أخبار مصر اليوم: الحكومة تطالب التجار بتخفيض أسعار السلع.. تجدد انقطاع الكهرباء في عدة مناطق بالجيزة.. مفاجأة صادمة بشأن الحد الأدنى للقبول بكليات الطب.. ودرجات الحرارة غدا    الكهرباء: 65 مولدا متنقلا وتأمين مصدر تغذية إضافي لمحطة جزيرة الدهب    السيسي: التسوية العادلة للقضية الفلسطينية السبيل الوحيد لتحقيق السلام في الشرق الأوسط    باريس سان جيرمان يقرر عدم التعاقد مع بديل لأشرف حكيمي    أرقام أحمد ربيع مع البنك الأهلي بعد انضمامه إلى الزمالك    السيطرة على حريق اندلع في محول كهرباء بالجيزة    رئيس حزب الجبهة: الدول التي تسقط لا تنهض مجددًا وتجربة مصر العمرانية الأنجح    برلماني: كان الأولى إغلاق السفارات الإسرائيلية ولكنهم ينفذون أجندة صهيونية    حزب الجبهة الوطنية: دعوات "الإرهابية" للتظاهر أمام السفارات المصرية "تحريضية" ولا تدعم القضية الفلسطينية    أمن أسوان يبحث لغز العثور على جثة شاب بين العمارات بمنطقة الصداقة    يبدأ العمل بها 1 أكتوبر .. تعرف علي أسباب إنشاء المحاكم العمالية بالمحافظات واختصاصاتها    هل ال5 سنوات ضمن مدة العمل؟.. تعرف على موقف نواب "الشيوخ" العاملين بالحكومة    «شيكودى» يغيب عن بتروجت 3 أشهر للإصابة    ترامب: عقوبات جديدة على روسيا ما لم تنه الحرب في 10 أيام    مدير "بروكسل للبحوث": فرنسا فقدت ثقتها في حكومة نتنياهو    «التعليم» تحدد موعد بداية العام الدراسي الجديد 2025-2026.. (الخريطة الزمنية)    إصابة 3 أشخاص بطلقات نارية فى مشاجرة بمدينة إدفو بأسوان    السفير المصرى لدى لبنان يعزي النجمة فيروز في وفاة نجلها زياد الرحباني    "جالي فيروس".. صبري عبد المنعم يكشف تطورات حالته الصحية    عمرو دياب vs تامر حسني.. من يفوز في سباق «التريند»؟    السياحة: وضع خطة تسويقية متكاملة لمتحف الحضارة    خالد الجندي : الذكاء الاصطناعي لا يصلح لإصدار الفتاوى ويفتقر لتقييم المواقف    أمين الفتوى : الشبكة ليست هدية بل جزء من المهر يرد فى هذه الحالة    ما الذي يُفِيدُه حديث النبي: (أفضل الأعمال الصلاة على وقتها)؟.. الإفتاء توضح    هل يُحاسب الطفل على الحسنات والسيئات قبل البلوغ؟    تحذير عالمي| سرطان الكبد يهدد جيل الشباب    لمرضى التهاب المفاصل.. 4 أطعمة يجب الابتعاد عنها    رئيس جامعة برج العرب في زيارة رسمية لوكالة الفضاء المصرية    الغندور: صفقة تاريخية على وشك الانضمام للزمالك في انتقال حر    نقابة المهن التمثيلية تهنئ الفائزين بجوائز الدولة التقديرية فى الفنون والآداب    سعر ومواصفات 5 طرازات من شيرى منهم طراز كهرباء يطرح لأول مرة فى مصر    نصائح للاستفادة من عطلات نهاية الأسبوع في أغسطس    حكم الرضاعة من الخالة وما يترتب عليه من أحكام؟.. محمد علي يوضح    بدء انتخابات التجديد النصفى على عضوية مجلس نقابة المهن الموسيقية    من أجل قيد الصفقة الجديدة.. الزمالك يستقر على إعارة محترفه (خاص)    ضخ المياه بعد انتهاء إصلاح كسر خط رئيسى فى المنصورة    تأجيل محاكمة المتهم بإنهاء حياة شاب بمقابر الزرزمون بالشرقية    20% من صادرات العالم.. مصر تتصدر المركز الأول عالميًا في تصدير بودرة الخبز المُحضَّرة في 2024    وزارة الأوقاف تعقد (684) ندوة علمية بعنوان: "خيرُكم خيرُكم لأهله وأنا خيرُكم لأهلي"    حتى لا تسقط حكومته.. كيف استغل نتنياهو عطلة الكنيست لتمرير قرارات غزة؟    وزير العمل: مدرسة السويدي للتكنولوجيا تمثل تجربة فريدة وناجحة    خاص.. الزمالك يفتح الباب أمام رحيل حارسه لنادي بيراميدز    "ياعم حرام عليك".. تعليق ناري من شوبير على زيارة صلاح للمعبد البوذي    أمين الفتوى: مخالفات المرور الجسيمة إثم شرعي وليست مجرد تجاوز قانوني    38 قتيلا حصيلة ضحايا الأمطار الغزيرة والفيضانات العارمة فى الصين    وزير الدفاع يلتقي رئيس هيئة الأركان المشتركة الباكستانية - تفاصيل المناقشات    برلمانية تطالب بإصدار قرار وزاري يُلزم بلم شمل الأشقاء في مدرسة واحدة    الأمراض المتوطنة.. مذكرة تفاهم بين معهد تيودور بلهارس وجامعة ووهان الصينية    بالأرقام.. رئيس هيئة الإسعاف يكشف تفاصيل نقل الأطفال المبتسرين منذ بداية 2025    منال عوض: تمويل 16 مشروعا للتنمية بمصر ب500 مليون دولار    جولة مفاجئة لمحافظ الدقهلية للوقوف على أعمال تطوير شارع الجلاء بالمنصورة    مقتل وإصابة خمسة أشخاص في إطلاق نار بولاية نيفادا الأمريكية    مجمع إعلام القليوبية يطلق أولى فعاليات الحملة الإعلامية «صوتك فارق»    «بيفكروا كتير بعد نصف الليل».. 5 أبراج بتحب السهر ليلًا    أُسدل الستار.. حُكم نهائي في نزاع قضائي طويل بين الأهلي وعبدالله السعيد    أسعار الأسماك اليوم الثلاثاء 29 يوليو 2025 في شمال سيناء    الكهرباء: الانتهاء من الأعمال بمحطة جزيرة الذهب مساء اليوم    السيطرة على حريق بمولد كهرباء بقرية الثمانين في الوادي الجديد وتوفير البديل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"ستات الشاى" فى السودان
نشر في اليوم السابع يوم 30 - 07 - 2008

تشن وزارة الرعاية الاجتماعية بالسودان هذه الأيام، حملة واسعة على بائعات الشاى اللواتى يملئن العاصمة الخرطوم، وتهدف الوزارة من هذه الحملة، تجميل الوجه الحضارى للعاصمة، والتخلص من الآثار السلبية لهذه المهنة، وتقول سامية أحمد محمد وزيرة الرعاية الاجتماعية إن السيدات اللائى يبعن الشاى فى الشوارع، يشوهن وجه الخرطوم الحضارى، ويساعدن على البطالة، وأن هذه الأماكن تعد إفرازات قاتلة تؤثر على الأمن وسلامة المجتمع من ممارسات غير أخلاقية مثل الدعارة وشبكات بيع الخمور، وتمثل هذه البيئة مكاناً صالحاً لتسريب المعلومات الأمنية والطابور الخامس. كما تؤكد د.سامية هبانى، وزيرة الرعاية الاجتماعية بولاية الخرطوم، أن هذه المهنة تعد بثوراً فى وجه العاصمة.
بيع الشاى مهنة متعارف عليها فى السودان منذ سنين طويلة، فعندما تسافر إلى الخرطوم أول ما يلفت انتباهك سيدات يجلسن فى شوارع العاصمة السودانية لبيع الشاى، تعمل بها السيدات خاصة المطلقات والأرامل اللاتى ضاقت بهن سبل العيش، ويطلق عليهن فى السودان "ستات الشاى"، وفى بلد مثل السودان تمنع عاداته وتقاليده والتزامه الدينى مثل هذه الأعمال للسيدات، يتبادر تساؤل عن الأسباب التى دفعت هؤلاء النساء لمثل هذا المهنة. يقول أهل الخرطوم إن النساء الأرامل والمطلقات يلجأن إلى ذلك هرباً من ظروفهن المعيشية الصعبة، ولذلك تخرج المرأة التى فقدت زوجها إلى بيع الشاى حتى تستطيع تربية أطفالها وتعليمهم.
تراها وقد افترشت الأرض، وأمامها ما يسمونه فى السودان "عدة الشاى" التى تتكون من موقد غاز وإبريق شاى كبير وأكواب ودلو به ماء، ويلتف حولها الراغبون فى تناول الشاى.
يلقى أولئك النسوة تعاطفًا كبيرًا من الأهالى نظراًً لظروفهن الصعبة، لكن فى الوقت نفسه يهاجمهن البعض على اعتبار أن الجلسات معهن، تكون فرصة لتناول بعض الشباب للمواد المخدرة والمسكرة، وتبقى هذه الحالة فردية واستثنائية.
حاولنا الاقتراب من هذه الظاهرة رغم حساسية مناقشتها إعلامياً، وتحديداً الإعلام خارج السودان، خاصة أننا نناقش موضوعاً يمس سمعة المرأة السودانية فى المقام الأول.
الشاى أنقذنى من التسول
جلست مع إحدى السيدات بالقرب من أحد المبانى الحكومية، امرأة فى الأربعينيات من العمر بشوشة الوجه استقبلتنى برحابة أدهشتنى، وعندما ذكرت لها أننى أريد أن أتحدث معها عن هذه المهنة، ولماذا اختارتها، لم تتكدر أو تعترض، بل حافظت على بشاشة وجهها الشىء، الذى ينم عن طيبة وبساطة أهل السودان، الخالة رقية دليل متزوجة ولها ابن وأربع بنات، الابن الأكبر متزوج وله أطفال، والابنة الكبرى أيضاً لها ابنة فى الجامعة وأخرى لم تدخل الجامعة بسبب الظروف المعيشية الضيقة، والصغرى أيضاً تعمل فى بيع الشاى، زوجها كان يعمل فى مصنع للزيوت وتعرض لحادث سنة 1992، ومنذ ذلك الوقت وهو لا يعمل وهى تتحمل المسئولية كاملة.
تقول أعمل فراشة فى مصلحة حكومية براتب 100 جنيه سودانى (حوالى 50 دولاراً)، لذا بعد أن أكمل عمل النظافة، أخرج لبيع الشاى بجانب المصلحة وأكسب فى اليوم تقريباً 8 جنيهات سودانى (4 دولارات تقريباً) وهى قليلة، لكن أحسن من التسول.
رجال البلدية.. المشكلة الكبرى
وعن المشاكل التى تواجهها العاملات بهذا العمل، أجمعت كل السيدات على أن مطاردة رجال البلدية لهن هى المشكلة الكبرى، فسارة إدوارد التى تعمل بهذه المهنة منذ 3 سنوات، تقول إن مشاكلها معهم لا تنتهى، وقد تعرضت الأدوات التى تستخدمها للمصادرة أكثر من مرة، ولكن أهل الخير كانوا يساعدونها على شراء أدوات جديدة.
ونفس المشكلة أكدت عليها سيدة أخرى تدعى حواء حيث تساءلت، ما البديل إذا لم يتركنا رجال البلدية نعمل فى هدوء؟، وأجابت على نفسها قائلة: سنضطر أن نلجأ إلى التسول وعندئذ سيطاردوننا أيضاً، إذن فليتركونا نعمل وهذا أفضل من التسول.
أما زينب آدم فى الأربعينيات من العمر مطلقة ولها 5 أطفال مسئولة عن تربيتهم، فقد صرخت بأعلى صوتها، "لقد مللنا لعبة القط والفأر مع البلدية"، مشيرة إلى لجوئها لدكاكين الجملة التى تجلس بجوارها للتخفى داخلها عندما يظهر رجال البلدية.
العربات هى الحل
إذا كان هذا هو حال معظم بائعات الشاى فى السودان، فإن البائعات بمنطقة الكلاكلة إحدى المناطق الشعبية على أطراف الخرطوم أسعد حظاً، فقد بدأت البلدية توفر لهم عربات لبيع الشاى بالتقسيط، كما تخصص لتلك العربات مكاناً وتمنح البائعين تراخيص. والعربة مجهزة بعدة شاى نظيفة، بالإضافة إلى موقد غاز لعمل الشاى.
وعن هذه التجربة تقول كل من إسراء إبراهيم ومحاسن كمال، نحن سعداء جداً بهذه التجربة التى رحمتنا من مطاردة رجال البلدية، وجعلت لنا وضعاً قانونياً بالشارع.
وتضيف فاطمة عبد اللطيف أنا أسكن فى أم درمان، وأسافر يومياً للعمل بمنطقة الكلاكلة، رغم بُعد المنطقتين عن بعضهما لما يقرب من مسافة ساعتين بالمواصلات، وذلك لأن المحليات بالكلاكلة توفر العربات، وهى لا تريد العمل إلا بها، لأنها أكثر سترة وأحسن من الشارع.
محاولات للتجميل.. ولكن
من جانبها، أعربت الحكومة السودانية عن عزمها تعميم تجربة العربات لضمان النظافة والحفاظ على صورة السيدة نفسها، حيث قالت سامية أحمد محمد وزيرة الرعاية الاجتماعية السودانية لليوم السابع، نحاول تمكين جميع السيدات من هذه العربة عن طريق مؤسسة الزكاة، وكذلك الاتحاد العام للمرأة السودانية، حتى نضمن للمرأة احترامها بالشارع ونظافتها ونظافة الخدمة التى تقدمها، ونعطى للعاصمة وجهاً حضارياً.
ولكن رغم ذلك، فإن السؤال الذى يطرح نفسه هو، هل هذا كل ما تريده سيدات السودان؟ أم أن الأمر أعمق من ذلك، ويتطلب علاجاً جذرياً للأسباب الحقيقية التى دفعت هؤلاء السيدات للجوء لهذه المهنة؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.