قال الناقد الدكتور عبد المنعم تليمة، إن مصر هى الدولة الوحيدة التى لم تشهد على مدار تاريخها الحضارى أية حركات انفصالية أو حروب أهلية، مضيفا أنها لم تغب عن التاريخ يوماً على الرغم مما يحدث لها من مراحل صعود وهبوط متباينة، ولهذا ستبقى فى رباط ليوم الدين. وأشار تليمة، خلال الجلسة الأولى من مؤتمر "صورة الوحدة الوطنية فى الأدب المصرى"، والذى ينظمه اتحاد الكتاب وعُقدت ظهر اليوم، إلى أن مصر شهدت نهضة حقيقية قبل مجىء الحملة الفرنسية إليها، مضيفا أن ما يروجه البعض بأن مدافع نابليون هى سر الحداثة والنهوض فى مصر "أكذوبة"، وذلك لأن مصر عرفت التنوير والحداثة من خلال أفكار وحرف وصناعات أهلها فى تلك الحقبة. وأوضح تليمة أن مصر تعيش حالة من التنوع الدينى منذ آلاف السنين، لافتاً إلى أن مثقفى مصر ومبدعيها عبّروا فى أعمالهم عن غايات النهضة الأربع وهى "تحرير الوطن وتحديث المتجمع المصرى وتفعيل الفكر، وأخيرا توحيد الأمة". واتفق معه الدكتور حامد أبو أحمد، قائلاً: ما حدث فى الانتخابات البرلمانية الأخيرة جعلنى أدرك تماما أن المجتمع المصرى سيشهد حالة من الاضطرابات خلال الفترة القادمة، فلا يعقل أن تُزيف الانتخابات بهذه الطريقة على مرأى ومسمع من الحكومة، وبالرغم من ذلك يعلن المسئولون أن مصر شهدت أنزه انتخابات برلمانية على مر تاريخها. وأضاف أبو أحمد أن الحادثة التى وقعت فى الإسكندرية مؤخراً كانت بمثابة انفجار لم تشهده مصر من قبل، مرجعاً ذلك للظروف التى نعيشها الآن والتى تنبئ جميعها بحدوث مثل تلك "الكوارث". وأوضح أبو أحمد أنه لا يمكننا القول بأننا نحيا فى عصر ديمقراطى، وذلك لأن الديمقراطية الحقيقية لا تفرز مثل هذه النماذج، قائلاً: لو افترضنا أن القائم بهذه العملية من خارج مصر، فبالتأكيد هناك عناصر فى الداخل سهلت له المهمة. وأضاف أبو أحمد أن القضية أكبر من أن يتم إخمادها بواسطة قبلة من شيخ الأزهر للبابا أو حشد المثقفين ورجال الدين وتنظيم زيارة للكنائس، لأن المشكلة الحقيقية تكمن فى الشباب الذى لا يجد وسيلة لتفريغ طاقته، متسائلاً: هل الدولة التى تحارب الإرهاب الآن فعلت شيئاً من أجل الثقافة؟ فى حين قال الناقد أحمد عبد الرازق، إنه على الرغم من أن هناك أعمالا مسرحية كثيرة تتناول علاقة الأقباط بالمسلمين فى مصر وتجسد حالتهم، إلا أنها لم تُحدث الأثر المطلوب، مشيراً إلى أن كل ما يسمى بالمسرح الإسلامى أو الكنسى عبارة عن نشاط مسرحى يعمل فى الخفاء وخارج إطار الوحدة الوطنية، مضيفا أن الأدب لن يتصدى للإرهاب إلا إذا توافرت مجموعة شروط، وهى أولاً أن نتخلص من الكلام المنمق الذى يبعدنا عن القضية الحقيقية، وثانيا أن نعمق فكرة الديمقراطية والتعددية الفكرية والدينية. بينما قال الناقد الدكتور حسام عقل، إن ما حدث فى الإسكندرية لا يمكن أن يكون صناعة مصرية، وذلك لأن المواطن المصرى مسالم بطبيعته لا يقوى على ارتكاب جريمة كهذه. وتحدث عقل عن صورة الأقباط والمسلمين فى أعمال نجيب محفوظ، قائلاً إنها جاءت لتبين مدى الترابط والتلاحم بين الطرفين، مشيراً إلى مقولة محفوظ فى الثلاثية: " الأقباط يلتمسون الأمان وأخشى ألا يظفرون به". ودعا عقل إلى فتح الحوار المتبادل بين المثقفين والتيارات المتشددة حتى يردوهم إلى عقولهم وإلى حياة الوسطية والاعتدال التى عرفتها مصر قديما.