الإعلام المصرى هل نجح فى القيام بدوره فى مواجهه الاستبداد أم أنه انساق نحو تيار حكومى وفشل فى مواجهة قمعه؟ سؤال طرح نفسه فى الندوة التى عقدها مركز هشام مبارك مساء أمس تحت عنوان "دور الإعلام فى مواجهه استبداد القوانين والإجراءات الاستثنائية"، لمناقشة دور الإعلام المصرى فى مواجهة أعداء الوطن والفساد والحفاظ على الأمن القومى. والتى شارك فيها الكاتب جمال فهمى والناشطة جميلة إسماعيل ومحمد أبو العز وأحمد سيف الإنسان مدير مركز هشام مبارك والدكتور جمال نصار المستشار الإعلامى لجماعة الإخوان. أكد الكاتب جمال فهمى، على معاناة الإعلام الحر فى ظل تزاوج فيها السلطة بالمال والاستبداد الحكومى الذى تتجلى ملامحه فى "الحكم الكاشف"، الذى صدر ببراءة ممدوح إسماعيل، ليوضح الحضيض الذى هبط إليه هذا النوع من الأنظمة. وأشار فهمى إلى التراكم الطبقى فى نصوص القوانين، الذى يظهر فى وجود نصين يشيران لنفس الحكم فى مادتين مختلفتين، موضحاً مثالاً لنصوص إشاعة أخبار كاذبة التى يحاكم بها إبراهيم عيسى فى مادتين هما 102 و98 وضعت إحداهما منذ 47 سنة، فى حين وضعت الأخرى منذ 53 سنة، وهو ما يدل على عدم نظر المشرع لما يحتويه النص القديم عملاً بالمثل الشعبى "زيادة الخير خيرين". أشار فهمى، إلى وجود نصوص دستورية وضعت لتجريم أشخاص بعينهم، ووجود نصوص أخرى لخدمة أشخاص بعينهم أيضاً مثل المادة 76 من الدستور، التى تنص على أن يكون جمال مبارك هو الوحيد الذى تنطبق عليه شروط ولاية مصر، مما يؤكد أن ما نحن بصدده ليس حرية حقيقية، إنما هو تشويه يعكس نفسه على الإعلام الذى لا يمكن أن يتمتع بحرية يفتقدها المجتمع. وقال جمال نصار المستشار الإعلامى لجماعة الإخوان المسلمين، إن دور الإعلام فى كشف الحقائق يفتقد إليه الإعلام المصرى حالياً، رغم تعدد أشكال ووسائل وجودها داخل منظمة لا يسمح من خلالها رفع الصوت، خاصة فى ظل القمع والمحاكمات العسكرية، حتى أنها لم تسمح لشباب الإنترنت بأن يكون لهم أى صوت، فمنهم من هم رهن الاعتقال ومنهم من يمارس معهم الإرهاب، مشيراً لتجربته فى الاعتقال التى على أثرها، أغلق موقع إخوان أون لاين. أوصى جمال نصار بضرورة أن يمارس الإعلام دوره بكل الوسائل الممكنة والقوى الشرعية، من خلال القنوات الفضائية وغيرها لمجابه الطاغوت بالوسائل التكنولوجية المختلفة مثل المدونات والفيس بوك، بجانب وسائل الإعلام الأخرى التى تعرف معنى السياسة الإصلاحية، بالإضافة لتغيير عناصر الإعلام المتمثلة فى المرسل والمستقبل والرسالة، بحيث يكون هدفها تحريك الوعى السياسى بعيداً عن ضيق الحريات، مشيراً لثمن الحرية الغالى، الذى يجب أن يدفعه الراغبون فيها. ومن جانبها، أكدت جميله إسماعيل أن قمع الإعلام قائم قبل وثيقة البث بسنوات، مشيرة إلى الضغوط التى يتعرض لها الإعلاميون منذ سنوات، وفى مقدمتهم إعلاميو قناة الجزيرة، نتيجة الفهم العام على أنها قناة تكشف الحقيقة وتعرض الواقع بمنتهى الشفافية. وقالت جميلة إن ما يذاع ما هو إلا مونتاج لمسلسل حدثى كامل، ليصبح الناتج مادة غير معبرة عما يحدث، فى حين نجد قنوات غير عربية تعرض تقارير لما يحدث بواقعية، ليكشف أن ما يحدث فى القنوات العربية يتم بناء على توجهات من رؤساء المكاتب، وهو ما يؤكد أذن الوثيقة ما هى إلا إسدال ستار لكل ما يحدث فى مصر. تعجب أحمد سيف الإسلام، مدير مركز هشام مبارك من السياسية التى بموجبها تصدر دساتير جديدة دون مراجعه القوانين للدساتير السابقة، تاركة هذه المهمة إلى الأفراد، فى حين لم تراع انسجام الشعب مع تلك الدساتير، حيث ترسل مسودات القانون ليلاً لمجلس الشعب ليسنها مثل قوانين "البث الفضائى وتداول المعلومات والإرهاب". وانتقد سيف الإسلام التعنت الواضح فى القوانين التى لا تعطى للأفراد الحق فى إنشاء الصحف وتقصره على الشركات، فى نفس الوقت الذى تخضع فيه سلطة إعطاء التراخيص للسلطة التنفيذية التى تمنح من تشاء وتمنع من تشاء. كما أشار إلى قوانين الاستبداد، كقانون التجمهر الذى وضع قبل تداعيات الحرب العالمية الأولى من قبل العدو لوضع حد للاعتصامات المصرية ضده، وتطبقه مصر الآن على المصريين أنفسهم، عوضاً عن قانون الطوارئ الذى سيعطى الحق الكامل للجهات الإدارية فى مراقبة كل الرسائل دون أى قيود، بالإضافة لقوانين أخرى سمتها التضييق والملاحقة، مثل قوانين ملاحقة الصحف التى تقضى بملاحقة الجريدة إذا نشرت أى تقارير غير تابعه للجهاز المركزى للمحاسبات. وأدان سيف الإسلام الحكومة التى لا تريد الإنفاق لإحداث صيانة حقيقية على وسائل النقل فيما يتعلق بحوادث القطار وغياب النص القانونى، الذى يلاحق مرتكبى حادث العبارة والقطار وغيرها من الحوادث.