في إطار احتفالاتها بعيد العلم، أقامت جامعة القاهرة "مقهي ثقافي"، للاحتفاء بالنوابغ من خريجي الجامعة في جميع المجالات، خصصت إحدي جلساته أقيمت بكلية الآداب، للاحتفاء بالروائي نجيب محفوظ، والدكتورة سهير القلماوي، وعميد الأدب العربي طه حسين، بينما خصصت جلسة أخري، أقيمت بكلية العلوم، للاحتفاء بالعالم علي مصطفي مشرفة. حضر الجلسة الأولي من المقهي الثقافي، الدكاترة عبد المنعم تليمة، وعصام حمزة وعبد الله التطاوي وحسين نصار، وهي الجلسة التي اعتذر عنها الدكتور جابر عصفور لظروف مرضية. تحدث الدكتور عبد المنعم تليمة عن منهج الدكتور طه حسين في كتاباته، التي نشد فيها النهضة والتقدم، ولخص هذا المنهج في أربعة ملامح أساسية جمل هي: "تحرير الوطن" و"توحيد الأمة" و"تحديث المجتمع" و"إعمال العقل"، وأضاف أن طه حسين كانت له نظرة عميقة للأشياء وللمستقبل، حتي إنه تنبأ بكل ما يحدث الآن في عصرنا، واستحدث أسلوبا ومنهجا خاصا به، يعتمد علي المنهج النقدي التقويمي، فكان الرائد الذي نضج نضجا واعيا، ووصفه بأنه الابن البكر لجامعة القاهرة، ممن حملوا شهادة الدكتوراه عام 1912، حيث أجيزت له أول دكتوراه في تاريخ الجامعة. وتحدث تليمة عن الدكتورة سهير القلماوي قائلا: أما المفكرة المبدعة والأنثي الجريئة سهير القلماوي، التي ولدت لأب كردي وأم شركسية، والتي كانت البنت الوحيدة بين 14 زميلا من الشباب، في قسم اللغة العربية بكلية الآداب، الذي كان يرأسه وقتها الدكتور طه حسين. وأضاف: كانت القلماوي أول من بشر بالأدب المقارن، وتآزر الفنون وتداخل الأنواع الأدبية، وهذا استشراف لشخصية غير اعتيادية، تتنبأ بما لن يحدث في عصرها، وإنما في عصور تلتها. واستطرد تليمة: كانت القلماوي رائدة للحركة النسائية العربية وليست المصرية فقط، فألهمت الكثيرات من النساء العربيات، اللائي حذون حذوها فيما بعد وكانت اليد اليمني للمناضلة هدي شعراوي، فاستحقت عن جدارة أن يسجل التاريخ اسمها. وتطرق تليمة إلي الحديث عن محفوظ الذي تخرج عام 1934 في قسم الفلسفة من جامعة القاهرة، وقرر ان يكتب علي غير تقليدية ودون التقيد بفكرة أو مبدأ سوي إيمانه العميق بأهمية ما يقوم به فاستلهم من موروثنا الشعبي والتاريخي والديني، ما أضفي به لمحات فريدة علي أعماله الإبداعية الخالدة، ليبدع لنا هذه الروائع الخالدة، وجعل من رواياته حجرًا بناء في تاريخ الرواية في العالم، حتي إن رواياته المترجمة مازالت هي الأعلي مبيعا بين الكتاب العرب في العالم حتي يومنا هذا. وتحدث الدكتور حسين نصار عن ذكرياته مع هؤلاء الرواد، فسرد موقفا للدكتور طه حسين يدل علي جسارة وشجاعة ونبل هذا الرجل، عندما عرض عليه تولي وزارة المعارف في فترة من فترات حياته، وكان هناك تقليد آنذاك أنه من يتولي الوزراة يجب أن يلقي خطبة العرش، التي يقول فيها ما له وما عليه، وأن يشكر الجهات المسئولة عن إلحاقه بهذه المهنة المرموقة، فأبي حسين أن يلقي هذه الخطبة، إلا إذا تضمنت قبول اقتراحه المقدم للحكومة عن مجانية التعليم، وبالفعل قبل الاقتراح وتم تضمينه في الخطبة. وعن الدكتورة سهير القلماوي قال: كانت أستاذتي عندما كنت طالبا، وأذكر أنني كنت معيدا صغيرا أنا والدكتور أحمد مرسي وأحد أصدقائنا، وطرحت علينا جميعا سؤالا، فأجاب صديقنا إجابة لا تحمل أي شبهة صحة، مما جعلنا نضحك ساخرين من إجابته، وعندما انصرف استدعتنا الدكتورة ووبختنا بشدة، عما بدر منا في حق زميلنا، مؤكدة أننا لا يجب أن نسخر من شخص حاول الوصول للمعرفة، حتي وإن أخطأ في الإجابة، فلا يحق لنا ان نزعزع ثقته بنفسه. أما الجلسة الثانية من المقهي الثقافي، التي تناولت حياة العالم الجليل علي مصطفي مشرفة، فحضرها كل من الدكاترة: هبة نصار وهلال أبو الدهب وعزة الأمين وعادل وقامت الدكتورة هبة نصار بتكريم كل من الدكتورة سلوي ابنة الدكتور مشرفة، والدكتور عطية مشرفة ابن شقيقه، وعطية عاشور صديقه. وتحدث الدكتور هلال أبو الدهب عن الدكتور مشرفة قائلا: كان العالم أينشتاين صاحب نظرية النسبية، يتابع أبحاث مشرفة، ووصفه بأنه واحد من أعظم علماء الفيزياء، وانتخب في عام 1936 عميداً لكلية العلوم، فأصبح بذلك أول عميد مصري لها. ووصفه أبو الدهب بأنه كان بالفعل أفضل من أينشتاين وأهم، وقد قال مشرفة عن اينشتاين عند وفاته: "لا تقولوا مات وإن كان هذا حقيقي، فإنه رجل رائع وأبحاثه كانت مهمة للغاية، ذات قدر كبير من العمق، وهو عالم من أعظم علماء الفيزياء الذين لم أقابلهم، ولكني تابعت أبحاثهم". ونفت الدكتورة سلوي مشرفة في ردها علي بعض الأسئلة وجود أي شبهة جنائية أو محاولة اغتيال في وفاة والدها، قائلة: لقد توفي في بيته وعلي سريره، وعلي مرأي ومسمع مني أنا شخصيا، فقد كان يشرب الشاي أمامي وتوفي فجأة، وكنا نعلم أن لديه مشاكل في القلب، وكان يسافر إلي سويسرا ليعالج هناك. وعن أبحاثه التي لم تستكمل، فقد كنت أبلغ عامين فقط عندما مات، وكان ابن عمي الدكتور عادل يبلغ الثانية عشرة، وساد الهرج والمرج في البيت بعد وفاته، وكل ما أعرفه من والدتي أنه كان يعمل علي بحث مهم جدا، كما كان يقول كان سينقل مصر نقلة مهمة، وكان ينادي دائما بالبحث عن اليورانيوم في الصحراء الشرقية.