وفى ما يلى نص كلمة الرئيس مبارك بمناسبة تكريم الدكتور مجدى يعقوب ومنحه قلادة النيل العظمى: - الإخوة والأخوات.. نلتقى اليوم تكريما للدكتور مجدى حبيب يعقوب.. واحتفاء به.. ابنا بارا من أبناء مصر.. ونبتة طيبة من أرض الوطن.. نحتفل به ونكرمه.. رمزا بين رموز عديدة على أصالة هذا الشعب العريق وعطاء أبنائه.. وعلى تنوع مجالات تميز المصريين ونبوغهم.. وقدرتهم على مواكبة أحدث علوم العصر وتقنياته.. بل والمساهمة فى تطويرها والإضافة إليها. أنجبت مدينة (بلبيس) هذا الابن البار.. فى منتصف ثلاثينات القرن الماضى.. لعائلة مصرية قبطية تأتى أصولها من (أسيوط)، درس الطب بجامعة القاهرة كآلاف المصريين.. واستكمل دراساته فى (شيكاغو)، ومنها إلى (لندن).. فأثبت منذ سنوات الستينات اجتهادا ومثابرة ونبوغا.. وصار علما من أعلام الطب.. واستشاريا لأمراض القلب.. ورائدا من رواد جراحات نقل الأعضاء وزرع الخلايا الجذعية. حصل الدكتور مجدى يعقوب على ألقاب ودرجات شرفية رفيعة.. من جامعات عديدة على اتساع العالم.. منحته الملكة إليزابيث الثانية لقب (فارس ) عام 1992.. وحاز جائزة (فخر بريطانيا) عام 2007. يطلق عليه الإعلام البريطانى لقب.. (ملك القلوب).. ونحن - هنا فى مصر - نحمل له فى قلوبنا الاعتزاز بانتمائه لوطنه الأم.. فبرغم ما حازه من مجد وشهرة فى بريطانيا والعالم.. لأكثر من نصف القرن.. فإن زياراته لم تنقطع لهذه الأرض الطيبة.. أجرى العديد من جراحات القلب المفتوح لبنى وطنه.. بالمجان.. ثم عاد لبلده بعد رحلة حياة شاقة وناجحة.. لينشئ على أرض (أسوان) مركزا لجراحات القلب.. لعلاج الحالات الحرجة لغير القادرين.. كما شرع فى إنشاء مركز آخر - ملحق به - لدراسات وأبحاث أمراض القلب. وفضلا عن ذلك.. فقد أطلق الدكتور مجدى يعقوب مبادرته الإنسانية.. (سلسلة الأمل).. فى عمل خيرى عالمى رائد.. يرعى مرضى القلب من الأطفال بالعديد من الدول النامية.. ويسهم فى إتاحة الرعاية الصحية وتنمية المجتمعات المحلية بهذه الدول. - الإخوة والأخوات.. إننى أطرح هذا النموذج للنجاح أمام شبابنا.. بما ينطوى عليه من رسائل ودلالات ومعانٍ. هو نموذج للتصميم ووضوح الرؤية للمستقبل.. فلقد قرر (السير مجدى يعقوب) - منذ سنوات شبابه المبكرة - أن يكون جراحا.. كوالده.. وعندما توفت إحدى عماته بضيق فى صمام القلب.. قرر أن يصبح جراحا فى هذا التخصص بالذات.. درس واجتهد وثابر.. فتحقق له ما تطلع إليه .. وصار علما من أعلام جراحات القلب على مستوى العالم. وهو نموذج رفيع للاقتناع بقيم الإنسانية .. ووحدة أبناء البشر.. كان من السهل على عالم كبير مثله.. أن يكتفى بما ناله من شهرة ومال ومكانة.. لكنه أبى إلا أن يكون بين أطفال فقراء العالم.. يعطيهم من علمه ووقته وخبرته.. ليعالجهم دون مقابل. وهو فوق كل ذلك.. نموذج راق للإخلاص لمصر.. وللبسطاء من أبنائها.. لم ينشغل عنها أو عنهم.. ولم يتعال عليهم أو يكتف بالحديث عن معاناتهم.. لم يقل "إنى" أو "أنا".. ولم يبتغ مغنما أو مصلحة ذاتية.. عمل فى صمت.. دون صخب أو ضجيج.. وذهب إلى أقصى صعيد مصر.. فأقام مركزا متطورا لجراحات القلب.. شارك فى تمويل نفقاته من حر ماله.. يعالج الفقراء بالمجان.. ويسهم فى تدريب جيل جديد.. من الأطباء وأطقم التمريض. خلال عام واحد.. أجرى البروفسور مجدى يعقوب ومعاونوه.. (190) عملية قلب مفتوح.. ونحو (450) عملية قسطرة.. كما فحص أكثر من (3000) حالة ممن يعانون أمراض القلب.. كانت الغالبية العظمى منهم من أبناء الصعيد.. لا فارق بين مسلميهم وأقباطهم. وبالإضافة إلى ذلك.. فقد تبنت "مؤسسة مجدى يعقوب" الخيرية.. بالتعاون مع "مكتبة الإسكندرية".. برنامجا لأمراض القلب الوراثية على المستوى القومى.. بدءا بمحافظات أسوانوالقاهرةوالإسكندرية والمنوفية.. أسهم - حتى الآن - فى متابعة حالات أكثر من (1600) من الأسر المصرية. - السيدات والسادة.. لقد برهن الدكتور مجدى يعقوب على إحساس وطنى عال.. وإدراك لما يقترن بالشهرة والنجاح.. من مسئولية اجتماعية وأخلاقية وإنسانية. كما برهن على أن العمل من أجل الوطن.. والبسطاء من أبناء الشعب.. يتجاوز المفهوم التقليدى للعمل الخيرى.. لمفهوم أكثر شمولا.. يقرن الأقوال بالأفعال.. ويسهم فى تغيير ملموس للواقع.. على نحو عملى.. وعلى الأرض.. إننى أدعو الحكومة والقطاع الخاص.. للوقوف إلى جانب هذا النموذج الناجح.. أدعوهم لمساندة الجهود التى يبذلها الدكتور يعقوب.. لتعبئة الموارد المالية.. وأتطلع لافتتاح "مركز أسوان لدراسات أمراض القلب".. ليصبح مع المركز الجراحى القائم حاليا.. نواة لمركز طبى عالمى.. يقوم ويتوسع على أرض الصعيد.. إن الدولة تبذل أقصى جهدها للارتقاء بالتعليم.. بما فى ذلك العلوم الطبية.. نجتهد للنهوض بالرعاية الصحية لأبناء الشعب.. وفق رؤية واضحة لنهضة مصرية شاملة.. تدفع بمجتمعنا إلى الأمام. لكن جهود الدولة تظل فى حاجة ماسة.. لجهود موازية وداعمة.. للقطاع الخاص والمجتمع المدنى المصرى.. ولكل عطاء مخلص وجاد لأبناء الوطن. إن هذا التكريم الذى أشارك فيه اليوم.. هو تكريم يأتى - بحق - عن جدارة واستحقاق.. وهو تكريم ليس للدكتور مجدى يعقوب.. فحسب.. وإنما لما يرمز إليه من عطاء مصرى أصيل.. لهذه الأرض الطيبة.. ولشعبها العريق. نكرم الدكتور مجدى يعقوب.. ابنا نابغا وأصيلا من أبناء مصر.. ونموذجا للنجاح والعطاء للوطن.. ونكرم فى شخصه فريقه ومعاونيه.. والداعمين لأنشطته بالمال والجهود. نكرم فى شخصه.. العديد من أبناء مصر النابغين.. ممن يجتهدون على أرضها.. أو يسهمون بعطائهم خارج حدودها.. فيحملون معهم اسم مصر.. ويحوزون تقدير وإعجاب العالم. إننى أقوم اليوم بتقليد الدكتور مجدى يعقوب.. قلادة النيل العظمى.. أعلى أوسمة الوطن .. لا تمنحها مصر سوى لرؤساء الدول.. ولمن يقدمون الخدمات الجليلة للوطن والإنسانية.. أقوم بتقليده أمامكم هذه القلادة الرفيعة.. تقديرا لمكانته العلمية وإسهاماته للطب والإنسانية.. وتعبيرا عن الإشادة والامتنان.. لما قدمه للوطن وأبنائه من بذل وعطاء. حفظ الله مصر.. وجعل لها من أبنائها ذخرا وسندا.. جيلا بعد جيل. أشكركم....