالغ فيها من الحياة من حوله فى الوقت الذى ينتشر فيه مرض مثل «أنفلونزا الخنازير». وأشارت إلى أن أولى تلك الخطوات، هى توفير معلومة بسيطة حقيقية للطفل حول المرض وكيفية الوقاية منه، بحيث تتناسب مع عمره دون أن تحدث له هلعاً، فضلاً عن قيام الآباء بتطمين أبنائهم بأن من يتوفى بسبب هذا المرض هم قلة بالمقارنة بالمصابين. وعلى الأم والأب أيضاً بحسب الشيمى أن يمدا الطفل بالمعلومات عما يحدث فى مدرسته من تغيير، فيصفا له إجراءات وزارة التربية والتعليم، فيما يخص الوقاية من المرض والسيطرة على انتشاره، كى يتقبل الأمر ويتفهمه، وإذا كان عمر الطفل من التاسعة فأكثر، فعلى الأبوين أن يطلبا من ابنهما تصورا يضعه هو للتعامل مع الأزمة فى المدارس. وعن دور المجتمع فى احتواء ما يمكن أن نسميه «الهلع النفسى» الذى يشعر به البعض خشية انتشار الفيروس، قالت الشيمى إن ذلك يتلخص فى التزام أجهزة الإعلام بنشر الأخبار الإيجابية مثل (شفاء بعض المصابين، أو التزام القواعد السليمة للوقاية من المرض فى إحدى المدارس)، مقترحة التوقف عن رصد حالات الإصابة والوفاة جراء المرض فى مصر، التى تصيب البعض بالرعب من احتمالية انتقال المرض إليهم، كما دعت إلى الاستعانة بعدد من الخبراء فى علم النفس والاجتماع للمشاركة فى الرد على استفسارات المواطنين عن طريق الخط الساخن الخاص بأنفلونزا الخنازير، وذلك بتقديم الدعم النفسى لهم، وعدم تهويل مخاطر الوباء فى عيونهم. واقترحت الشيمى أيضاً أن تقوم المدارس بفتح أبوابها لأولياء الأمور ولو يومين فى الأسبوع كى يطلعوا بأنفسهم على مستوى النظافة بالمدرسة ويطمئنوا على صحة أطفالهم، فيما دعت رجال الدين إلى توعية المواطنين بأهمية التوكل على الله مع الأخذ بالأسباب، وأن الحياة لا تتوقف عند مرض ما. من جهته، يرى الطبيب النفسى السعودى أحمد الحريرى على الموقع الإلكترونى الخاص به، أن بعض الأشخاص يصابون ب«توهم الأمراض» كأحد الاضطرابات النفسية التى تأخذ شكل الشكاوى الجسدية، وأضاف أن الاحترازات المبالغ فيها لدى الأشخاص والمؤسسات والأخبار المتتالية عن عدد المصابين وعدد الوفيات ومقارنتها بالدول الأخرى، تصور الكرة الأرضية وكأنها تحتضر بمن فيها بسبب «أنفلونزا الخنازير»، موضحاً أن هذا الشعور الاجتماعى الذى تواتر عليه الناس ليس له أساس من الصحة، وأن الحالة النفسية للمجتمع أو بالأصح «العقل الاجتماعى» تبنى ردة فعل مبالغاً فيها وغير طبيعية نحو المرض.