حذر الكاتب سيوماس ميلن فى مقاله بصحيفة "الجارديان" البريطانية من التدخل العسكرى الغربى فى ليبيا، قائلاً إنه سيسمم الثورة العربية، كما أنه يمثل مخاطرة بنشر الصراع وتقويض الحركة الديمقراطية. يبدأ الكاتب مقاله بالقول: كما لو أن حمامات الدم فى العراق وأفغانستان كانت حلماً مزعجاً، والتدخلات "الليبرالية" تعود من جديد. ففى ظل انقسام ليبيا الآن بسبب التمرد مع القمع وتصاعد عدد الفتلى ، فإن دعوات بوش وبلير القديمة للتدخل تعود لتلاحقنا. فالزعماء الغربيون الذين كانوا حتى قبل أسبوعين يتعاملون بسعادة مع نظام القذافى فرضوا الآن عقوبات على هذا الحاكم المستبد ويتحدثون عن محاكمته أمام المحكمة الجنائية الدولية التى لا تعترف بها الولاياتالمتحدة. ويمضى الكاتب فى القول إن الحقيقية تتمثل فى أن القوى الغربية التى دعمت الفاسدين المستبدين فى الشرق الأوسط منذ عقود تواجه الآن فقدان السلطة فى المنطقة الأكثر حساسية من الناحية الاستراتيجية فى العالم نتيجة الثورات العربية واحتمال وجود حكومات نيابية. ومن الواضح أن هذه القوى عازمة على تقدير العملية الثورية ، وجعل الأمر قاصراً على تغييرات شكلية تجميلية تسمح باستمرار السيطرة على المنطقة. ولعل تفكك النظام فى ليبيا يوفر افتتاحاً حاسماً لهذه الفكرة، والأكثر أهمية، أنه على العكس من مصر وتونس، فإن ليبيا لديها جائزة استراتيجية باعتبارها أكبر الدول النفطية فى أفريقيا، ويوفر احتمال سقوط النظام فى ليبيا الفرصة لمزيد من تدخل الغرب فى البلاد، وقد وضعت المخابرات الغربية بالفعل يدها على بعض مناطق المعارضة الليبية منذ سنوات، فى حين أن دول أخرى تواجه مخاطر الخروج من المدار الامبراطورى. لكن ليبيا لديها تاريخ من الاحتلال الأجنبى والمقاومة، وكان ثلث السكان قد قضوا تحت الاحتلال الإيطالى، ويبدو أن هؤلاء الذين يطالبون بوقاحة بعمل عسكرى فى ليبيا لا تزعجهم حقيقية أنه فى جميع أنحاء العالم العربى، يعتبر التدخل الأجنبى والاحتلال ودعم الأنظمة المستبدة هو أساس مشكلات المنطقة.